12:25 م
الإثنين 18 أبريل 2022
بي بي سي
تم إرسال أحد أكثر الكتب التي شهدها العالم فخامة من لندن إلى نيويورك في أبريل من عام 1912. فقد تم نقل النسخة المرصعة بالجواهر من رباعيات عمر الخيام على متن السفينة تيتانيك آر إم إس التي غرقت في قاع المحيط الأطلسي قبل 110 سنوات.
وكان قد تم الانتهاء من الكتاب البديل الذي تكلف كثيرا في أواخر الثلاثينيات، ولكنه سرعان ما احترق في القصف الجوي للقاذفات الألمانية للعاصمة البريطانية.
وسرعان ما غرق الشاب الذي وقف وراء تلك النسخة الأولى باهظة الثمن لشعر الخيام متعدد الثقافات في منتجع ساحلي إنجليزي.
فهل تجرأ أحد على إصدار تكليف بإنتاج كتاب فاخر ثالث لـ “عمر عظيم”؟
“كلما زاد السعر سأكون مسرورا أكثر”
أنهى فرانسيس سانغورسكي في عام 1911 العمل على تجليد كتاب كان يعمل عليه في ورشته بضاحية هولبورن في العاصمة البريطانية لندن لمدة عامين.
كانت النسخة رائعة بشكل مذهل.
بلغ حجم ذلك الكتاب 40 سنتيمترا × 35 سنتيمترا، وقد تم ترصيعه بـ 1050 جوهرة بما في ذلك الياقوت المقطوع خصيصا والتوباز والزمرد. كما تم استخدام حوالي 9 أمتار مربعة من أوراق مذهبة ونحو 5 آلاف قطعة من الجلد لإنتاج تلك النسخة من الكتاب.
وقد تعذب سانغورسكي مع كل تفصيلة من تفاصيل الكتاب، واقترض في وقت ما جمجمة بشرية حتى يتمكن من تصويرها بدقة في رؤيته الفنية. حتى أنه قام برشوة حارس في حديقة حيوان لندن لإطعام فأر حي لأفعى حتى يتمكن من التقاط الصورة المروعة من التجربة المباشرة.
واعتبرت صحيفة ديلي ميرور البريطانية أن العمل النهائي هو “النموذج الأكثر شهرة من التجليد الذي تم إنتاجه على الإطلاق”. ووصفه آخرون ببساطة بأنه “كتاب رائع”.
وكان ثمن تلك النسخة باهظا.
وكان مُجلد الكتب سانغورسكي وشريكه في العمل جورج ساتكليف، يحظيان بتقدير كبير لأغلفتهما المرصعة بالجواهر.
ويشرح روب شيبرد، المدير الإداري لشركة سانغورسكي وساتكليف: “لقد كانت تلك النسخة بمستوى يصعب تكراره اليوم حيث تبخرت تلك المهارات على مر السنين، لقد كانا حرفيين موهوبين بشكل استثنائي”.
التقى سانغورسكي وشريكه في العمل جورج ساتكليف في عام 1897 في فصول مسائية، حيث تلقيا تعليمهما من قبل أفضل الحرفيين الذين ينتمون إلى حركة ويليام موريس الفنية، ومن بينهم تي جي كوبدين ساندرسون غريب الأطوار، وهو الرجل الذي أنهى حياته المهنية عن طريق إلقاء إنتاجه من فوق جسر هامرسميث في نهر التايمز حتى لا يتمكن أحد من تقليده.
وبرز عمل سانغورسكي وساتكليف وفازا بتكليفات بتجليد كتب مرموقة بما في ذلك كتب للملك إدوارد السابع.
وفي عام 1907، التقى سانغورسكي بجون ستونهاوس، مدير مكتبة ودار نشر سوثران، التي تأسست عام 1761 وما زالت تعمل حتى اليومن حيث أخبره سانغورسكي عن أحلامه بتجليد كتاب تعود أصوله إلى القرن الثاني عشر.
بينما كان سانغورسكي قد قام بتجليد بعض نسخ رباعيات عمر الخيام الشهيرة من قبل، فقد قال الحرفي الماهر إنه أراد هذه المرة إنتاج مُجلد يضم 3 طواويس يحيطها بزخارف مرصعة بالجواهر في شكل “لم يسبق له مثيل من قبل”.
وبعد الكثير من الإقناع، وافق ستونهاوس على تكليفه بذلك، كما قرر عدم إخبار رئيسه هنري سيسيل خشية أن يعارض سيسيل المشروع.
وقد نص ستونهاوس على مجموعة من المبادئ التوجيهية هي: “افعلها وافعلها جيدا، ليس هناك حد. ضع ما تريد في المُجلد، واحضر ما تريده مقابل تحقيق ذلك، وكلما زاد السعر سأكون أكثر سعادة بشرط واحد فقط، هو أن تكون متفهما لما تفعله، وستبرر النتيجة ما تدفعه مقابل ذلك، وسيكون الكتاب عند الانتهاء منه أعظم تجليد حديث في العالم، هذه هي التعليمات الوحيدة”.
“الغلاف الأكثر روعة على الإطلاق”
ضم غلاف الكتاب رسومات للطاووس والنباتات والجماجم والأنماط الفارسية التي ترمز إلى الحياة والموت. وقد تم ترصيعه بـ 1050 جوهرة بما في ذلك الياقوت المقطوع خصيصا والتوباز والزمرد. كما تم استخدام حوالي 9 أمتار مربعة من أوراق مذهبة، ونحو 5 آلاف قطعة من الجلد لإنتاج تلك النسخة من الكتاب.
ويقول شيبرد: “لقد كان العمل الأكثر استثنائية، كما أنه عكس الوفرة والرخاء في إنجلترا الإدواردية قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية”.
وقد أُعجب ستونهاوس بالكتاب، واصفا إياه بأنه “أفضل وأروع عينة من التجليد تم تصميمها أو إنتاجها في أي فترة أو في أي بلد”.