تنص التفاهمات بين حزبي الليكود و”عوتسما يهوديت”، برئاسة الفاشي إيتمار بن غفير، الذي سيتولى وزارة الأمن القومي، على تدخل جهاز الأمن العام (الشاباك) في القضايا التي تتعلق بمنظمات الإجرام في المجتمع العربي والجريمة بشكل عام، ووفقًا لهذه التفاهمات سيعمل الشاباك على “تقديم المساعدة” للشرطة بالتحقيق في القضايا التي تتعلق بالجريمة، ورصد ميزانية خاصة لهذه الوحدة الخاصة في الشاباك.
تابعوا تطبيق “عرب ٤٨”… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات
وفي حديث لـ”عرب 48″، عبّر مسؤولون وحقوقيون وناشطون سياسيون في المجتمع العربي، عن رفضهم للمساعي الرامية لإنشاء وحدة خاصة في الشاباك لمحاربة الجريمة المتصاعدة داخل المجتمع العربي، في ظل تورط الشاباك بالفعل في الجريمة المنظمة كداعم وراع لها، مشددين على ضرورة التعاطي المدني مع الجريمة ووقف التعامل مع العرب كأنهم أهداف أمنية للمؤسسة الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، قال المحامي المختص في قضايا الملاحقة السياسية، خالد زبارقة، في حديث لـ”عرب 48″، “نحن لا نثق بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية. التجربة علمتنا أن الأجهزة الأمنية والمؤسسة الإسرائيلية بكل أذرعها توظف الجريمة في المجتمع العربي لصالحها، لفرض أجندة تهويدية صهيونية على المجتمع العربي، لأهداف سياسية عنصرية، تتعلق بمفهومهم مسألة يهودية الدولة وإخضاع العرب للسياسات العنصرية”.
مكافحة الجريمة أم استغلالها؟
خالد زبارقة
وعن تبعات توغل الشاباك داخل المجتمع العربي، أوضح زبارقة أنه “دون أدنى شك، في حال تم تنفيذ القرار ودخول الشاباك إلى المجتمع العربي ومنحه هذه الشرعية، سيضر بالمجتمع العربي بشكل كبير جدًا، والهدف من ذلك ليس القضاء على الجريمة في المجتمع، إنما استغلال العنف والجريمة التي غذتها سياسات المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، بهدف تطبيق السياسات العنصرية المخطط لها في المجتمع العربي”.
وشدد زبارقة على ضرورة أن “نعي هذه السياسيات”، وأضاف أنه “أعتقد أننا حتى اللحظة لم نعِ كقيادات في المجتمع وكنخب سياسية وكوادر سياسية ووطنية، الأهداف الحقيقة للسياسات الإسرائيلية، وتقاطعها مع انتشار الجريمة وعلاقة المؤسسة الرسمية الإسرائيلية بها، لذلك يجب أن نرفع الوعي بهذه السياسات”.
وتابع أنه “نطالب القيادات التي انخرطت في المشروع الصهيوني، وشاركت في انتخابات الكنيست، العمل على الكشف عن الأهداف الرئيسية من هذه السياسات، وعدم الاكتفاء بالوقوف خلف شعارات انتخابية مضللة للرأي العام العربي”.
“أجندات سلطوية… أمن العرب ليس من ضمنها”
وعن تصريحات الشرطة السابقة حول تعاون الشاباك مع منظمات الإجرام، اعتبر زبارقة أن “هذا التصريح بحد ذاته يؤكد أن الأهداف التي تقف خلف قرار تدخل الشاباك في قضية العنف والجريمة في المجتمع العربي، تتعلق بأهداف سياسية، ويؤكد الشعور الجماعي لدى العرب بأن المؤسسة الإسرائيلية تطبق سياسات عنصرية تهويدية، وغير معنية بالحفاظ على النظام العام والقانون. باعتقادي لا يعينها حياة المواطنين العرب وأمنهم الشخصي”.
