صور: توسيع شارع في غزة يثير غضبا ومرارة لدى سكان منازل مهددة بالهدم

يراقب رمضان أبوسيف اللاجئ الفلسطيني الذي تلقى أمرا بهدم منزله، بغضب جرافات الحكومة بغزة  تهدم منازل جيرانه لتوسيع الشارع الساحلي في مخيم الشاطئ للاجئين في غزة بانتظار وصولها إلى بيته، مؤكدا أن ذلك “سيعني موت ذكرياتي وذكرياتي أجدادي”.

وبدأت الحكومة الفلسطينية التي تديرها حماس بتوسيع الطريق الساحلي الضيق الذي يشبه عنق زجاجة لاستكمال الجزء الأخير من شارع الكورنيش الممتد من شمال قطاع غزة إلى جنوبه وتقيمه بتمويل قطري ومصري.

وفي إطار هذا المشروع، شرعت جرافات تابعة لوزارة الأشغال العامة منذ اسبوع بإزالة عشرات المنازل التي تعيق فتح شارع الرشيد المطل على البحر.

وهذه المنازل جزء من مخيم الشاطىء الواقع في غرب مدينة غزة وتأسس في 1949. وهم يضم أكثر من مئة الف فلسطيني.

ولا يمانع رمضان أبو سيف ( 58 عاما) توسيع الشارع لكنه يرفض بقوة هدم منزله المكون من طبقتين ومقهاه الذي أنشأه قبل عشرين عاما بجانب البيت بالقرب من الشاطىء في المخيم.

ويتساءل الرجل وهو يشير إلى منزل جاره المهدوم “لصالح من يتم تهجير الناس من المخيم؟ إن هدموا بيتي فهذا يعني موت ذكرياتي وذكرياتي أجدادي وأبي وأمي”.

ويتابع أبو سيف الذي هجرت عائلته قبل خمسة وسبعين عاما من قرية حمامة قرب عسقلان إلى غزة “نريد أن نحافظ على هويتنا بالمخيم، نحن مثل السمك إن خرجنا من المخيم نموت”.

ويشير إلى أنه تلقى عرضا حكوميا لإعطائه مئة وستة آلاف دينار (حوالي 150 الف دولار) كتعويض عن منزله الذي تبلغ مساحته 500 متر مربع، لكنه يعتبر ذلك “ظلما”. ويقول “نريد إنصافنا، فسعر متر الأرض هنا يساوي الف دينار (1500 دولار)”.

يؤكد الناطق بإسم الحكومة في غزة سلامة معروف أن معظم أصحاب المنازل وافقوا على تلقي تعويض مالي من الحكومة بعد إزالة بيوتهم، مشيرا إلى أن عدد العائلات المعنية يبلغ 36 أسرة تمتلك 62 منزلا. وتابع أن 16 عائلة منها تلقت دفعتين ماليتين.

وأكد معروف أن الحكومة حددت “ما لا يقل عن مئتي دينار أردني لكل متر مربع كتعويضات للمتضررين”.

وأوضح أنه “سيتم دفع التعويضات وقدرها ثلاثة ملايين دولار في خمس دفعات على مدى خمسة أشهر”.

وأشار إلى أن الحكومة عقدت لقاءات كثيرة مع أصحاب المنازل المعنية و”كان هناك ردودايجابية من الجميع تقريبا”.

لكن أصحاب عدد من هذه البيوت يرفضون فكرة الهدم.

وفي كل صباح يراقب أعمال إزالة المنازل، مواطنون بينهم عدد قليل من كبار السن الذين يتحسرون على ذكرياتهم.

وبين هؤلاء أبو حسن (80 عاما) الذي يجلس متكأ على عصاه مع عدد منهم ليتذكروا طفولتهم في المنطقة بعدما هجروا مع عائلاتهم من قراهم الفلسطينية في 1948 إلى قطاع غزة.

عند مدخل مخيم الشاطئ الفقير، كان عمال يفرغون بعض الأثاث من مبنى نادي الخدمات ومركز مساعدات التموين الذي يشكل “رمزا معنويا” للمخيم، ويقتلعون أرضية ملعب كرة القدم الخماسي، تمهيدا لهدمه.

وسيتم نقل هذا النادي الذي تأسس في 1952 إلى خارج المخيم، وبالتحديد إلى منطقة السودانية المجاورة في شمال القطاع.

وأوضح معروف أن حكومة حماس خصصت قطعة أرض لإقامة النادي ومرافق وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (انروا) معتبرا أن الشارع سيكون “معلما مهما من معالم غزة”.

وصرح مسؤول في الأونروا طلب عدم كشف اسمه لفرانس برس “لا علاقة لنا بأعمال الهدم. نحن قررنا إخلاء النادي ومركز لخدمة النساء وقسم النظافة في مخيم الشاطئ بناء على طلب من حكومة البلد المضيف في غزة”.

وتابع أن “مهمتنا تقديم الخدمات للاجئين”.

ويبدو اللاجئ كمال صيدم (61 عاما) غاضبا وحزينا بسبب إزالة مبنى النادي. ويقول وهو يقف حائرا بجانب مبنى النادي الذي اعتاد اللعب فيه منذ كان طفلا “لسنا ضد توسيع الشارع لكن يجب ألا يؤثروا علينا كسكان”.

وأكد أن “النادي رمز من رموز المخيم و(…) لا أستطيع تصور تهجيرنا من هنا”.

وتابع “أنا وأبنائي السبعة في هذا المنزل الارضي ومساحته أقل من مئة وخمسين مترا. كنا نعتقد أن الهجرة في 1948هي آخر الهجرات”، مشيرا أن والده وجده كانا يمتلكان منزلا كبيرا وأرضا زراعية مساحتها 80 دونما في قرية عاقر قرب مدينة الرملة تم تهجيرهم منها قبل سبعة عقود.

وأكد صيدم”لو أعطوني تعويضا يبلغ ألفي دينار لكل متر لن أخرج من بيتي. ولدت هنا وخروجي من المخيم هو طمس لهويتي”.

يشكل اللاجئون نحو ثلثي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,3 مليون نسمة غالبيتهم فقراء.

ومنذ 2007 تفرض إسرائيل حصارا مشددا على القطاع.

(أ ف ب)