شهدت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، أول مواجهة بين الوزراء بسبب إخلاء البؤرة الاستيطانية التي أقيمت جنوب شرق نابلس شمالي الضفة المحتلة.
وطالب كل من وزير الأمن القومي الإسرائيليّ، إيتمار بن غفير، ورئيس حزب الصهيونية الدينية، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اليوم الجمعة، وزير الأمن الإسرائيليّ، يوآف غالانت، بالامتناع عن إخلاء بؤرة استيطانيّة جديدة أقامها مستوطنون شماليّ الضفة الغربية المحتلة، فجر اليوم، فيما شرعت شرطة الاحتلال الإسرائيلي بإخلائها، بحسب ما ذكرت تقرير صحافية إسرائيلية.
وأقام مستوطنون، فجر اليوم الجمعة، بؤرة استيطانية جديدة على أراضي قرية جوريش جنوب شرق نابلس، وذلك بمناسبة مرور 30 يوما على وفاة الزعيم الروحي لتيار الصهيونية الدينية في إسرائيل، الحاخام حاييم دروكمان، وبهدف قطع التواصل الجغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة.
من جهته، هاجم سموتريتش وهو كذلك وزير في وزارة الأمن الإسرائيليّة، لديه صلاحيّات بشأن إدارة إجراءات الاحتلال في الضفة، غالانت، وأصدر مكتبه بيانا مقتضبا ذكر أن “الوزير أصدر صباح اليوم (الجمعة)، وفقا لصلاحياته، تعليمات خطية… بوقف الإخلاء وعدم تنفيذه، حتى يتم إجراء مناقشة حول الأمر في بداية الأسبوع” المقبل.
يأتي ذلك فيما قاطع وفد من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي، وصل إلى إسرائيل، الثلاثاء الماضي، وزراء اليمين المتطرف من حزب الصهيونية الدينية، الذي يرأسه سموتريتش، وحزب “عوتسما يهوديت”، الذي يرأسه بن غفير، وفق ما نقل موقع “واللا” الإلكتروني موظفين إسرائيليين اثنين رفيعين ومصدر أميركي.
وأفاد الموقع بأن السيناتور جاكي روزين، من الحزب الديمقراطي، أوضحت لمسؤولين في الحكومة الإسرائيلية أنها غير معنية بأن يلتقي وفد السيناتورات الديمقراطيين والجمهوريين برئاستها مع ممثلين عن حزبي اليمين المتطرف، الصهيونية الدينية و”عوتسما يهوديت”. وهذه المرة الأولى منذ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو التي يرفض فيها مسؤولون أميركيون لقاء ممثلين عن الحزبين الشريكين في الحكومة. وروزين هي سيناتور داعمة لإسرائيل ومررت من خلال الكونغرس قوانين كثيرة داعمة لإسرائيل على مر السنين.
وبحسب ما أوردت القناة الإسرائيلية 13 اليوم، اتّهم مسؤول رفيع في الحكومة الإسرائيلية، كلا من سموتريتش وبن غفير، “بإشعال الأوضاع بشكل مقصود”، تزامنا مع زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الذي طلب تهدئة الأوضاع في الضفة.
وأضاف البيان أن “وزير الأمن غالانت أمر بتنفيذ الإخلاء رغم التوجيهات (لتي صدرت عن سموتريتش)، دون التحدث إلى الوزير سموتريتش، وفي تناقض تام مع الاتفاقات الائتلافية، التي تشكِّل أساس وجود الحكومة”.
وطلب بن غفير كذلك إجراء مناقشة في الحكومة بشأن الإدارة المدنية الإسرائيلية. وقال: ” لا يُعقَل أنه عندما يبني العرب في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)، لا يفرض المسؤولون الإداريون القانون ضدهم. ولكن عندما يتعلق الأمر باليهود، يريدون تدمير البؤرة الاستيطانية في غضون ساعات”، على حدّ قوله.
ووصل عناصر من شرطة الاحتلال إلى مكان البؤرة الاستيطانية، وطالبوا المتواجدين بإخلائها، في حين اعتلى بعض المستوطنين على البيوت المتنقلة “الكرافانات”، رافضين ذلك، بينما لوّحت شرطة الاحتلال باستخدام القوة.
