عاجل | كيف يتحول الزوج الأناني إلى قنبلة تهدد استقرار الأسرة

إذا كانت التشاركية أهم قواعد وضرورات بناء أسرة، فإن سؤالًا عريضًا يطل برأسه، ويتحدث عن إلى أين يمكن لشخص أناني أن يوصل العلاقة الزوجية؟.

والشخص الأناني هو ذاك الذي يؤْثِر نفسه دائمًا على حساب الآخرين، وبالتالي فإن أنانيته تهد أسس العلاقة الزوجية، وتهدد أركانها، وتلغي عنها صفة التشاركية التكاملية، المبنية على العطاء والأخذ بنفس المقدار، دون أن يكون الأخذ باتجاه واحد دائمًا.

وكثيرًا ما عانت الزوجات من أنانية أزواجهن، وهي أنانية قادت في كثير من الأحيان إلى هدم العلاقة الزوجية أو تهديد استقرارها وتحويلها إلى ما يشبه المعاناة التي لا تتوقف.

ويعرف عن الأناني أنه غير مستعد لتقديم أي تنازلات من أي نوع، وأنه يفكر في نفسه أولًا وأبدًا، وثمة علامات كثيرة تشير إليه، منها مثلا تنصله من تحمل مسؤولية أي خطأ أو مشكلة، وغالبًا ما يمارس الابتزاز العاطفي تجاه الطرف الآخر، مركزًا على فرض سيطرته وتلبيه احتياجاته، معتبرًا أنه مركز الكون، فهو يرفض حتى النقد الإيجابي، ويأبى تقبل النصائح ويعدها بمثابة هجوم شخصي عليه، ويظن أنه في غنى عن الحاجة للآخرين بغض الصفة عن صفتهم بالنسبة إليه، فلا يهتم لرأيهم، ويرى أنه الأدق في الحكم، والأصوّب في التصرف والأشمل في الرؤية، والأعمق في الفهم.

أخطأت بالصبر

«كانت غلطتي منذ زواجي الصبر والالتزام بالصمت، لكن مرت سنوات، واستمرت الأمور تزداد سوءًا». هذا ما قالته صفية الراقي التي انفصلت عن زوجها بسبب أنانيته منذ بضعة أشهر ـ على حد قولها.

وتقول الراقي «تزوجت زواجًا تقليديًا.. زوجي هو أصغر إخوته، وهو الذكر الوحيد بين ثلاث بنات، ولذا دللته والدته حتى غرست فيه الأنانية دون أن تشعر أو تقصد، فقط بسبب كونه ولدًا بعد ثلاث بنات».

وتضيف «اعتاد زوجي على حب الذات، وقد أرهقني هذا الأمر كثيرًا منذ الأشهر الأولى لزواجنا، فهو لا يهتم لأموري ولا احتياجاتي، وإنما يفكر فقط في احتياجاته، وملابسه، ونزهاته مع أصدقائه، وغيرها من الأمور».

وتكمل «حاولت مرارًا معالجة الأمر على أمل أن تتغير حياتي، أو أن يشعر بمسؤوليته تجاهي.. انجبت منه طفلا، وكنت أرجو أن يغير وجوده من طبائع أبيه، لكن شيئًا لم يتغير، فقد زادت صعوبة الحياة معي ما بين مسؤوليات البيت والابن والعمل، كما زادت في الوقت نفسه متطلبات زوجي، حتى بلغ الأمر حد الجلافة في طلباته، وحدود الجفاف العاطفي في علاقتنا».

وتبين الراقي «لا أنسى ذلك اليوم الذي ذهب فيه إلى الاستراحة مع أصدقائه وتركني أنا وابني الذي تعب كثيرًا، فاتصلت على أبيه، فاقتصرت ردة فعله على التأكيد أنه مع أصدقائه، طالبًا مني التصرف، فاضطررت للاتصال بالجيران وذهبت مع ابنهم إلى المستشفى، فيما بقي زوجي في استراحته مع أصدقائه، وعند عودته لم أتمالك نفسي، واحتد الحوار بيننا حتى طلبت الانفصال».

