مسألة استيعاب اللاجئين الأوكرانيين في إسرائيل تشكل التحديات الأكبر التي شهدتها الدولة. صحيح أنه لا حدود تربط بين الدولتين، ولكن ثمة مصالح عديدة مشتركة، اقتصادية واجتماعية، في مركزها العلاقة بين مئات آلاف المهاجرين القدامى من أوكرانيا مع أصدقائهم وأبناء عائلاتهم المتواجدين في بلاد وطنهم الذي يعاني من الحرب.
من جهة إسرائيل، كدولة يهودية، تريد أن تساعد وتعين الكثير جداً من اللاجئين، ولكن بالمقابل، يفترض بالاعتبار الديمغرافي أن يمنع أصحاب القرار من مد اليد واستيعاب لاجئين بكميات غير محدودة هنا.
يتغلب الاعتبار الديمغرافي في إسرائيل على كل اعتبار آخر في كل مسألة، مع أن إسرائيل تريد اليوم أن تلعب دوراً مهماً جداً وربما حاسماً في النزاع بين روسيا وأوكرانيا. ليس صدفة أن قرر رئيس الوزراء نفتالي بينيت أن يلعب دور الوسيط، بل ويسافر، السبت، إلى روسيا وألمانيا في محاولة لتحقيق وقف للنار؛ لأن الواضح تماماً بأن تداعيات الحرب، وليس مسألة اللاجئين فقط، ستصل آجلاً أم عاجلاً إلى إسرائيل أيضاً، بسبب العلاقة الخاصة الاقتصادية والسياسية مع الطرفين. العلاقة مع روسيا أمنية أيضاً، لكونها قوة عظمى تتخذ سياسة وتأثير على ما يجري في الشرق الأوسط، وبخاصة في الحدود الشمالية والشمالية الشرقية لإسرائيل، والتي أصبحت تهديداً كبيراً في العقد الأخير.
اصطلاح لاجئين، لاجئي حرب، مخطوط في تاريخ دولة إسرائيل منذ قيامها، سواء بسبب اللاجئين اليهود الذين يعرفون كمهاجرين أو كمهاجرين يهود جاءوا إلى دولتهم؛ أم بسبب اللاجئين الفلسطينيين الذين يوجد كثيرون منهم في الدول المجاورة – الأردن، لبنان، سوريا ومصر – والذين يعرفون كـ “غائبين” (حتى أنه سن قانون خاص تحت اسم “قانون أملاك الغائبين”، الذي أمّم حتى الآن أو باع معظم أملاكهم الخاصة).
قسم كبير من اللاجئين الفلسطينيين لا يزالون موجودين في دولة إسرائيل. وقد حصلوا على مواطنة الدولة الشابة التي قامت في العام 1948 ويسكنون في بلدات عربية أو مختلطة، ولكن لا يسمح لهم -حسب قانون “أملاك الغائبين”- أن يعودوا إلى تلك الأراضي أو تلك الأملاك التي أخذتها الدولة لملكيتها بعد أن تركوها في مكان سكنهم الذي هربوا منه أو هُرّبوا منه. بعض الأراضي صادرتها لأغراض عامة، وبعضها باعته، وأدخلت المردودات إلى صندوقها. عملياً، عشرات آلاف الفلسطينيين يعرفون حتى اليوم كـ “حاضرين – غائبين”، حاضرين في الدولة، وغائبين عن أملاكهم. إسرائيل، بالتالي، ساعدت دولة معينة في أوروبا في أثناء الحرب، لكنها أهملت وتجاهلت عن قصد (وهناك من سيقول رفضت أن تمد اليد) عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين بقوا هكذا منذ العام 1948.