كييف- (بي بي سي):
شجب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي يزور المدن الأوكرانية التي دمرها الغزو الروسي، ما وصفه بـ “عبثية” هذه الحرب الدائرة في القرن الحادي والعشرين.
وقال جوتيريش عقب زيارته موقع القبر الجماعي في مدينة بوتشا: “هنا تشعر بمدى أهمية إجراء تحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين”.
وأضاف:” أقدم كامل الدعم للمحكمة الجنائية الدولية وأناشد الاتحاد الروسي القبول بالتعاون مع المحكمة. ولكن عندما نتحدث عن جرائم الحرب علينا أن لا ننسى أن الجريمة الأسوأ هي الحرب نفسها”.
وعلى الصعيد الإنساني، قال الأمين العام للأمم المتحدة إنه يريد المساعدة في إقامة ممرات إنسانية للمدنيين العالقين في مدينة ماريوبول جنوبي أوكرانيا، خاصة مستودع ومصتع أزوفستال للصلب.
وجاءت تصريحات جوتيريش هذه خلال زيارته الأولى للعاصمة الأوكرانية كييف منذ بداية الغزو الروسي، والتي من المقرر أن يجري فيها محادثات في وقت لاحق اليوم مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.
وكان جوتيريش قد وصل كييف قادماً من موسكو حيث أجرى مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي شكك خلالها في الاتهامات الموجهة لقواته بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين الأوكرانيين.
الغاز الروسي
في هذه الأثناء، لا تزال ردود الفعل تتوالى على القرار الروسي بقطع إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا.
فقد ردد الرئيس الأوكراني زيلينسكي، في خطابه الليلي، ما قاله الاتحاد الأوروبي عن أن روسيا تستخدم الطاقة لابتزاز أوروبا.
وقال إن القرار الروسي بقطع إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا الذي صدر الأربعاء أثبت بأن “لا أحد في أوروبا يمكنه أن يأمل بالحفاظ على أي تعاون اقتصادي طبيعي مع روسيا”.
وقال أيضاً إن “روسيا تعتبر اي تعامل تجاري، وليس الغاز فقط، سلاحاً. وهي تنتظر اللحظة التي يمكنها فيها استخدام مجال أو آخر من المجالات التجارية”.
وأضاف زيلينسكي بأن روسيا “ترى أوروبا الموحدة هدفاً” وكلما أسرع الجميع في القارة على الاتفاق بأنه لايمكنهم الاعتماد على روسيا في التجارة، كلما تحقق الاستقرار أسرع.
ورحب أيضاً بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على وقف العمل بالرسوم الجمركية والحصص التي كانت مفروضة على الصادرات الأوكرانية، قائلاً إن روسيا تريد أن تخلق الفوضى في الأسواق العالمية- وبخاصة في مجال الغذاء.
أورسولا فون دير لين تقول إن القرار الروسي بقطع الغاز دليل على عدم موثوقيتها.
وتعقيباً على القرار الروسي، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين إن الخطوة هذه أظهرت “عدم موثوقية ” روسيا كمورد للغاز.
لكن الكرملين قال إن روسيا اضطرت لهذا العمل بسبب “الخطوات غير الودية” من جانب الدول الغربية.
وتعتمد أوروبا على روسيا في تأمين أكثر من ثُلث احتياجاتها من الغاز كما أن شركة الطاقة العملاقة المملوكة للدولة الروسية “غازبروم” تحتكر إمدادات الغاز التي تمر عبر الأنابيب في روسيا.
وبينما اتخذت العديد من الدول الأوروبية خطوات للاستغناء عن واردات النفط الروسي منذ غزو روسيا لأوكرانيا، إلا أن روسيا استمرت في توريد كميات هائلة من الغاز إلى العديد من الدول الأوروبية.
وبعد أن فرضت القوى الغربية عقوبات مالية على روسيا رداً على غزوها لأوكرانيا، أعلن الرئيس الروسي بوتين أنه سيتعين على الدول “غير الصديقة” أن تدفع مقابل الغاز بالعملة الروسية.
