قالت مصادر مصرية مطلعة على جهود الوساطة التي تقودها القاهرة بين فصائل المقاومة في قطاع غزة، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، إن “وفد حركة حماس الذي وصل أول من أمس الثلاثاء إلى القاهرة، بقيادة مسؤول مكتب مصر في الحركة روحي مشتهى، جاء بشكل عاجل لاحتواء تداعيات التوتر في القطاع، بعدما أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، رفع درجة الجاهزية في صفوف قواتها، رداً على اعتقال سلطات الاحتلال القيادي في الحركة في جنين بسام السعدي بطريقة همجية والاعتداء عليه”.
وكشفت المصادر، اليوم الخميس، خلال حديثها لصحيفة “العربي الجديد”: أن مصر نقلت رسائل إسرائيلية عاجلة لوفد الحركة الذي زار القاهرة، متعلقة بالتوتر الذي يشهده قطاع غزة في الوقت الراهن، في أعقاب اعتقال السعدي.
وأكدت حكومة الاحتلال، وفق الرسالة، أنها لن تفصل بين الجهاد وحماس في التعامل، بحال حدوث أي تصعيد يصدر من القطاع، باعتبار أن حماس هي المسؤولة من حيث الولاية على القطاع”.
وأكدت المصادر “أن “جهود الوساطة التي قادتها القاهرة خلال الساعات الماضية نجحت إلى حد كبير في نزع فتيل التصعيد من جانب الجهاد وحكومة الاحتلال”، كاشفة أن “اتصالاً جرى بين رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، والأمين العام لحركة الجهاد زياد نخالة، مساء الثلاثاء، أعاد الأمور إلى نصابها”.
وأضحت المصادر والتي تتولّى مهمة تقدير المواقف الاستراتيجية، بناء على المعلومات الرسمية، أنه “كان مقرراً ترتيب زيارة لوفد حماس خلال الفترة المقبلة عقب انتهاء زيارة الوفد الأمني المصري إلى غزة، للوقوف على النتائج، بعد تشاور المكتب السياسي للحركة في غزة مع المستوى القيادي لحماس”.
وأكدت أن “الجهود منصبّة في الوقت الراهن، من الجانب المصري، نحو إتمام صفقة الأسرى والانتهاء من خطوطها العريضة”. وأشارت المصادر إلى أن “وفداً قيادياً من حماس سيزور القاهرة في غضون شهر من الآن، لأسباب متعددة، من بينها لقاء مسؤولين مصريين جدد بالملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة تولوا المسؤولية أخيراً”.
كما كشفت المصادر أن “الحكومة الاسرائيلية الحالية لا تريد أن تظهر في موقف ضعف أثناء ذهابها لإتمام صفقة تبادل الأسرى، لإدراك القيادات الحالية مدى تأثير تلك الخطوة على نتائج الانتخابات المقبلة المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل”. وأكدت أن “الإجراءات الأمنية التي تنفذها سلطات الاحتلال في الضفة الغربية هدفها إعلامي لمخاطبة الداخل الإسرائيلي في المقام الأول”.
وأوضحت المصادر أنه “خلال اتصالات جرت أخيراً مع الجانب الإسرائيلي طالبت القاهرة بضرورة تهيئة المناخ لإطلاق عملية إتمام الصفقة”، مؤكدة أن “لعبة توازنات تسعى إسرائيل لتطبيقها، نظراً للخلافات السياسية الداخلية في تل أبيب، نتيجة الأزمة السياسية الراهنة”.
وكشفت المصادر أن الأيام الأخيرة الماضية “شهدت مباحثات بين القائمين على الملف في إسرائيل ومصر، بهدف الوصول إلى حل لعقبة المؤبدات”، حسب تعبير أحد المصادر، في إشارة إلى أصحاب المحكوميات الكبيرة بين الأسرى وأعدادهم في القوائم المطروحة من “حماس”.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يئير لبيد يسعى جاهداً هو وغانتس للتوصل إلى صيغة تسعفهما لإتمام الصفقة قبل الذهاب لصناديق الاقتراع، إلا أن المؤشرات الحالية، بحسب المصادر، “ربما لن تقود إلى ذلك في القريب”.
وأرجعت المصادر ذلك لكون الأمر “يحتاج إلى حكومة إسرائيلية قوية غير هشة لتكون قادرة على اتخاذ القرار، بخلاف أن هناك أطرافاً إسرائيلية تعمل على عرقلة الجهود في الوقت الراهن، وربما يكون ذلك لأسباب انتخابية”.
