كشف مسؤول مصري، مطّلع على الوساطة التي تقوم بها القاهرة بين فصائل المقاومة في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، عن تطور جديد بشأن الوساطة الأخيرة بين سلطات الاحتلال وحركة الجهاد الإسلامي، لوقف إطلاق النار في القطاع، في أعقاب التصعيد الأخير، إثر اعتقال القيادي بسام السعدي.
وقال المسؤول المصري، في تصريحات خاصة لـ”العربي الجديد”، إن قياديا بارزا في حركة “الجهاد” زار القاهرة أمس الأحد، والتقى اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة، وعددا من قيادات الجهاز، في محاولة مصرية للسيطرة على الأوضاع، وقطع الطريق على ما أسماه بـ”المحاولات الرامية لتوتير العلاقة بين مصر وفصائل المقاومة”، وعلى رأسها “الجهاد”، في أعقاب محاولة حكومة الاحتلال الإسرائيلي التملص من التزاماتها بإطلاق سراح الأسيرين خليل العواودة وبسام السعدي، وفقا لاتفاق الوساطة الذي باشرته مصر لوقف إطلاق النار.
وأوضح المسؤول المصري أن القيادي في الحركة، والذي فضل عدم ذكر اسمه، وصل القاهرة بناء على دعوة من المسؤولين في جهاز المخابرات العامة، لـ”إزالة سوء التفاهم الذي مسّ العلاقات في أعقاب قرار وقف إطلاق النار وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين أعلنوا خلالها عدم التزامهم بما جاء في البيان الصادر عن جهاز المخابرات العامة بشأن الوساطة، والتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدين أنهم لم يتعهدوا بإطلاق سراح الأسيرين، وأن من التزم بالعمل على الإفراج عنهما هي مصر”.
وتابع المصدر أن “المسؤولين في مصر أكدوا للقيادي في حركة “الجهاد” أن جهود إطلاق سراح الأسيرين لا تزال جارية على قدم وساق”، مضيفا أن “المسؤولين المصريين أطلعوا القيادي في “الجهاد” على تفاصيل المحاولات الرامية لتنفيذ التعهّدات الخاصة بالأسيرين العواودة والسعدي، والتي كان من بينها طلب تدخل الإدارة الأميركية لدى تل أبيب للضغط عليها، بعد ما أخذت مصر على عاتقها في وقت سابق وقف إطلاق النار بجهود كانت تلقى ترحيبا أميركيا”.
وكشف المسؤول المصري عن فحوى اتصالات مصرية جرت بالفعل بشأن العرقلة الإسرائيلية لاستكمال مسار التفاهمات، مشيرا إلى أن “الانطباع السائد لدى مصر في الوقت الراهن أنها تعرضت للخداع من جانب تل أبيب، سواء بشأن جهود الوساطة التي سبقت التصعيد الأخير، أو خلاله”.
ومددت محكمة إسرائيلية، الخميس الماضي، اعتقال القيادي في حركة “الجهاد الإسلامي” في الضفة الغربية، بسام السعدي، لمدة 6 أيام، بعد أن كانت قد اعتقلته في عملية وصفت بـ”الاستفزازية”، نفذها جيش الاحتلال مطلع الشهر الجاري، واقتحم خلالها مخيم جنين.
إلى ذلك، أوضح المسؤول المصري أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة طالبوا القيادي في حركة “الجهاد” بـ”ضبط الخطاب الإعلامي” لـ”منع تأجيج الرأي العام، سواء في مصر أم في غزة وفلسطين”، مؤكدين على حرص القاهرة على دورها الرامي لـ”الحفاظ على الهدوء في القطاع وخدمة الشعب الفلسطيني في الوصول لحقوقه”.
كما كشف المسؤول عن أن مباحثات القيادي في حركة “الجهاد” في القاهرة تطرّقت إلى طبيعة العلاقات بين الحركة وإيران، و”مطالب متعلقة بعدم الزج بالقطاع وسكانه في معترك ومواجهة عسكرية نيابة عن آخرين، أو بهدف تحقيق أهداف لأطراف إقليمية”، على حد تعبير المصدر، الذي شدد على أن اللقاء انتهى بـ”تأكيد على تمسّك الطرفين بتقدير الطرف الآخر، والحرص على عدم الإساءة إليه”.
مباحثات القيادي بحركة الجهاد في القاهرة، تطرقت إلى طبيعة العلاقات بين الحركة، وإيران، ومطالب متعلقة بعدم الزج بالقطاع وسكانه في معترك ومواجهة عسكرية، نيابة عن آخرين
وأوضح المسؤول المصري أن القاهرة دعت “الجهاد” إلى الحفاظ على حالة الهدوء، ووقف إطلاق النار في غزة، مؤكدة على ثقتها في نجاح جهودها التي ستنتهي بإطلاق سراح الأسيرين، وذلك رغم التصريحات الإسرائيلية التي تبعث رسائل خلاف ذلك، وأن القاهرة “تتفهم في الوقت ذاته حالة الغضب لدى مسؤولي الحركة، كما تتفهم طبيعة الوضع الداخلي في إسرائيل، وتأثيره على القرارات الخاصة بمسار الوساطة”.
وكان المتحدث باسم حركة “الجهاد”، داود شهاب، قد قال إن الاتفاق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي على وقف إطلاق النار جرى بوساطة مصرية، بعد أن “وعدت القاهرة بالعمل على الإفراج عن الأسيرين عواودة والقيادي في الحركة بسام السعدي”.
وأشار البيان المصري، الذي جرى الإعلان من خلاله عن وقف إطلاق النار، إلى أن “مصر تبذل جهودا وتلتزم بالعمل على الإفراج عن الأسير خليل العواودة ونقله للعلاج، وكذلك العمل على الإفراج عن الأسير بسام السعدي في أقرب وقت ممكن”.