رغم اندثار الكثير من التقاليد والعادات الاجتماعية في زمن مضى وتخلي الكثير من الناس عنها في المجتمعات في الكثير من المدن والمحافظات في ظل التوسع العمراني وانتقال المواطن من القرى الأكثر ترابطاً في ما بين سكانها إلى المدن الكبرى، ومن الأحياء القديمة إلى أحياء جديدة تفتقد معظمها للألفة والتواصل في ما بين الجيران، إلا أن أهالي حائل حرصوا على التمسك بقيمهم وعاداتهم الاجتماعية القديمة الراسخة التي توارثوها أباً عن جد خاصة في موسم عيد الفطر المبارك، محاولين الحفاظ على الزمن الجميل الذي عاشه آباؤهم وأجدادهم في أيام العيد.
حيث شهدت شوارع الأحياء في حائل انتشار موائد الطعام التي تتنافس على تقديمها سيدات الأحياء من صباح اليوم الأول حتى الساعة 11 صباحاً، فكل حي من أحياء المدينة يجتمع فيه الجيران كباراً وصغاراً ويقدمون موائدهم بشكل جماعي في نقطة تجمعهم في الشارع، وعادة ما تكون أمام المساجد، وهي نقطة تجمع الجيران، حيث يجتمعون على هذه الموائد ويتبادلون التهاني والتبريكات في عيد الفطر المبارك ويتناولون وجبات العيد، وتنتقل الاجتماعات بعد تناول وجبات الإفطار من الشوارع إلى وسط المنازل حيث يتبادل أهالي الحي الزيارات وتناول القهوة والحلوى في المنازل لحين منتصف الليل.
وأكد صالح بن عايد الحويل أحد سكان حي أجا في مدينة حائل أن “هذه العادات توارثناها أبا عن جد في أحياء حائل القديمة قبل أكثر من 100 عام وانتقلت معنا إلى الأحياء الجديدة وهذه عادة جميلة فيها من الترابط والتلاحم بين الجيران، ونحرص على الالتقاء صباح العيد مبكراً وسط الحي ويتم تجهيز القهوة والشاي مبكراً أمام أحد منازل الجيران ويشارك فيها جميع أهالي الحي خلاف مائدة العيد التي تجهزها ربات البيوت مبكرا”، وأضاف أن موائد الطعام تقدم في صباح العيد الأول في الشارع وسط اجتماع جميع أهالي الحي، مشيراً إلى أن “الاجتماع يستمر لحين الساعة 11 تقريبا ومن ثم نتبادل الزيارات مع الأقارب والأصدقاء في الأحياء الأخرى إلى منتصف الليل”.
وقال ابراهيم الغازي: “هذه العادات في عيد الفطر المبارك عادة جميلة متوارثة من الآباء والأجداد ففيها ألفة ومحبة وترابط بين الجيران فالجميع يلتقي في هذا اليوم وإن شاء الله ستستمر ونورثها لأبنائنا”.
وأبان عتيق الشخيّر (70 عاماً) أن التقاء الجيران في هذا اليوم المبارك هي عادة سنوية اشتهر بها أهالي حائل حاضرة وبادية، ففيه يلتقي جميع الجيران على مائدة واحدة ويتبادلون التهاني بالعيد، مشيراً إلى أنه “قديماً في منازل الطين كنا متمسكين بهذه العادة فالجميع يجلب للشارع مائدته من منزله دون التقيد بنوع معين”، موضحاً “رغم اختلاف أجواء عيد الحاضر عن الماضي كلياً”.
وأكد إبراهيم الشعيّر أن عادة الاجتماعات في عيد الفطر المبارك هي عادة حميدة لها رونق خاص متوارثة من الآباء والأجداد منذ قرون طويلة والكثير من الأهالي محافظون عليها وإن شاء الله نورثها للأبناء والأحفاد.