توالت ردود الفعل الدولية الغاضبة من قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتبار 6 مؤسسات أهلية فلسطينية، مؤسسات “إرهابية”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، الجمعة؛ إن الولايات المتحدة ستتواصل مع إسرائيل للحصول على مزيد من المعلومات بشأن تصنيف ست منظمات مجتمع مدني فلسطينية على أنها منظمات إرهابية.
وأضاف برايس أن واشنطن لم تتلق إخطارا مسبقا بشأن هذا التصنيف، وهي خطوة أثارت انتقادات من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.
وتابع برايس في إفادة صحفية منتظمة” “سنتواصل مع شركائنا الإسرائيليين للحصول على مزيد من المعلومات بشأن أساس التصنيف”.
إدانات حقوقية
وقالت منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية في بيان مشترك يدين هذه الخطوة؛ إن هذا التصنيف يسمح للسلطات الإسرائيلية بإغلاق مكاتب هذه المنظمات ومصادرة أصولها واعتقال موظفيها في الضفة الغربية المحتلة.
ورفضت مؤسسة الضمير والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، وهي إحدى المنظمات الست التي صنفتها إسرائيل إرهابية، الاتهامات الإسرائيلية ووصفتها بأنها “محاولة للقضاء على المجتمع المدني الفلسطيني”.
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الضفة الغربية؛ إنه “منزعج” إزاء هذا الإعلان. ومضى قائلا: “يتعين عدم استخدام قانون مكافحة الإرهاب في تقييد حقوق الإنسان المشروعة والعمل الإنساني”.
وأضاف أن بعض الأسباب المقدمة لهذه الخطوة بدت غامضة أو غير ذات صلة.
وتابع المكتب: “هذه التصنيفات هي أحدث تطور في حملة طويلة مشينة ضد هذه المنظمات ومنظمات أخرى، وتلحق الضرر بقدرتها على أداء عملها المهم”.
ودعا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إسرائيل إلى الاحترام الكامل للحق في حرية تكوين الجمعيات والحق في التعبير، دون أي تدخل أو مضايقة ضد المنظمات أو موظفيها.
وفي السياق، اعتبر المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان، أن إسرائيل تخنق العمل الأهلي والحقوقي في الأراضي الفلسطينية.
وقال المرصد (مقره جنيف) في بيان؛ إن ذلك “يمثل حلقة أخرى في سلسلة تقويض الحق في العمل الأهلي والحقوقي في الأراضي الفلسطينية، ومنع توثيق الانتهاكات الإسرائيلية ودعم ضحاياها في غياب رد فعل دولي يواجه ذلك”.
وأضاف المرصد، “أنه ينظر بعين الخطورة إلى القرار بحق المؤسسات الحقوقية”.
ودعا المرصد المجتمع الدولي “إلى الضغط على السلطات الإسرائيلية للحد من سياساتها في إخضاع الأصوات المنتقدة لممارساتها وانتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية”.
وقالت منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية؛ إن القرار “تصعيد ينذر بالخطر، ويهدد بوقف عمل أبرز منظمات المجتمع المدني الفلسطينية”.
وأضافت المنظمتان أن “تقاعس المجتمع الدولي منذ عشرات السنين عن التصدي للانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لحقوق الإنسان… شجع السلطات الإسرائيلية على التصرف بهذه الطريقة الفجة”.
تحذير فلسطيني
ورفضت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان، الجمعة، ما وصفته بـ “الاعتداء المسعور على المجتمع المدني الفلسطيني ومؤسساته من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولا سيما قرار إعلان ست منظمات حقوقية رائدة ومنظمات مجتمع مدني كإرهابيين”.
وأكدت الوزارة، أن “هذا الافتراء العدائي، والتشهير هو اعتداء استراتيجي على المجتمع المدني الفلسطيني، والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، غير الشرعي، وعلى العمل الهادف لفضح جرائمه المستمرة”.
وأشارت إلى أن هذه الخطوة “المشينة” هي الأحدث في حملة الاحتلال وأدواته الممنهجة وواسعة النطاق، المشنة ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني وكبار المدافعين عن حقوق الإنسان.
واعتبرت الوزارة أن “ما شجع إسرائيل، على إقدامها على هذه الخطوة، هي ردود الفعل الدولية المخيبة للآمال، والباهتة فيما يتعلق بالاستهداف السابق لمنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، والمجتمع المدني الفلسطيني”.
وحذرت الخارجية من عواقب وخيمة محتملة لهذا الهجوم غير المسبوق، محملة السلطة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن سلامة موظفي هذه المنظمات.
ودعت المجتمع الدولي وجميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، إلى “الارتقاء لمستوى الحدث والدفاع عن حق هذه المنظمات في العمل دون اضطهاد، وعن حق الشعب الفلسطيني الأساسي في الدفاع عن حريته”.
كما دعت الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان للوقوف علنا وبقوة ضد هذه الإجراءات، واتخاذ جميع الإجراءات الممكنة للدفاع عن منظمات المجتمع المدني الفلسطينية.
وقالت مؤسسات الأسرى الفلسطينية؛ إن هذا القرار، هو “استكمال للعدوان الذي يمارسه الاحتلال على الشعب الفلسطيني ومؤسساته”.
وأضافت في بيان مشترك: “هذا العدوان لم يبدأ اليوم، فعلى مدار السنوات القليلة الماضية استهدف الاحتلال المؤسسات الفلسطينية عبر الاقتحامات ومصادرة مقتنيات، واعتقال العاملين فيها، وملاحقتهم بالوسائل كافة، والتضييق على عملهم الحقوقيّ والمدنيّ”.
وأكدت المؤسسات عزمها اتخاذ خطوات احتجاجية رافضة للقرار، ستعلن عنها لاحقا معتبرة ما قامت به إسرائيل “اعتداء على المنظومة الحقوقية الدولية وليس فقط الفلسطينية”.
ومن جهته، قال حازم قاسم، الناطق باسم الحركة، في تصريح للأناضول؛ “إن قرار الاحتلال الإسرائيلي يعتبر أحد أشكال الحرب المسعورة على الوجود الفلسطيني، سلوكا إرهابيا يضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية”.
وأضاف: “هذا القرار محاولة لإنهاك الحالة الفلسطينية عبر استهداف مؤسساتها الوطنية، وإضعاف قدرة شعبنا على الصمود عبر حرمانه من خدمات هذه المؤسسات”.
وناشد قاسم، المجتمع الدولي “بعدم التعاطي مع الرواية الصهيونية الكاذبة، وفضح الإرهاب الصهيوني الذي يقف خلف قرارات كهذه”.
والجمعة، أعلنت الحكومة الإسرائيلية إخراج 6 مؤسسات أهلية فلسطينية عن القانون، بداعي ارتباطها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفق صحيفة “جيروساليم بوست” الإسرائيلية.
والمؤسسات المدرجة بالقرار الإسرائيلي هي: “الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان” و”الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين”، و”الحق” و”اتحاد لجان العمل الزراعي”، و”اتحاد لجان المرأة العربية”، و”مركز بيسان للبحوث والإنماء”.
وتصنف إسرائيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على أنها منظمة “إرهابية”.
والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (تنظيم يساري)، هي ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بعد حركة “فتح”، وتأسست عام 1967، كامتداد لحركة القوميين العرب.
وعلى مدار سنوات، حظرت إسرائيل، وفق مراقبين، عشرات المؤسسات الحقوقية والإنسانية العاملة في الأراضي الفلسطينية.