شيخ قبائل المنابهة في عنزة السورية لـ«»: حمص تجاوزت الفتنة.. ولا عودة لـ«حزب الله»

بينما تتناقل وسائل الإعلام الأخبار اليومية عن التوتر في حمص (قلب سورية)، قررنا التوجه إلى المدينة لمعرفة ما يجري على أرض الواقع، وكيف تعيش المدينة ذات التنوع الديني والمذهبي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ سورية؟ توجهنا إلى خيمة شيخ قبائل المنابهة في قبيلة عنزة السورية عبدالإله الملحم؛ الذي نصب خيمته في قلب المدينة لتكون مركز السلم الأهلي والتواصل بين جميع أبناء المدينة، وبالفعل وصلنا إلى خيمة الشيخ عبدالإله، ووجدنا من حوله كل مكونات أبناء حمص.

«» حاورت الشيخ عبدالإله عن أوضاع حمص وما يجري فيها، وجهوده الخاصة في ترسيخ مبادئ التعايش والسلم الأهلي..

• هل لك أن تضعنا في صورة وضع حمص؛ التي يخشى الكثير انفجارها الطائفي؟

•• دعني أقول لك إن حمص تجاوزت الفتنة والانفجار، صحيح أنها كانت على فوهة بركان لكنها اليوم من الناحية الاجتماعية متماسكة، وبدأنا منذ وصولنا إليها عقد لقاءات بين كل أبناء حمص من كل المكونات، وتحدثنا بشكل عميق عن العدالة الانتقالية، والخوف من أي توتر في المدينة انتهى بفضل قوة أبنائنا وشبابنا الذين أنهوا مرحلة النظام البائد، وأتوا بقيم عظيمة ترسخ مبادئها على أرض الواقع.. عندما قدمت لحمص رأيت التماسك الاجتماعي، العديد من الأسر، التي عادت، عملت على الاستقرار في منازلها، وانتقلت للمساعدة إلى بيوت الجوار للمساعدة في تجهيزها وترميمها بعد أن عاث بها النظام الهارب.

قواعد السلم الأهلي

• هل لديكم تواصل وتنسيق مع الإدارة الجديدة لإرساء السلم الاجتماعي؟

•• هناك دولة وهيئة سياسية وهيئة إدارية وهيئة عسكرية تعمل على الأرض، ولها جهود كبيرة في كل المناطق السورية.. ولكن أنا معني بالجانب الاجتماعي والسلم الأهلي.. والتواصل مع الطوائف كافة؛ سواء المسيحية، العلوية، وغيرها ممن يتواجدون في دائرتنا الإدارية.. وبدأنا التواصل بما تعنيه الكلمة، وبدأنا ولا نزال في وضع قواعد السلم الأهلي والتعايش بين الجميع وطمأنة كل من تكلمت عنهم. كنت في زيارة البارحة لـ(صدد) منطقة مسيحية في ريف حمص، وفي الحفر، وبعدها زرنا أهل مهين، وتجولنا في عدة مناطق في حمص للوقوف على السلم الأهلي، فالعمل الاجتماعي والإنساني مطلوب الآن بشكل كبير، ومن ثم العمل على مفاهيم العدالة الانتقالية. وهذا يعني بطبيعة الحال أهمية الحديث مع القيادة السياسية الفعلية لترسيخ مبادئ العدالة الانتقالية للوطن، وبالنسبة لي فإن جهودي تتركز على تطبيق العدالة الإنسانية والاجتماعية ونرسخ للسلم الأهلي.

تواصل رغم انقطاع العلاقة

• ما آليات عملكم للسلم الأهلي؟

•• أبناء حمص جميعهم تربطني معهم علاقة أخوية كبيرة وتاريخية، ونحظى بالثقة الكبيرة بين أبناء المحافظة، ما ساعدنا على تجاوز الكثير من الأمور الاجتماعية، صحيح أن العلاقة انقطعت طوال 14 عاماً، لكن كنا على تواصل مع الجميع، والآن نحن موجودون على الأرض، ونعمل على إعادة التعايش والتفاهم بين كل أبناء المنطقة.