وقالت شركة “غازبروم” إن هذا هو السبب الذي دفعها إلى قطع الإمدادات عن بلغاريا وبولندا.
وقالت بولندا إن الخطوة تأتي رداً على العقوبات البولندية المفروضة على أفراد وشركات روسية. كما أن بولندا هي دولة عبور رئيسية للأسلحة إلى أوكرانيا.
أما بلغاريا فكان لها تاريخياً علاقات دافئة مع روسيا، لكن الحكومة الجديدة التي وصلت إلى السلطة العام الماضي أدانت الغزو الروسي لأوكرانيا.
تحذيرات بوتين
وفي هذه الأثناء، حذّر الرئيس الروسي بوتين من أنه إذا تدخلت القوى الغربية في أوكرانيا، فإنها ستواجه رداً عسكرياً “بسرعة البرق”.
وقال للمشرعين في موسكو، فيما اعتبر إشارة إلى الصواريخ الباليستية والأسلحة النووية: “لدينا كافة الأدوات التي لا يستطيع أن يتباهى بها أحد… وسنستخدمها إذا اقتضت الضرورة.”
لكن هناك دلائل على أن الهجوم الروسي في أوكرانيا لا يسير بسلاسة كما كان مخططاً له، حيث يقول أحد المسؤولين إن القوات الروسية تواجه مصاعب في التغلب على “مقاومة أوكرانية عنيدة” في هجومها على مناطق شرقي البلاد.
وأكدت شركة الغاز الحكومية البولندية “بي جي أن آي جي”، رداً على تصريح شركة غازبروم بخصوص تعليق إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا، أن إمدادات غازبروم إلى البلاد توقفت وحذرت من أنها تحتفظ “بحقها في المطالبة بالتعويض”.
وقال الرئيس البولندي أندريه دودا إن “خطوات قانونية مناسبة” سيتم اتخاذها ضد غازبروم، بينما قال نائب وزير خارجيته مارتشين بشيداتش لبي بي سي إن روسيا تسعى إلى “تعزيز الانقسامات” بين الحلفاء الغربيين.
وقال رئيس الوزراء البلغاري كيريل بتكوف إن بلاده تجري مراجعة لكافة عقودها مع غازبروم، بما في ذلك عقود عبور الغاز الروسي من أراضيها إلى صربيا والمجر، مؤكداً على أن “الابتزاز من جانب واحد غير مقبول”.
وقالت فون دير لين، التي كانت تتحدث في بروكسيل، إن الخطوة التي اتخذتها غازبروم “غير مبررة وغير مقبولة” لكنها أكدت على أن الاتحاد الأوروبي كان “مستعداً لهذا السيناريو”.
وأضافت بأن الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى شركائه الدوليين، سيطبق رداً “فورياً، موحداً ومنسقاً”.
وهاجمت الزعيمة الأوروبية أيضاً التقارير التي نشرتها وكالة بلومبيرغ للأنباء والتي زعمت بأن 10 شركات أوروبية للطاقة تستعد لتسديد أثمان الغاز الذي تورده غازبروم بالروبل، وأن أربع شركات قامت بذلك بالفعل.
وقد أعلنت شركة “وينترشال ديا” الألمانية المنتجة للنفط والغاز أنها ستتمسك بمشروعاتها الروسية قائلة إن التخلي عن تلك المشاريع سيزود الدولة الروسية بأصول للإنتاج قيمتها مليارات اليورو.
وكانت الشركة، وهي شريك لشركة غازبروم، قد أوقفت مشاريعها الجديدة في روسيا وأوقفت الدفعات المالية لروسيا عقب الغزو الروسي في 24 فبرايرالماضي.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة ماريو ميهرين إن واردات الغاز خلقت معضلة للحكومة الألمانية نظراً لاعتماد البلاد الكبير على روسيا.
وأضاف بأن الواردات يمكن استبدالها ولكن “ليس سريعاً”.