وتسترسل بحسرة «الزوج الأناني لا يعرف تقاسم المسؤولية، وهو يبحث فقط عن أسباب سعادته، ولا يتقبل أي نصيحة، تعوَد منذ كان مع أهله أن كل شيء ملكه، والزوجة في حياته وحسب اعتقاده مجرد خادمة تعمل بلا مقابل، هذا ما تربى ونشأ عليه، والأصعب أنني عندما تحدثت إلى والدته لم تحل المشكلة، بل على العكس رأت أن هذا حق من حقوقه».

وختمت «أعتقد أن زوجة الرجل الأناني تحتاج تعويضًا بمقدار احتياجها للعلاج النفسي، حيث تحتاج فعلا إلى طبيب نفسي يعالجها من الضغوط التي عانتها، أو على الأقل تحتاج أن يلزم الزوج نفسه بالذهاب إلى الطبيب النفسي لتعديل سلوكه».

حرمت ابنتي من الاختبار

لم تستطع حصة خ. الحديث عن زوجها الذي وصفته بـ«الأناني»، لأنها تشعر بالألم، لكنها أخيرًا تتمالك نفسها، وتتذكر بعض المواقف معه، وتقول «انفصلت عنه وعدت إليه مرغمة بسبب ظروف أهلي المادية، وكذلك لعدم وجود مصدر رزق يمكن الاعتماد عليه».

وتتذكر «قبل أيام كان اختبار ابنتي في المرحلة الابتدائية أون لاين، وكان يجب أن تدخل المنصة، لكن الأب أخذ النت معه وذهب مع أصدقائه، ولم تستطع ابنتي الاختبار في ذلك اليوم، الأمر الذي أشعرني بالألم والحزن.. الحمد لله أن الاختبار كان اختبارًا شهريًا وسمحت المعلمة أن تختبر ابنتي في اليوم التالي».

وتكمل «الرجل الأناني هو حصيلة دلال الأم والأب له، وحصيلة تمجيدهم له في تربيته».

مساعدة الطب النفسي

أعربت مها ع، وهي أم لثلاثة أبناء عن خوفها على أبنائها من أن يتحلوا بصفات والدهم، خصوصًا أنهم يعدونه قدوة، وهو يعزز داخلهم المعنى الخطأ للرجولة، حيث يؤكد أن الرجل هو المسيطر المتحكم وغير ذلك من الأمور التي تربي في الأبناء حب الذات والأنانية، وتبعدهم عن تحمل المسؤولية والعطاء وحب الآخرين لا حب الذات.

وتقول «الحياة في ظل رجل أناني أمر متعب جدًا، وهذا ما جعلني مضطرة للجوء أكثر من مرة للاستشاريين في الطب النفسي والسلوكي للتعامل مع زوجي، فأنا لا أرغب بالطلاق، ولا أريد تشتيت أبنائي».

وتكمل «خلال السنوات الأولى من الزواج كانت حياتي صعبة جدًا، وبعد أن أنجبت طفلي الأول قررت تغيير حياتي من خلال ما قرأته من كتب التعامل مع الزوج الأناني، وقررت الذهاب لعرض حالتي على مستشار أسري، الأمر الذي أسهم في تغير زوجي قليلا وتعديل عدد من تصرفاته، صحيح أنه لم يتغير جذريًا، لكني استطعت تغيير بعض تصرفاته التي تعينني وتعين أبنائي على عيش حياة هادئة جميلة فيها تحمل للمسؤولية».

وتتابع «بعض الرجال ينشأ على حب الذات، وأنه سيد الموقف، وأن دوره في الحياة هو فقط الاستمتاع والعيش لنفسه ومن أجل نفسه، وربما يرى أن مسؤوليته في بيته هي فقط في الإنفاق المادي، فيما يلقي بكامل العبء الحياتي على زوجته التي لا تشعر أن لها أهمية في حياتها، خصوصا إن كان لديها مصدر دخل يكفيها وأبناءها».

حب التملك

تشير الأخصائية النفسية نجلاء البريثن إلى أن التنشئة الاجتماعية الخاطئة تقود في المحصلة إلى زوج أناني يتسم بحب التملك والسيطرة، مع رفض العطاء، والمصيبة أن هذه الصفة لا تكتشف إلا بعد الزواج، حيث تبدأ معاناة الزوجة كثيرًا من هذه الأنانية التي تدفعه للهروب من المسؤولية وإلقائها على عاتق الزوجة، وتصبح تلك الأنانية أساسًا لمعظم المشكلات الزوجية، التي تنتهي غالبًا بالانفصال، أو باستمرار الحياة الزوجية تحت وطأة مشاكل دائمة تقود إلى عدم الاستقرار للزوجة والأبناء، فأنانية الزوج لا تقتصر على إهمال المسؤولية فقط، وإنما يكون أنانيًا في مشاعره وعطائه وكل أمور حياته الخاصة والعامة.