في المقابل، قالت المصادر إن “هناك مصلحة مشتركة في الوقت الحالي لكل من حماس وحكومة الاحتلال، متمثلة في تحقيق انفراجة معيشية واقتصادية وخدمية في قطاع غزة، لتهدئة المواطنين الغاضبين نتيجة الإجراءات التي اضطرت لها سلطة حماس في القطاع بسبب الأزمات الاقتصادية المتلاحقة”.
وأكدت أنه “في الإطار ذاته تسعى إسرائيل للحفاظ على الهدوء في القطاع بشكل لا يضاعف من الأزمة السياسية أو يعيق الانتخابات خلال الفترة القريبة المقبلة”.
في غضون، ذلك نقلت وسائل الإعلام العبرية تفاصيل مسيرة لعائلات الأسرى الإسرائيليين لدى “حماس”، تم تنظيمها بمبادرة من عائلة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن، الأسير لدى الحركة منذ عدوان 2014. وتأتي المسيرة بمناسبة مرور 8 سنوات على أسر الجنديين غولدن وأورون شاؤول.
وتأتي المسيرة لعائلات الجنود الأسرى، بعد 4 أيام من إعلان أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب “عز الدين القسام”، الجناح العسكري لـ”حماس”، أن الاحتلال قد استهدف موقعاً وجد فيه أحد الجنديين الإسرائيليين الأسيرين، موضحاً أن القصف الذي نفذ العام الماضي خلال العدوان على قطاع غزة المحاصر، أسفر عن استشهاد “أحد مجاهدي وحدة الظل” المكلفة بإخفاء الأسرى، وإصابة آخرين.
ويعتبر هذا الإعلان من قبل “كتائب القسام”، تلميحاً إلى أن أحد الأسيرين الجنديين الإسرائيليين لديها، لا يزال على قيد الحياة، في حين تتبنى سلطات الاحتلال رواية رسمية تقول إن الأسيرين الجنديين قد قُتلا خلال الحرب على القطاع عام 2014.
وأبقت إسرائيل أمس الأربعاء، ولليوم الثاني على التوالي، على تأهبها في محيط قطاع غزة، تحسباً لهجمات من “الجهاد الإسلامي”، بعدما كان الجيش الإسرائيلي قد شرع، الثلاثاء، في إغلاق طرق في التجمعات الإسرائيلية في غلاف غزة.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، أمس، إنه “تقرّر في ختام جلسة أمنية تقييمية تجنيد نحو مائة عنصر احتياط، أي ثلاث سرايا لمساعدة فرقة غزة (إحدى فرق الجيش) في إغلاق الطرق في محيط قطاع غزة”.
وأضافت: “تستمر حالة التأهب الأمنية في المنطقة تحسباً لقيام حركة الجهاد الاسلامي بإطلاق قذائف صاروخية أو صواريخ مضادة للدروع، رداً على اعتقال القيادي بسام السعدي”. وتابعت: “طُلب من الجنود عدم الوقوف مكشوفين أمام القطاع، لتجنب التعرض لإطلاق نار القنص”.
وأشارت إلى أن الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي “أوعزت إلى نحو أربعة آلاف وخمسمائة مواطن في القرى المجاورة للسياج الأمني، بأن يصلوا إلى منازلهم عبر الحقول الزراعية المخفية عن الحدود”.
من جهتها، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وزير الأمن بني غانتس قوله: “إذا لم يكن من الممكن العودة إلى الحياة الطبيعية في غلاف قطاع غزة، فلن تكون هناك حالة طبيعية داخل غزة أيضاً”.
بدوره، قال موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري الإسرائيلي إن “القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي ومجموعة الدفاع الجوي في حالة تأهب قصوى لاحتمال إطلاق صواريخ”.
أما صحيفة “يسرائيل هيوم” فقالت في عددها أمس إن إسرائيل أوضحت أنها لن تقبل بمبدأ فصل الجبهات، بمعنى أنه “في حال نفذ تنظيم فلسطيني عملية كبيرة انطلاقاً من الضفة الغربية، ستتم جباية ثمن من قيادته في قطاع غزة”. وحسب الصحيفة فإن “المؤسسة العسكرية في إسرائيل ترى أن حماس والجهاد الإسلامي معنيان بالتصعيد وتنفيذ عمليات في الضفة الغربية من دون الحاجة إلى إشعال مواجهة معها انطلاقاً من غزة”.