هآرتس – بقلم: جاكي خوري “الاحتجاج الذي أشعله موت الناشط السياسي نزار بنات في الضفة الغربية يستمر في إشغال الأوساط السياسية في الضفة الغربية وعلى رأسها حركة فتح. تقدر الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن الاحتجاج في مرحلة خفوت، لكن مصادر في حركة فتح قالت للصحيفة بأن الأمر يتعلق بهدنة مؤقتة فقط. في جلسات مغلقة أشارت شخصيات كبيرة ونشطاء ميدانيون في الحركة إلى أن محاولة قمع الاحتجاج من خلال اعتقال المتظاهرين وتشويه صورة المنظمين لم تساعد على تهدئة النفوس، بل قد تؤدي إلى الاشتعال. ترى السلطة أن عدداً من أحداث الأيام الأخيرة إشارة تحذير بفقدان السيطرة وتخاف من التدهور إلى حالة الفوضى، التي أيضاً لا يريدها منظمو الاحتجاج.
تعتقد مصادر في السلطة أن وجود رجال فتح مسلحين في عدد من البؤر في رام الله وبيت لحم يشكل خرقاً لقواعد اللعب. إضافة إلى ذلك، كان في بعض مدن الضفة تراكم في أحداث العنف مثل إحراق بيوت وإطلاق النار على بيوت وممتلكات. ورغم أن سبب العنف نزاعات شخصية، إلا أن السلطة تخاف من وصول رسالة أن السلطة تفقد السيطرة وأن الأجهزة الأمنية ضعيفة.
على هذه الخلفية بدأت رام الله تهتم بإصلاح في قيادة السلطة وإجراء تغييرات شخصية في مراكز اتخاذ القرارات. طرح اسم رئيس الحكومة محمد اشتية وعدد من الوزراء في حكومته كمرشحين للاستبدال. ونتيجة لذلك، هناك ضرورة لإجراء تغييرات في المستويات الأقل، منها في أوساط المحافظين وفي صفوف الأجهزة الأمنية وفي وظائف تمثيلية مثل سفراء السلطة في دول مختلفة. وقال نشطاء في فتح إن الحاجة إلى التغييرات ظهرت حتى قبل موت بنات، لكن هذه القضية وفرت الدعم لذلك. وأكدوا أنه لم يتم التوصل إلى تفاهمات كاملة، ومن غير الواضح متى ستنضج الأمور للتنفيذ.
إحدى الإشارات على محاولة إجراء التغيير هي عودة رئيس الحكومة السابق الدكتور سلام فياض إلى الساحة العامة. وقالت مصادر في رام الله إن فياض التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مبنى المقاطعة، وأجرى محادثات غير رسمية مع رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، اللذين يعتبران من دائرة عباس المقربة. ترك فياض السياسة الفلسطينية قبل بضع سنوات، ومنذ ذلك الحين وهو يتعرض لملاحقة أجهزة السلطة الأمنية. قائمة برئاسة فياض قدمت ترشحها للانتخابات البرلمانية الفلسطينية التي كان يجب أن تجرى في أيار الماضي.
دخل فياض إلى قطاع غزة قبل عشرة أيام عبر معبر إيرز. وهذه حقيقة تدل على أن زيارته تمت بالتنسيق مع السلطة وإسرائيل. التقى فياض في غزة ممثلي التنظيمات الفلسطينية، بما في ذلك حماس. وعقب ذلك، تم طرح إمكانية أن يقود تشكيل حكومة موسعة تحصل على موافقة فتح وحماس وتقود عملية إعمار القطاع. المتحدث بلسان “فتح”، نشر بيان جاء فيه أنه لا علاقة بين زيارة فياض والحوار حول تشكيل حكومة، واعتبر أن الزيارة جرت “لأغراض إنسانية ولاحتياجات السلام”.
شخصيات مختلفة في السلطة دعت أيضاً إلى العودة إلى مسار الانتخابات بعد تشكيل الحكومة الجديدة. وحسب قول هذه الشخصيات، فإن الانتخابات ستساعد على مواجهة خيبة أمل الجمهور. وتؤكد هذه الشخصيات على أنه من الأسهل التوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل حول إجراء الانتخابات شرقي القدس بسبب وجود إدارة بايدن.
وثمة مصادر في فتح وفي أوساط معارضي السلطة يشككون في احتمالية إجراء إصلاحات مهمة والدفع قدماً بالانتخابات، مقابل معارضة شديدة من جهة أوساط في الحركة تخاف من فقدان قوة الحكم. ويعتبرون الوضع الحالي في السلطة وضعاً يتميز بعدم الاستقرار ويحذرون من تدهور الأمور في ظل غياب برنامج منظم للخروج من الأزمة.
ازدادت الغضب والإحباط في أوساط سكان الضفة منذ أعلن الرئيس الفلسطيني تأجيل الانتخابات في نيسان إلى إشعار آخر بذريعة أن إسرائيل لا تسمح بإجرائها في شرقي القدس. المطالبة بإجراء الانتخابات كانت أصيلة، وأكثر من 80 في المئة من سكان الضفة والقطاع سجلوا في سجل الناخبين. عشرات القوائم، سواء في الضفة أو في قطاع غزة، قدمت الترشح للجنة الانتخابات.
سلوك السلطة في قضية تطعيمات كورونا زاد من الانتقاد الموجه للحكومة. في الشهر الماضي أعلنت إسرائيل والسلطة الفلسطينية بأنهما وقعتا على اتفاق تقوم إسرائيل في إطاره بتحويل 1.4 مليون جرعة تطعيم للفلسطينيين. وبعد بضع ساعات على البيان، أعلن رئيس الحكومة، محمد اشتية، عن إلغاء الاتفاق عقب ضغط عام اندلع بعد أن تبين بأن سريان مفعول التطعيمات قد ينتهي في حزيران. نزار بنات، الذي توفي أثناء اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، كان أحد منتقدي الحكومة على خلفية قضية التطعيمات. وقبل بضعة أيام من موته، هاجم بنات بشكل شخصي رئيس الحكومة محمد اشتية ووزيرة الصحة مي كيلة. وأشعل موته الاحتجاج ضد قيادة السلطة في أماكن مختلفة بالضفة.