وتعزز «التنشئة من الصغر على حب العطاء والمشاركة وخدمة الآخرين وتحمل المسؤولية من أهم الركائز التي تؤثر في مستقبل كل رجل، فلا نستهين بزرع البذور حتى لو كانت صغيرة منذ الصغر لأنها تبني مستقبل أسرة كاملة».

تجنب اللوم

يركز كثير من المختصين على توجيه نصيحة يرونها مهمة للزوجة التي تعاشر زوجًا أنانيًا، وهي ألا توجه له اللوم دائمًا، لأنهم يرون أن هذا الأمر يأتي بنتائج عكسية، ويفضلون لها أن تتعامل بذكاء مع حالته عبر التوجيه إلى التصرفات الأفضل بدل اللوم.

كما ينصحون الزوجة أن تخبر زوجها الأناني أن صفته تلك تشعرها بالحزن، وأنها على الرغم من ذلك تحبه، وترغب لو يتخلص من تلك الصفة التي تجعله غير محبوب بين الناس.

ويرون أن لفت نظره إلى الأشياء البعيدة عن الأنانية قد يكون مثمرًا في جعل حياتهما أفضل.

أنماط الزوج الأناني

* نرجسي

يشعر بالتفرد والتميز ويتمحور حول ذاته

لا يعتقد أن أحدا يستحق الاهتمام والتقدير

يهتم بشدة بمظهره وصورته.

* طموح

يشغله نجاحه وطموحه وإنجازاته

لا يرى إلا ما يحقق له التميز والتفوق

يشعر بالثناء والتقدير العالي لتفرده وتميزه.

* مدلل

قد يكون الولد الوحيد أو الأخير اعتاد أن تخدمه أمه وأخواته.

* متحيز

نشأ في مجتمع ذكوري يعلي قيمة الرجل على حساب المرأة.

* مستبد

يمنع الآخرين من التعبير عن أنفسهم.

* بخيل

يكره العطاء حتى المعنوي.

* سادي

يستمتع بآلام زوجته وأبنائه.

* سيكوباتي

ينتهك حقوق الآخرين ويستنزفهم، ويتمتع ببرود تجاه الآخرين.

نصائح للزوجة للتعامل مع الزوج الأناني

1- افهمي احتياجاته، وتحلي بالصبر والهدوء كثيرا حتى يتم التعرف على الأشياء التي ترضيه وتسهم في تغييره.

2ـ اكسبي ثقته بك عبر الوفاء بعهودك لأن الرجل الأناني يحتاج كسب ثقة زوجته حتى يشاركها فيما يفكر فيه.

3ـ الزوج الأناني يحب زوجته ولا يكرهها.

4ـ تغيير الزوج الأناني يحتاج صبرا ومصارحة هادئة للوصول إلى كثير من التغيير.

5- تعاملي معه بمبدأ الأخذ والعطاء فلا تتحملي كل المسؤولية.

6ـ اطري عليه وامدحيه دون مبالغة وافهميه أن الحياة تسير بالتعاون وتبادل المصالح.

7ـ لا مانع من اللجوء للاستشاريين الأسريين والطب النفسي والحصول على النصح منهم.

8ـ كوني في سلوكك معه ومع أبنائه نموذجا للعطاء والإيثار.

9ـ تجنبي أن تفعلي كل شيء بالنيابة عنه لأنه قد يفهم أن هذه هي الحياة.

10ـ أطلبي منه المساعدة في تحقيق بعض مطالبك ومطالب أبنائك، وأشعريه بالأهمية لإيجابيته.

11ـ شاركيه هواياته واهتماماته.

12ـ تجاهلي بعض أنانيته خاصة إذا كانت مرتبطة بنمط تربيته أو بمعايير مجتمعه.

13ـ ساعديه على رؤية احتياجات ورغبات الآخرين.

14ـ لا تسمحي له باستنزافك لحساب أنانيته.