• حمص لها خصوصية مذهبية ودينية.. هل لمستم مخاوف دينية؟

•• ربما تقصد الإخوة المسيحيين؛ فهم موجودون منذ العهد الإسلامي الأول أثناء الفتح الإسلامي الأول، وهم الذين اتفقوا مع خالد بن الوليد، وفتحوا أبواب المدينة. العلاقة تقوم على الأخلاق.. نريد أن نرتقي ونعيد سورية كما كانت بكل مكوناتها وأطيافها.. نحن شركاء في الوطن، لا توجد طائفة أو أصحاب ديانة يستجدون أمنهم من الآخر، نحن سوريون بامتياز.. الوطن يحمي الجميع، والقانون يحمي الجميع.. هذا الذي نريد إيصاله لكل الفئات والطوائف والمذاهب والأعراق.. سورية القادمة جميلة.

الأمان لجميع السوريين

• قلتم إن حمص كانت على فوهة بركان.. فماذا تقصدون؟

•• حمص عبارة عن تكتل كبير جداً من كل الطوائف، توجد فيها قرى كثيرة للطائفة العلوية، التي تمثل ثقلاً لا يستهان به، وتربطنا معهم علاقات جوار قوية وعلاقات أخوية.. أيضاً المسيحيون لهم ثقل كبير في حمص، وتربطنا بهم علاقات وصداقات منذ الأجداد.. لذلك كان هناك هاجس عند المجتمع الدولي، أو بالأحرى تسليط الضوء من بعض المغرضين حول استقرار الوطن.. بإثارة الخوف على الأقليات، لكن ما جرى على أرض الواقع حين تقدمت قوات الإدارة الجديدة تبين أنهم ثوار يريدون الأمان لجميع السوريين، ورفعوا رايات الاطمئنان وكان تعاملهم في غاية المسؤولية.. حين دخلوا حلب، كيف تعاملوا مع أهلها خصوصاً الطائفة المسيحية؟ كانت المرأة تُسأل في الشارع: هل أُوذيت؟ وكذلك في حماة ودمشق… النظام أربكنا وأربك ثورتنا 14 عاماً.

إدارة متعاونة وإيجابية

• هل تتفاعل معكم الإدارة الجديدة في مساعي السلم الأهلي؟

•• أولاً هذه مسؤولية اجتماعية وطنية، على الجميع أن يعمل من أجل بناء السلم الاجتماعي، وبالتالي بناء الدولة السورية الجديدة لكل السوريين، وهذا دور وطني لا يتطلب القيام به الحصول على إذن أو موافقة من جهة معينة.. كل إنسان قادر على القيام بعمل إنساني وأخلاقي، يجب عليه القيام به، وفي الحقيقة الإدارة الجديدة متعاونة وإيجابية، ودعني أقول لك إن هذه المنطقة منطقتي، وهمّي الأول أن يكون أهلها على توافق، وعدم وجود سلاح وسرقات ونهب.

• كيف تقيّم استجابة المكوّنات في حمص لمبادرات السلم الأهلي؟

•• هناك تفاعل رائع بين الجميع، ورغبة من كل السوريين لطيِّ صفحة الماضي ونبذ الفرقة والتوتر، الكثير من المكوّنات أبلغتنا أنها مستعدة للتعاون من أجل تسليم المجرمين والسلاح، بل أبدوا الاستعداد للتعاون حتى مع الإدارة الجديدة.

خطر على سورية

• هل تخشون عودة عناصر «حزب الله» إلى حمص من لبنان؟

•• «حزب الله»، كان ولا يزال خطراً على سورية وعلى وحدة وتماسك الشعب السوري.. هؤلاء مارسوا كبرى الجرائم بحق الشعب السوري، وجاؤوا إلى سورية بعباءة الدين الكاذبة، وأؤكد لك لن تكون هناك عودة لـ«حزب الله»، وسيكون الشعب السوري له في المواجهة بعد أن تمكن السوريون من استعادة دولتهم.