وشارك في إقامة البؤرة الاستيطانية التي أطلق عليها المستوطنون اسم “أور حاييم” (نور الحياة)، حفيد الحاخام دروكمان الذي يعتبر من أكبر المحرضين على العرب والشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى عدد من أتباعه، وقال حفيده: “لقد قاتل جدي طوال حياته من أجل كل قطعة أرض في أرض إسرائيل، وكان دائمًا إلى جانب أولئك الذين يقاتلون من أجل الأرض”، على حد تعبره.
وأفادت هيئة البث العام الإسرائيلي (“كان 11”) أنه مع إقامة البؤرة الاستيطانية في عتمة الليلة الماضية (الخميس – الجمعة)، انتقلت خمس عائلات إلى العيش فيها، ونقلت القناة عن المعتدين على الأرض الفلسطينية من أولئك الذين أقاوموا المستوطنة قولهم إنهم اختاروا موقعها بهدف “قطع التتابع والتواصل الجغرافي للأراضي الفلسطينية”.
وانتقل للسكن في البؤرة الاستيطانية كذلك “العديد من الشبان الذين ساعدوا في إنشائها”، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، لافتة إلى أن الموقع الذي أقيمت عليه البؤرة الاستيطانية “إستراتيجي للغاية ويطل على الطريق العابر لمنطقة السامرة (شمالي الضفة المحتلة) الذي يربط الأغوار بالسامرة ووسط البلاد، وهي تهدف لمنع الترابط الجغرافي للأراضي التابعة للفلسطينيين في الضفة الغربية”.
وبحسب الصحيفة فإن هذه هي أول بؤرة استيطانية “مهمة” تم إنشاؤها منذ تشكيل الحكومة الجديدة، وأثار تقرير الصحيفة التساؤلات حول ما إذا كان سيتم إخلاؤها، أو إذا كانت ستبقى للتوسع وتنتقل المزيد من عائلات المستوطنين للعيش فيها كما يخطط المستوطنين يوم غد، السبت.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن المستوطنين الذين شاركوا في إقامة البؤرة الاستيطانية، قولهم إن فكرة إقامة البؤرة الاستيطانية تولدت لديهم مع وفاة حاخام “الصهيونية الدينية”، دروكمان، “مدركين أن أفضل طريقة لإحياء ذكراه هي إقامة مستوطنة جديدة”.
وقال المستوطنون: “لقد شكلنا نواة أولية مكونة من خمس عائلات ذهبنا معها الليلة إلى النقطة الجديدة، وستنضم في المستقبل المزيد من العائلات التي اتصلت بنا بالفعل”، ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن إحدى العائلات الجديدة التي استوطنت في البؤرة الجديدة المقامة على أراضي بلدة جوريش الفلسطينية، قولها إنه “يجب أن نقيم مستوطنة يهودية جديدة هنا كرد على الاستيلاء المنهجي على المنطقة بقيادة السلطة الفلسطينية”.
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينيية، إقدام المستوطنين على إنشاء البؤرة الاستيطانية الجديدة على أراضي بلدة جوريش، جنوب شرق نابلس، الأمر الذي اعتبرته “امتدادا للتصعيد الاستيطاني الذي يستهدف منطقة جنوب نابلس برمتها”.
واعتبرت الوزارة، في بيان صدر عنها صباح اليوم، الجمعة، أن “هذه الجريمة رد إسرائيلي على زيارة الفريق الأميركي الحالية وتحد سافر للمطالبات الدولية والأميركية لوقف جميع الإجراءات أحادية الجانب غير القانونية”. وأكدت الوزارة أن “عدم رد الجانب الأميركي فورا على هذه الخطوة الاستفزازية يعكس عدم جدية في ترجمة الأقوال والمواقف إلى أفعال”.
وتساءلت وسائل الإعلام الإسرائيلية إذا ما كانت الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي يقودها بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير من تيار الصهيونية الدينية، ويوآف غالانت (وزير الأمن)، ستواصل سياسة الحكومة السابقة وتخلي البؤرة الاستيطانية، أم ستبقي عليها تنفيذا لوعودهم الانتخابية.
وفي وقت سابق اليوم، قال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة، غسان دغلس، إن مجموعة من المستوطنين، اقتحمت منطقة “وعر جمة” التابعة لأراضي جوريش، وأنشأت بؤرة استيطانية جديدة، حيث نصبت عددا من “الكرافانات” في المنطقة.
وأكد دغلس تصاعد وتيرة الاستيطان في نابلس ومحيطها، وكذلك أعمال التوسعة والتجريف في عدد من المستوطنات، على حساب أراضي المواطنين الفلسطينيين.