تفاصيل القصة
جاءت آل عويشير من محافظة القطيف، واتجهت إلى اليابان قبل 16 عاماً، تشير إلى أنها امرأة تعشق التحدي، وتهوى التفوق، ولا ترضى إلا أن تكون في المقدمة في حياتها العملية، وهو ما انعكس إيجاباً في حياتها الشخصية، فأصبحت زوجة مثالية لزوج شاركها الكفاح والتضحيات، وأما لطفلين متفوقين. «الوطن» التي تواصلت مع آل عويشير، وقفت على ملامح تجربتها، وكيف انتقلت من مرحلة نجاح إلى مرحلة أخرى، متغلبة على الصعوبات، التي واجهتها، وكيف أقنعت اليابانيين بكفاءتها وإمكاناتها البحثية، التي أهلتها لتتولي منصب أستاذ مساعد في تخصص «هندسة الطاقة وعلم النانو».. وهنا كانت تفاصيل القصة..
هندسة الطاقة
رغم أن أزهار آل عويشير (37 عاماً) كانت قد تخرجت في المدرسة الثانوية الثانية في مدينة القطيف بنسبة 80 % فقط، إلا أنها تفوقت خلال سنوات ابتعاثها في اليابان، وأكملت دراستها ونالت درجة البكالوريوس، ثم الماجستير، وصولاً للدكتوراه في تخصص هندسة الطاقة، لتعمل باحثة في شركة تويوتا، والمعمل الوطني لعلوم المواد. وبجانب عملها، قدمت عويشير خدماتها للوفود العلمية السعودية التي تزور الجامعات اليابانية، لتمثيل الوطن، وقامت بالترجمة من اليابانية للعربية والعكس.
لغة الكانجي
وكان تعلم اللغة اليابانية أحد أبرز التحديات التي واجهت عويشير في بداية سفرها إلى اليابان. وعن ذلك تقول: «بعد أن تم اختياري، لأكون ضمن الدفعة الأولى المبتعثة للدراسة في اليابان، واجهتني مشكلة إصدار فيزا المرافق، ما أدى إلى تأخر الدخول إلى اليابان، خلافاً لبقية الزملاء والزميلات في الدفعة نفسها، وتسبب ذلك في التأخر في دراسة أساسيات اللغة اليابانية وتعلمها نطقاً وكتابةً وقراءةً، وهو ما دفعني إلى الاعتماد على النفس، وبدء مرحلة التعلم الذاتي المكثف لإجادة اللغة، وقد تحقق لي ما أردتُ، وتخرجت في الفصول العليا، بتحقيق النسبة الكاملة في اختبار (الكانجي)، وهو المرحلة الأصعب من تعلم اللغة اليابانية، حتى أصبحت تلك اللغة جزءاً مهماً من حياتي، كما هي حال اللغتين العربية والإنجليزية». وتابعت عويشير «وصولي إلى هذا المستوى من إتقان اللغة، كان حافزاً ومشجعاً لي على استقبال الوفود العربية للجامعات، والقيام بمهمة الترجمة لهم».
البكالوريوس والدكتوراه
استرجعت آل عويشير ذكريات مراحل الدراسة في اليابان، وقالت «بدايةً، درست اللغة اليابانية خلال أول سنتين من البعثة في معهد (سنداقاي)، وفي عام 2009 انضممت إلى جامعة (توكاي) لدراسة البكالوريوس في تخصص هندسة الطاقة النووية، وأكملت في الجامعة نفسها دراسة الماجستير عن تخصص العلوم التطبيقية، وفي عام 2015 أكملت دراسة الدكتوراه في جامعة (وسيدا) بتخصص هندسة وعلوم النانو».
وأكملت «أثناء الدراسة في اليابان، حصلت على منحة دراسية، للدراسة في جامعة (وسيدا) أو المعمل الوطني لعلوم المواد، ولكنني انضممت للمعمل الوطني باحثةً في فترة ما بعد الدكتوراه، قبل أن أعمل بعد تخرجي باحثة كذلك في شركة تويوتا للسيارات، وصولاً إلى تعييني في المنصب الذي أفخر واعتز به الآن، هو مساعد دكتور في جامعة ناغويا مع بداية هذا العام».
تعلم اليابانية
واليوم، أكملت عويشير 16 عاماً في اليابان، خاضت خلالها تجربة ثرية، لم تخل من تحديات عدة. وتقول عن هذه المرحلة «في تلك السنوات، واجهت صعوبات عدة، كان علي أن أتغلب عليها، أبرزها تسجيل المواد في مرحلة البكالوريوس، وكان ذلك في بدايات ابتعاثي هناك، حيث كنت أجهل الكثير من الإجراءات، وأفتقد المقومات، وأهمها تعلم اللغة». وتتابع «أتذكر أثناء تسجيل المواد، أنني كنت الفتاة العربية الوحيدة ـ آنذاك ـ في الجامعة، ووجدت صعوبة في فهم المصطلحات العلمية، يُضاف إلى ذلك أن التخصص اشتمل على مواد إجبارية، وأخرى عامة اختيارية، ومواد أخرى لا تدخل ضمن المعدل، وكوني طالبة مستجدة، تم تسليمي ملف تعليمات بلغة الكانجي، يضم معلومات عن جميع التخصصات، ولم أجد من أستعين به لمساعدتي في تسجيل المواد، ولذلك كان تعلم اللغة اليابانية، وهو ما كان إجبارياً للطلبة الأجانب».
عادات مختلفة
وأكملت عويشير مسلسل الصعوبات التي واجهتها «اصطدمت بعد ذلك بتحدٍ آخر، وهو الفصل بين حياتي العملية وحياتي الشخصية، حيث تزوجت عام 2009، وأنا على مقاعد الدراسة الجامعية، ووفقاً للعادات في اليابان، ينصب التركيز أولاً هو على الدراسة والعمل، ثم يأتي الزواج في مراكز متأخرة جداً من حياة الفرد، وكان زوجي يعمل في وظيفة جيدة في إحدى الجهات الحكومية السعودية، وعليه، فقد كان من الصعب أن يترك الوظيفة، للعيش معي في اليابان، لذلك بقينا مفترقين خلال السنوات الماضية، ونتنقل بين المملكة واليابان، فهو لا يستطيع التخلي عن عمله، وأنا كذلك متمسكة بدراستي وعملي في اليابان، ومع ذلك، كنا دعماً لبعضنا البعض لتحقيق التطلعات والأحلام التي نسعى لها، وحتى هذا اليوم، نلتقي في الشهر مرات عدة، حيث يأتي هو إلى اليابان تارة، وأسافر له إلى المملكة كلما سنحت الفرصة».