معاريف – بقلم: المحامي اهرون بابو “في كتاب “ذكريات بعد موتي – قصة يوسف (تومي) لبيد” من (إصدار كيتر)، التي يبدو أنها تقوم أيضاً على أساس كتابات سيرة ذاتية وضعها الأب وليس فقط على أساس محادثات شفوية، يجلب يئير لبيد وصية أبيه الروحية الموجهة له في أثناء زيارة مشتركة لهما في بودابست. عندما وصلا إلى أحد جسور المدينة، وجدا المرحاض العام الذي اختبأ فيه لبيد الأب وهو طفل مع أمه. يروي لبيد الابن بأن الأب بدأ يرتعد، توجه إليه وقال: “يا بني، في هذا المكان، وحتى دون أن أعرف، أصبحت صهيونياً. هذه هي كل الفكرة الصهيونية. هذا هو السبب الذي أقام دولة إسرائيل. كي يكون لكل طفل يهودي دوماً مكان يذهب إليه”. ويجمل يوسي لبيد، فيقول بالنسبة لابنه يئير: “آمل أن يكون يئير قد فهم، وأنا مقتنع بأنه لم ينس”.
نحن أيضاً نأمل ألا يكون يئير لبيد قد نسي وصية أبيه، ولكننا نعرف قوة النشر الصحافي الهائل الذي يتلقاه كرئيس وزراء بديل، وتأثير التملق على كل شخصية عامة، والنعيم الذي يلف وزير الخارجية عندما يسعى رؤساء الدول إلى التقرب منه – وكلها قد تؤثر على كل شخص عادي ليس مبنياً شخصياً على نمط هرتسل، ودافيد بن غوريون أو ونستون تشرتشل. في ضوء لغة وصية يوسي لبيد التي لا لبس فيها، يصعب علينا قبول تصريح الابن في لقائه مع الملك ووزير الخارجية في البحرين بأنه يؤيد “دولتين للشعبين”، وهي الجملة التي اخترعها أوري أفنيري في حينه. لقد أعلن لبيد هناك بأنه موافق (بل، “متحمس”) لإقامة دولة فلسطينية أخرى، لكن ، على حد قوله، ثمة من لا يوافقون رأيه داخل الحكومة.
وأسأل السيد لبيد: هل نحتاج دولة فلسطينية إضافية إلى الاثنتين الموجودتين في بلاد إسرائيل التاريخية: تلك التي في دولة الأردن، حيث من شأن السلالة الملكية أن تسقط في كل لحظة وتأتي مكانها منظمات الإرهاب، وتلك التي في غزة، حيث سيادة فلسطينية إجرامية؟ ألا يفهم بأنه إذا كان يعطي تصريح موافقة كهذا على دولة فلسطينية ثالثة في حدود البلاد، فالتفسير الوحيد لذلك أن كل طفل يهودي سيفقد ذرة أمنه الشخصي في بلاد إسرائيل؟ فما حصل في غزة بعد انسحابنا من “غوش قطيف”، سيحصل بالتأكيد في يهودا والسامرة أيضاً. هذا واضح كشمس الظهيرة لكل شخص عاقل.
هل نسي يئير لبيد وصية أبيه التي اقتبسها في كتابه قبل عقد واحد فقط؟ لقد اعتدنا على ظاهرة نكث العهود – سواء في المحاكمة الجماهيرية أم في المحاكمة الخاصة – ولكن نكث تعليمات وصية شخصية حيث تظهر كل الملابسات بأن منظمات الإرهاب ستسيطر على يهودا والسامرة إذا ما وافقت إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية ثالثة تتعارض بالطبع مع مصلحة الصهيونية والأطفال اليهود الذين وجدوا وطناً بعد ألفي سنة منفى.
لم يكن للبيد سبب كي يعلن في البحرين عن موافقته على دولة فلسطينية كهذه، باستثناء سكرة المجد والنشر الذي يمنحه له هذا لدى العرب الذين نقلوا إليه محبتهم الزائفة. كان من الأفضل لو سكت في هذه المسألة، مثلما سكت بينيت في خطابه في الأمم المتحدة. فبأقواله، يعطي لبيد مسبقاً شرعية لـ “حل” ليس حلاً، بل هو غير مقبول من الفلسطينيين الذين يطالبون كشرط حصري لاعترافهم بدولة إسرائيل حق عودة كل أنسال اللاجئين من العام 1948.
للحكماء في الليل ممن يبحثون عن “الحل” المزعوم بتقسيم إضافي لبلاد إسرائيل والذي يجري دوماً في طالح اليهود، ينبغي الشرح بالتعليم الأساسي بأن السلطة الفلسطينية لا ترى في حرب تحريرنا نهاية قاطعة، بل معركة واحدة سيكون لها تتمة. رفضهم حتى لعرض “دولتين للشعبين” جذري لأنهم يؤمنون بأن حق عودة كل أنسال اللاجئين هو “الحل” الوحيد في بلاد إسرائيل.