بدوره، قال رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، المحامي مضر يونس، إن “المسؤولية في كل ما يتعلق بتصاعد الجريمة في المجتمع العربي تقع على الشرطة. من واجب الشرطة توفير الأمن الأمان للمواطن العربي، وبحال عدنا للشواهد السابقة، فإن الشرطة أثبتت أنها قادرة على استئصال الجريمة عندما كانت منتشرة في الوسط اليهودي. لذلك ليس هناك حاجة لتدخل الشاباك في محاربة الجريمة”.
“الشرطة قادرة… تنقصها الإرادة”
ولفت يونس إلى أن “اللجنة القطرية حذرت من كل السياسات الدخيلة، والتي تمس بحقوق المجتمع الفلسطيني في الداخل”، وشدد على أن “الشرطة هي المسؤولة عن تأمين الأمن والأمان للمواطنين، لذلك من الواجب عليها القيام بعملها في هذا الصدد”.
وأضاف يونس: “نحن حذرنا من هذه الخطوات، ولكن اللجنة القطرية هي جزء من لجنة المتابعة، ويجب أن تقف لجنة المتابعة وكل القوى السياسية والمجتمعية عند هذه الإجراءات وأن تضع خططا للتصدي لها”. وأوضح أنه “كان هناك قرار في السابق من لجنة المتابعة والقطرية في هذا الصدد، وهو رفض إدخال الشاباك للمجتمع العربي، ونحن على ذلك، ونؤكد أن محاربة الجريمة تقع على عاتق الشرطة وليس الشاباك”.
من جانبه، قال عضو بلدية رهط، حسن النصاصرة، إن السلطات تعمل على استغلال الجريمة للسيطرة على المجتمع العربي “أمنيا” والتغلغل فيه لاعتباراتها، “كمحاولات إدخال الشاباك إلى البلدات العربية بذريعة محاربة الجريمة”، مشددا على أن ذلك “غير مقبول تماما، لأن الشاباك – باعتراف الشرطة – يقف وراء منظمات الإجرام، لذلك لا يمكن لجهاز يعمل على دعم منظمات الإجرام، أن يعمل على مكافحة الجريمة”.
“محاولات تدمير المجتمع”
حسن النصاصرة
وأضاف أن “الشاباك يعمل ليلاً ونهارًا على تدمير المجتمع العربي، لذلك هذا سيعود بالضرر والسوء على المجتمع. نحن بحاجة للعمل على وقف وإحباط كل هذه المحاولات التي ستضر بالمجتمع العربي، وستأخذه إلى أماكن أصعب”.
واعتبر أنه “لا بد من تجنيد كل القوى السياسية والاجتماعية وأن تلتئم لجنة المتابعة من جديد، وانتخابها وإعادة تركيبها، للتصدي لكل هذه المحاولات التي لا تريد الخير للمجتمع العربي أبدًا، خاصة أن المجتمع مليء بالكفاءات والقدرات التي من الممكن أن تأخذ المجتمع إلى مكان أفضل، لذلك نطالب بإعادة بناء وانتخاب لجنة المتابعة العليا، ووضع برنامج لمواجهة هذه الخطط التي تستهدف المجتمع العربي”.
“هجرة عائلات عربية هربا من الجريمة”
ولفت إلى ظاهرة هجرة عائلات عربية من البلاد إلى تركيا أو الأردن أو انتقالها للعيش في الضفة الغربية المحتلة، هربا من التهديدات والملاحقة التي تأتي في سياق الجريمة المستفحلة، وقال: “نرى ونلاحظ العديد من العائلات العربية التي تهاجر من البلاد بسبب الجريمة؛ أكاد أجزم أن مئات العائلات العربية انتقلت إلى الضفة الغربية وإلى تركيا والأردن والإمارات، وهذا ضمن خطط التهجير السرية التي تعمل عليها الحكومات الإسرائيلية، وهذه كارثة كبرى على المجتمع العربي”.
