وصل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى روسيا، الثلاثاء 12 سبتمبر/أيلول 2023، في زيارة نادرة إلى الخارج، حيث سيلتقي الرئيس فلاديمير بوتين، وسط تحذيرات من واشنطن بشأن صفقة أسلحة محتملة لحرب موسكو في أوكرانيا، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الفرنسية.
وأظهرت لقطات مصورة نشرتها وسائل إعلام كورية شمالية كيم مرتدياً بزة سوداء يحيط به مسؤولون عسكريون، وهو يلقي التحية غير مبتسم، من باب قطاره الخاص المصفح لدى مغادرته محطة بيونغ يانغ، فيما أكدت وكالة الأنباء الروسية الرسمية ريا نوفوستي عبور قطار كيم الحدود ووصوله منطقة بريمورسكي، مع صور تظهر قطاراً بعربات خضراء داكنة تجره قاطرة تابعة للسكك الحديدية الروسية.
المنتدى الاقتصادي الشرقي
سيلتقي كيم بوتين في أقصى الشرق الروسي هذا الأسبوع، حسبما نقلت ريا نوفوستي عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، ومن المرجح أن يلتقي الزعيمان على هامش “المنتدى الاقتصادي الشرقي” في فلاديفوستوك، المدينة الواقعة في أقصى الشرق، والأقرب مسافة إلى الحدود بين روسيا وكوريا الشمالية، وينعقد المنتدى حتى يوم الأربعاء.
فيما يعتقد مراقبون أن موسكو تسعى للحصول على قذائف مدفعية وصواريخ مضادة للدبابات من كوريا الشمالية، التي بدورها تبحث عن تكنولوجيا متطورة للأقمار الاصطناعية والغواصات العاملة بالطاقة النووية.
ويرافق كبار المسؤولين العسكريين الكوريين الشماليين، من بينهم مسؤولون مكلفون بإنتاج الأسلحة وتكنولوجيا الفضاء، كيم الذي “غادر على متن قطار بعد ظهر الأحد في زيارة إلى الاتحاد الروسي”، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية.
استقبال استثنائي لكيم جونغ أون
ونشرت الوكالة لقطات مصورة تظهر مراسم مغادرة كيم جونغ أون الذي بسطت له سجادة حمراء وكان في وداعه فرقة من حرس الشرف في محطة بيونغ يانغ قرابة الساعة 18,38 بالتوقيت المحلي (09,38 ت غ).
وتعد كوريا الشمالية وزعيمها كيم من أشد الداعمين لغزو موسكو لأوكرانيا. وتخشى دول غربية، في مقدمها الولايات المتحدة، من أن بيونغ يانغ قد تلجأ إلى تزويد روسيا بصواريخ وقذائف.
وأشاد بوتين في يوليو/تموز بـ”دعم بيونغ يانغ الراسخ للعمليات العسكرية الخاصة ضد أوكرانيا”.
غير أن موسكو وبيونغ يانغ تنفيان تزويد كوريا الشمالية روسيا بالأسلحة، التي استنفدت كمية كبيرة من مخزونات ذخيرتها منذ غزوها أوكرانيا مطلع العام الماضي.
ولم يغادر كيم كوريا الشمالية منذ تفشي فيروس كورونا، وكانت آخر زيارة له إلى الخارج في 2019 إلى روسيا أيضاً للقاء بوتين.
حليفان تاريخيان
وروسيا الحليف التاريخي لبيونغ يانغ، وداعم أساسي للدولة المعزولة منذ عقود، وتعود العلاقات بينهما إلى تأسيس كوريا الشمالية قبل 75 عاماً.
إذ قال الأستاذ في جامعة إيوها بسيول، ليف إريك إيزلي “بالنظر لاهتمامه باستغلال الجغرافيا السياسية “للحرب الباردة الجديدة” وتفضيله السفر بالقطار لأمنه الشخصي، فليس من المستغرب أن يختار كيم روسيا كوجهة أولى له بعد الوباء”، وأضاف “تمتلك كوريا الشمالية الذخيرة الخام التي يحتاجها بوتين لحربه غير القانونية في أوكرانيا، في حين تمتلك موسكو تقنيات الغواصات والصواريخ الباليستية والأقمار الاصطناعية، التي يمكن أن تساعد بيونغ يانغ على تخطي التحديات الهندسية التي تواجهها في ظل العقوبات الاقتصادية”.
وحتى في حال التوصل لصفقة أسلحة في قمة بوتين وكيم، فمن غير المرجح أن يقوم أي طرف بالإعلان عن التفاصيل الكاملة، بالنظر إلى “الانتهاكات القانونية الدولية الخطيرة التي تنطوي عليها”.
وكان البيت الأبيض قد حذر كوريا الشمالية هذا الشهر من أنها “ستدفع الثمن” في حال زودت موسكو بأسلحة لحربها في أوكرانيا، فيما اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية، الإثنين، أن الزيارة المرتقبة للزعيم الكوري الشمالي إلى روسيا تظهر “استجداء” الرئيس الروسي للمساعدة.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر لصحفيين “باضطراره للسفر عبر بلاده للقاء شخص منبوذ دولياً، لطلب المساعدة في حرب كان يتوقع أن ينتصر في شهرها الأول، يمكنني أن أصف ذلك بأنه استجداء للمساعدة”.
فيما قال الخبير في شؤون كوريا الشمالية في جامعة كوكمين بسيول أندريه لانكوف، لوكالة فرانس برس، إن قمة بين بوتين وكيم هي جزء من “ابتزاز دبلوماسي لطيف” من موسكو لسيول، لأن روسيا لا تريد أن تزود كوريا الجنوبية كييف بالأسلحة.
وسيول من كبار مصدري الأسلحة، وقد باعت دبابات إلى بولندا، حليفة كييف، لكن السياسة الداخلية القائمة منذ فترة طويلة تمنعها من بيع الأسلحة إلى دول تشهد نزاعات نشطة.
وقال لانكوف إن “مصدر القلق الرئيسي للحكومة الروسية الآن هو شحنة ذخيرة محتملة كورية جنوبية إلى أوكرانيا، وليس مجرد شحنة واحدة، بل عدد كبير من الشحنات”.