هآرتس – بقلم: عاموس هرئيل “رئيس الحكومة نفتالي بينيت، وسلفه في هذا المنصب رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، يلقي كل منهما على الآخر مسؤولية سبب ارتفاع ثمن الغواصات الجديدة التي ستشتريها إسرائيل من ألمانيا. في هذا الأسبوع كتب آفي بار ايلي، في “ذي ماركر” بأن الشركة المنتجة للغواصات، وهي أحواض سفن “تسنكروف”، رفعت ثمن الغواصات الثلاث التي ستشملها الصفقة بصورة مفاجئة حتى تضاعف ثمنها على إسرائيل من 1.2 مليار يورو مثلما اتفق بين الطرفين في 2017 إلى 2.4 مليار يورو. تعهدت حكومة ألمانيا بتمويل باقي التكلفة التي تبلغ 600 مليون يورو. في بداية الأسبوع، صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التسلح على الصفقة، رغم الزيادة الواضحة في الثمن.
الذين هم في محيط نتنياهو اتهموا الحكومة الحالية بمسؤولية ما حدث. وحسب هذه الرواية، عمل نتنياهو منذ البداية لضمان شراء غواصات أخرى بثمن معقول. ولكن الحكومة الجديدة تباطأت في إنهاء الصفقة، فاستغل حوض السفن الألماني المقاربة الهاوية لتضخيم الثمن. وبرر الجيش الإسرائيلي الارتفاع الحاد في الثمن بالزيادة المتواصلة في سعر المعادن في العالم. وقالت جهات رفيعة في الجيش، إن الجيش شخص التغيير المتوقع، وحذر به الجهات السياسية، لكن القرار تباطأ لسنتين تقريباً على خلفية الأزمة السياسية المستمرة، وفي إطارها تم تجميد المصادقة على ميزانية الدولة لسنتين، وقد تباطأت صفقات أخرى لمشتريات أمنية.
رواية بينيت مختلفة في مضمونها عما وصفه نتنياهو. فحسب رأيه، بعد فترة قصيرة من تسلمه لمنصبه في حزيران الماضي، أوضحت له وزارة الدفاع وأعضاء في مجلس الأمن القومي بأنه إذا لم يتم إنهاء صفقة المشتريات للغواصات الثلاث، التي ستحل محل الغواصات الثلاث القديمة وإبقاء الأسطول بست غواصات في بداية العقد القادم، فسيتأخر التزويد. قيل لبينيت، إن إسرائيل ستبقى لفترة زمنية حاسمة دون عدد كاف من الغواصات التي تعدّ سلاحاً استراتيجياً بالنسبة لها. لذا، ثمة حاجة إلى أن يتدخل بسرعة. وتم التوضيح لرئيس الحكومة بأن ألمانيا هي المزود الوحيد للغواصات، وأن ليس أمام جهاز الأمن بديل شراء آخر.
كانت هذه خلفية لدعوة المستشارة الألمانية السابقة، أنغيلا ميركل، لزيارة إسرائيل في آب الماضي. وقد تبين لبينيت أن السبب الرئيسي لتباطؤ التوقيع ينبع من مخاوف ألمانيا من أن التحقيق في صفقة الغواصات قد يكشف فساداً في علاقة متخذي القرارات في إسرائيل مع شركة “تسنكروف” حول الصفقات السابقة في البلاد، وتلزم حكومة ألمانيا قانونياً بتجميد كل الصفقات. رئيس الحكومة طرح القضية في لقائه مع ميركل ومستشاريها في إسرائيل، وأوضح لهم بأنه هو نفسه لم تكن له أي علاقة بالجرائم التي يتم التحقيق فيها (التي يتهم مقربو نتنياهو في عدد منها)، وتعهد أمام الألمان بأن يتم استمرار الإجراءات بصورة نقية تماماً.
في الوقت نفسه، عمل بينيت على تأخير تشكيل لجنة التحقيق لعدة أشهر، في القضية التي بادر إليها وزير الدفاع بني غانتس بذريعة أن الأمر قد يؤثر على التقدم في إغلاق صفقة الغواصات الجديدة. تحسس بينيت لدى ميركل بشأن زيادة المساعدة الألمانية بأكثر من 600 مليون يورو، ولكنه أجيب بأن الأمر قد يعقّد مصادقة سريعة على الصفقة.
بينيت يعتبر ارتفاع ثمن الغواصات نتيجة مباشرة للشكوك بالفساد التي ظهرت في عهد سلفه، وبسبب تأخير القرارات النهائية للمصادقة على الصفقة طوال سنوات. في نظره، فإن توجهه لميركل في آب، والمصادقة على الصفقة في هذا الأسبوع كانت بمثابة عملية إنقاذ لمنظومة الصواريخ التي علقت في هذه المشكلة بسبب سلفه. ولو بقي نتنياهو في الحكم لتجمدت الصفقة لشكوك بشأن تورط مقربيه. ولو انتظر بينيت أكثر لحدث تأجيل حاسم في تزويد الصواريخ في المستقبل. ولولا أنه ضغط على ميركل لاضطر بينيت إلى انتظار وريثها، اولف شولتس، ولا يقين بأن يوافق على تجاهل غيمة الشكوك مثلما فعلت سابقته في المنصب.
إلى جانب الخلاف بين بينيت ونتنياهو، تطرح أسئلة أيضاً بخصوص سلوك جهاز الأمن حول الصفقة الأخيرة. هل، كما يقول الجيش، أعطيت كل التحذيرات في مواعيدها بشأن ارتفاع متوقع في الثمن، أم أن أحداً ما قد نام في نوبة حراسته؟ هل ينبع التأخير من خلافات على المستوى السياسي والجولات الانتخابية المتكررة؟ مع الأخذ في الحسبان المبلغ الضخم الذي نتحدث عنه، الذي صودق عليه مرة أخرى بكل بسهولة وبسرعة في الحكومة، يبدو أننا هنا بحاجة إلى فحص من جهة خارجية. لا يمكن التطرق إلى تكلفة بمبلغ 5 مليارات شيكل أخرى كقدر، خاصة في الوقت الذي يختنق فيه الاقتصاد الإسرائيلي تحت تداعيات أزمة كورونا المستمرة.