وأضاف أن “هناك اختلافا كبيرا في تعاطي الشرطة مع الجرائم التي تحصل في المجتمع العربي والشارع اليهودي. عندما تقع جريمة في الشارع اليهودي، تقوم الشرطة خلال ساعات بإلقاء القبض على الجاني؛ أما في المجتمع العربي فإن الأمر مغاير، وهذا دليل واضح على أن الشرطة إذا أرادت أن تعمل بالفعل، تستطيع القيام بذلك، لكن ما يحدث في المجتمع العربي هو متعمد من قبل الشرطة لتهجير المجتمع العربي، وذلك بسبب المؤسسة الاسرائيلية والمخططات التي تعمل عليها”.
وشدد على ضرورة “وضع خطة إستراتيجية من قبل لجنة المتابعة والقيادات العربية، من أجل إنقاذ المجتمع العربي من الجريمة والتهجير الذي يشهده المجتمع العربي بسببها”.
“الوجود العربي في النقب… يغيظهم”
وفي سياق استهداف النقب، قال النصاصرة إن “هذه السلطات تتعامل مع أهالي النقب كجسم غريب، ويعتبرون (المسؤولون الإسرائيليون) أن أهالي النقب مصيبة تحل على مشروعهم، خاصة أنه بعد تهجير قرابة 90% من أهالي النقب عام 1948 تبقى في النقب فقط 11 ألف عربي فلسطيني، واليوم عدد الفلسطينيين في النقب يصل إلى 300 ألف، يعيشون على مساحة تقدر بـ2% من أراضي النقب فقط، علما بأنهم يشكلون 20% من سكان النقب”.
ولفت إلى المأساة التي يعيشها أهالي النقب في ظل سياسات الهدم ومحاولات التهجير واستهداف وجودهم على أراضيهم وتكثيفهم في بقع صغيرة من الأراضي، مشددا على أن كل ذلك يأتي في سياق “محاولات تهجير أهالي النقب المستمرة طوال الوقت”، وقال إن سياسة “تشويه صورة أهالي النقب وشيطنتهم” تأتي ضمن هذه المخططات.
وشدد النصاصرة على أنه “يجب التصدي لكل السياسات التي تغذيها وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تعمل على تشويه النقب طوال الوقت وتحرض على أهاليه، ووضع خطط إستراتيجية لمنع تهجير المواطنين العرب، وأيضا خطط لمنع إدخال أي جسم يحاول تدمير المجتمع العربي، كالجسم الذي تتم محاولات زجه في البلدات العربية”، في إشارة إلى الشاباك.
وقال عضو التجمع الوطني الديمقراطي في مدينة أم الفحم، محمود أديب، “نرفض رفضا قاطعا هذا التوجه، وهو بمثابة محاولة، لاستغلال الجريمة المتفشية في المجتمع العربي. نكاد أن نجزم بأن المؤسسة الإسرائيلية تقف وراء هذا الوضع المتأزم، والآن يحاولون استغلال هذا الوضع لتدخل الشاباك والمخابرات بشكل عام للتجسس على الناشطين وكل من له علاقة بالعمل السياسي والوطني في الداخل، وذلك بهدف محاولة مراقبتنا على مدار الساعة، والهدف من هذا الأمر هو إرهاب الشباب وترهيبهم، خاصةً بعد هبة الكرامة والحالة الوطنية التي تجلت خلال السنوات الأخيرة”.
“الشرطة تستطيع… إذا أرادت”
وأضاف أن “الشرطة هي الجهة المخولة والوحيدة لمحاربة الجريمة في المجتمع العربي، وهي تستطيع إذا أرادت أن تحد من تفشي الجريمة في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل، لكن المؤسسة الإسرائيلية لا تريد لنا الخير، وهي المستفيد الوحيد من تفشي الجريمة”.
وفي سياق تصدي المجتمع العربي للخطط الإسرائيلية، اعتبر أنه “على مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتهم لجنة المتابعة العليا والقيادات الوطنية، أن تتحمل مسؤولية هذا الوضع، وهي بمنظورنا قادرة إذا وجدت النوايا والخبرة والمسؤولية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة على مجتمعنا ومستقبله”.
عرب48