هاجم نداف أرغمان، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقال إنه يصر على البقاء في محور صلاح الدين (فيلادلفي) الحدودي بين مصر وقطاع غزة، “للحفاظ على حكومته من الانهيار”. ودعا أرغمان، الذي شغل منصب رئيس الشاباك بين 2016 ـ 2021، إلى وقف حرب غزة فورا والانسحاب من القطاع وإعادة الأسرى الإسرائيليين.
وفي مقابلة أجرتها معه القناة “12” العبرية الخاصة مساء أمس الجمعة، دحض أرغمان المزاعم التي رددها نتنياهو خلال مؤتمر صحافي الاثنين، بشأن أهمية محور صلاح الدين (فيلادلفي). وقال في مستهل حديثه: “أعتقد أن الوقت قد حان لشرح الحقيقة للإسرائيليين، وكذلك بشأن محور صلاح الدين (فيلادلفي)، ليست هناك أي صلة بين الأسلحة الموجودة في قطاع غزة ومحور (فيلادلفي)”.
والأربعاء الماضي، ادعى نتنياهو في مؤتمر صحافي باللغة الإنكليزية، وآخر بالعبرية، مساء الثلاثاء، أنه يجرى تهريب السلاح إلى غزة من خلال محور صلاح الدين (فيلادلفي). وزعم نتنياهو: “بمجرد مغادرة جانبنا من محور فيلادلفي، دخلت الصواريخ والقذائف والطائرات من دون طيار والذخيرة ومعدات تصنيع الأسلحة ومعدات حفر الأنفاق”.
الرئيس السابق للشاباك اعتبر أن إصرار نتنياهو على عدم الانسحاب من المحور ضمن أي صفقة مع حركة حماس “يهدف فقط إلى الحفاظ على هذه الحكومة من الانهيار”. وكشف أن “الجزء الأكبر من الأسلحة الموجودة في غزة هو من إنتاج حماس ذاتيا من مواد يجرى إدخالها إلى القطاع، باستخدام مواد ذات استخدام مزدوج تدخل عبر معبر كرم أبو سالم، كأسمدة للزراعة”.
ضرورة الصفقة ولو كانت “مؤلمة”
وأضاف الرئيس السابق للشاباك في حديثه للقناة أن الأهم بالنسبة إلى إسرائيل الآن هو “إعادة جميع الأسرى المحتجزين بغزة قبل أن يُقتل مزيد منهم”. وأردف: “للأسف، ما يدفع نتنياهو الآن هو استمرار حكمه والحفاظ على الائتلاف، وليس أمن دولة إسرائيل ولا وحدة مجتمعها”. وهاجم رئيس الشاباك السابق نتنياهو قائلا: “ما يدفع نتنياهو اليوم هو الرغبة في الاستمرار في الحكم ولا يهم ما هو الثمن”.
ودعا أرغمان إلى إطلاق سراح الأسرى فورا قائلا: “القضاء على (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار) ضروري، لكن أرواح المختطفين أهم من كل شيء. ومن أجل المجتمع الإسرائيلي، يجب أن نعيدهم إلى ديارهم”.
وزاد: “على إسرائيل الذهاب إلى صفقة لإطلاق سراح أسراها، لا شك أن هذه الصفقة ستكون صفقة مؤلمة جداً لدولة إسرائيل، سيطلقون سراح سجناء خطيرين للغاية، لكن لا مفر أمامنا ومن واجبنا إعادة الجميع إلى ديارهم، وسنتعامل مع المخاطر التي تنشأ نتيجة لمثل هذه الصفقة لاحقا”.
وقال أرغمان: “أولويتنا هي عودة جميع المختطفين، ووقف إطلاق النار في غزة، ونقل ثقلنا إلى الشمال (مع لبنان) ويهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية)، وإقامة تحالف إقليمي ودولي ضد إيران”. ورأى أن “الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي وقف إطلاق النار، والانسحاب من قطاع غزة، وإعادة جميع المختطفين إلى ديارهم”.
وتحتجز إسرائيل في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و500 أسير فلسطيني، وتقدر وجود 101 أسير في غزة، بينما أعلنت حركة حماس مقتل عشرات من الأسرى في غارات إسرائيلية عشوائية.
“ما الأكثر تهديداً.. ما الأكثر إلحاحاً؟”
وأردف أرغمان: “الأمر الثاني هو قضية يهودا والسامرة التي بدأت تختمر وتتفجر، وقد يكون أمامنا واقع صعب جداً، وربما أصعب، وطبعاً تحييد فرع حزب الله في لبنان”. وزاد: “هذه أشياء تهددنا بشكل مباشر وفوري، وعلى رئيس الوزراء، والحكومة بشكل عام، أن يتعاملا مع الأولويات ويسألا نفسيهما باستمرار: ما الأكثر تهديدا؟ ما الأكثر إلحاحا؟”.
وعن مجريات حرب غزة بعد مرور نحو عام على اندلاعها، قال أرغمان: “لم أكن أعتقد أننا سنكون في مثل هذا الوضع، اعتقدت أنه كان من الممكن القيام بذلك بشكل أسرع بكثير”. وشدد على أن “إسرائيل ليست مبنية لحروب طويلة، لا اجتماعيا ولا اقتصاديا، لذلك أعتقد أنه كان يجب أن تنتهي هذه الحرب منذ وقت طويل”.
وبشأن مزاعم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأنه حال الانسحاب من غزة، سيتكرر هجوم 7 أكتوبر، قال أرغمان: “لا أقبل حجج الوزيرين فلم يذهب أي منهما إلى أي كلية تتعامل مع الاستراتيجية والأمن”. وأكمل أن بن غفير وسموتريتش “مقتنعان بالفعل بأنهما الأكثر حكمة ويعرفان أفضل من غيرهما ما يجب فعله، لكن تغذيهما نظرة عالمية مسيانية سيطرت للأسف على دولة إسرائيل. هذا هو الواقع الذي نعيش فيه”.
ويتهم مسؤولون أمنيون والمعارضة وعائلات الأسرى نتنياهو منذ أشهر بعرقلة إبرام اتفاق مع حماس خشية انهيار ائتلافه الحاكم وفقدانه منصبه. ويهدد وزراء اليمين المتطرف، وبينهم بن غفير وسموتريتش، بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها إذا قبلت باتفاق ينهي حرب غزة.
لبيد: على إسرائيل وقف حرب غزة وإبرام صفقة تبادل أسرى
في موازاة ذلك، دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، اليوم السبت، إلى إبرام صفقة مع حركة حماس لإعادة الأسرى بغزة وإنهاء حرب غزة. وقال لبيد، وهو رئيس حزب “هناك مستقبل”، في تدوينة بحسابه على منصة إكس: “علينا إبرام صفقة (تبادل أسرى)، وإنهاء الحرب، وإصلاح البلاد”.
من جانبه، قال ميكي ليفي، عضو الكنيست (البرلمان) من حزب لبيد، للإذاعة العامة الإسرائيلية، السبت: “حتى شهر مايو/أيار الماضي، لم يكن محور صلاح الدين (فيلادلفي) مطروحا على الطاولة”. وأضاف: “الخوف من سقوط الحكومة، والخوف من بن غفير وسموتريتش اللذين يمسكان برقبة نتنياهو هو ما أدى إلى ذلك”. وحذر ليفي من مقتل العديد من جنود الجيش الإسرائيلي “عبثا” حال البقاء على محور صلاح الدين.
وبدعم أميركي مطلق، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 135 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة أودت بحياة أطفال ومسنين. وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.