كشفت صحيفة ذا ماركر الإسرائيلية، اليوم الخميس، عن منعها من قبل سلطات الاحتلال من نشر تقرير قبل عامين عن التهديدات التي وجهها رئيس جهاز المخابرات الإسرائيليّة الخارجي (الموساد) السابق، يوسي كوهين، لمدعية المحكمة الجنائية الدولية السابقة، فاتو بنسودا. واعتبرت الصحيفة أن عدم السماح لها بنشر تفاصيل القضية يدل على أن نفي الاحتلال الإسرائيلي للمعلومات التي وردت في تحقيقين نشرتهما صحيفة ذا غارديان البريطانية هذا الأسبوع بشأن هذه القضية مجرد تضليل.
وأوضحت “ذا ماركر” كيف أن سلطات الاحتلال الأمنية استخدمت صلاحياتها في وقت الطوارئ لكي تمنعها من تناول القضية، وأكدت أن هذه السلطات أقرت بكل التفاصيل التي جمعتها حينها، والتي تضمّن تحقيق الصحيفة البريطانية معظمها، ما يؤكد أن الاحتلال لم ينفِ في ذلك الوقت حقيقة أن الموساد حاول الضغط على عمل المحكمة الجنائية الدولية لمنعها من التحقيق في تهم بارتكابها جرائم حرب.
وكشفت صحيفة ذا غارديان في تحقيق صحفي، أول أمس الثلاثاء، عن تهديد كوهين لبنسودا والضغط عليها للتخلي عن التحقيق في جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبدأ كوهين باتصالاته السرية مع بنسودا في السنوات التي سبقت قرار المدعية العامّة بفتح التحقيق.
وتعود قضية المحكمة الجنائية الدولية إلى عام 2015، عندما قررت بنسودا فتح فحص أولي للوضع في فلسطين بديل للتحقيق الكامل، كان تحقيقها مكلّفاً إجراء تقييم أولي للاتهامات بارتكاب جرائم من أفراد في غزة والضفة الغربيّة والقدس الشرقيّة المحتلّة.
وكان عدد من الكتّاب والصحافيين الإسرائيليين من تبعات تحقيق ذا غارديان، وقال الصحافي والمعلّق في صحيفة يديعوت أحرونوت إيتمار آيخنير، أمس الأربعاء، إنّ هذه القضية تورّط إسرائيل أمام المحكمة نفسها، كذلك تعزز أسباب إصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، كذلك تعقّد هذه القضية من وضع إسرائيل أمام المجتمع الدولي، وتظهرها دولةً منبوذةً تعتمد على أساليب مظلمة متّبعة لدى الأنظمة الديكتاتورية.
من جهته، وجه رئيس الموساد السابق، تامير باردو، انتقادات لاذعة لسلفه كوهين، بسبب ضلوع الموساد في تهديد بنسودا، وقال في مقابلة أجرتها معه صحيفة هآرتس، نشرتها اليوم الخميس، إن “ذلك يعبّر عن ابتزاز باستخدام التهديد، وهذا على رأس قائمة القضايا التي يجب الامتناع عنها، من الصعب أن أصدق أن هذا ما أقدم عليه الموساد” بحسب تعبيره.
ولم تنفِ إسرائيل رسمياً ما جاء في تحقيق الصحيفة البريطانية، حتى في التعقيب الصادر عن مكتب نتنياهو، الذي اكتفى بالقول إنّ “الأسئلة التي حُوّلت إلينا تشوبها الكثير من الادعاءات المغلوطة والمبالغ بها، والتي تهدف لإلحاق الضرر بدولة إسرائيل”، أما الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) يوسي كوهين، وهو أحد أبرز الشخصيات التي ورد اسمها في التحقيق ولعب دوراً في عملية الابتزاز والتهديد، فلم يعقّب حتى الآن على ما جاء فيه ولم ينشر أي نفي.