ترقد الرضيعة ليلى جنيد، التي لم تر النور سوى منذ شهرين، على سرير داخل قسم العناية المركزة في مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، تصارع من أجل البقاء على قيد الحياة، بعد أن أنهك جسدها النحيل بفعل الجوع والمرض.
ومع اشتداد الحصار الإسرائيلي المطبق على قطاع غزة وعزل الشمال عن الجنوب، في ظل استمرار حرب إسرائيل المدمرة، أصبح الجوع وسيلة أخطر على الفلسطينيين من الصواريخ.
وتسببت المجاعة في شمالي غزة، بتفاقم الأزمات الإنسانية غير المسبوقة التي تسبّبت بها الحرب المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ووفاة عدد من الفلسطينيين ولا سيما الأطفال.
وتتزايد أعداد الوفيات ولا سيما الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف في شمال غزة، حيث استشهد 28 طفلا بسبب المجاعة، وفق الاعلام الحكومي في غزة.
ويعاني الفلسطينيون شمال غزة من نقص حاد في الماء والغذاء حوّل حياتهم اليومية إلى كابوس يؤرّق عيشهم، وأضحوا يخشون الموت جوعاً لا من صواريخ إسرائيل.
** سوء التغذية
وتعد حالة الرضيعة جنيد، خير دليل على ذلك، وفق أخصائي طب الأطفال وحديثي الولادة في مستشفى كمال عدوان، الطبيب تامر التوم.
وأفاد الطبيب التوم، للأناضول، بأن “جنيد، التي تبلغ من العمر شهران، نقلت إلى المستشفى بسبب تدهور حالتها الصحية ومعاناتها من مشاكل صحية عديدة كالإسهال والتهابات شديدة في الصدر”.
ويوضح الطبيب أن والدة الطفلة لم تتمكن من الحصول على التغذية الكافية والسليمة أثناء فترة الحمل بسبب الأوضاع الصعبة وحالة المجاعة المتفاقمة شمال غزة.
ويشير إلى عدم حصول الأم أيضًا على الرعاية الكافية والفيتامينات أثناء الحمل، ما أدى إلى انخفاض وزن الطفلة أثناء الولادة إلى 2 كلغ فقط.
ويبين أن الحالة الصحية للطفلة استدعت دخولها إلى قسم العناية المركزة بسبب الجفاف الشديد وسوء التغذية، وعدم توفر حليب الأطفال المناسب وعدم قدرة الأم على إرضاعها.
** تأخر النمو
ويقول الطبيب الفلسطيني، إنّ “كل ذلك تسبب في ضعف وتأخر النمو لدى الطفلة، وبالتالي ضعف المناعة وإصابتها بالأمراض الشديدة التي أدخلتها إلى العناية المركزة”.
ويتابع: “نقص المعدات والإمكانيات والأدوية أدى إلى تفاقم حالة الطفلة الرضيعة وتأخر علاجها”.
وأوضح أن حالة الطفلة تزداد سوءًا يومًا بعد يوم.
وفي 18 مارس/ آذار الجاري، قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، إن إسرائيل تستخدم الجوع كسلاح من خلال منع دخول المساعدات إلى غزة.
وفي انتهاك للقوانين الدولية، تقيّد إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ولا سيما برا، ما تسبب في شح إمدادات الغذاء والدواء والوقود وأوجد مجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين في القطاع الذي تحاصره منذ 17 عاما، ويسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني في أوضاع كارثية.
وتواجه إسرائيل اتهامات فلسطينية ودولية باستخدام “التجويع” سلاحًا في غزة، بما يرقى إلى مستوى “جريمة حرب”، وتدعوها الأمم المتحدة إلى فتح المعابر البرية لإغراق القطاع بمساعدات إنسانية قبل أن تلتهم المجاعة المزيد من سكانه.
وفي محاولة لتدارك الأزمة، تواصل دول عربية وأجنبية تعاونها من أجل إنزال المساعدات جوًّا على مناطق شمالي القطاع، إلا أنها تظل غير كافية ولا تسد الاحتياجات العاجلة للفلسطينيين.
وخلّفت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول إسرائيل للمرة الأولى، أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية”.