عاموس جلعاد: هكذا يحفظ بينيت لإسرائيل أمنها القومي ويخلق “منظومة شاملة” ضد طهران

يديعوت – بقلم: عاموس جلعاد لواء احتياط رئيس معهد السياسة والاستراتيجية، المركز متعدد المجالات هرتسيليا

سيزور رئيس الوزراء الولايات المتحدة قريباً. وليس مبالغة القول إنها ستكون إحدى الزيارات الأكثر أهمية ومعنى لإسرائيل بسبب مسائل مركزية موضع الحسم. ستعقد الزيارة في ظل النجاح وتشكل فرصة للرئيس بايدن لإظهار وده وتقديره العميق لإسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية وحيدة في الشرق الأوسط، وسيكون المظهر الإعلامي متناسباً مع ذلك.

أولاً وقبل كل شيء مسألة التهديد الإيراني. يمكن القول إن الحكومة السابقة باتت بفشل استراتيجي في وقف إيران في سباقها لتحقيق خيار نووي عسكري. ويكمن الفشل في أن إسرائيل ساهمت بوسائل متنوعة في إقناع الرئيس السابق ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي من طرف واحد. في نظرة إلى الوراء، يبدو أن الاتفاق، مهما كان سيئاً، أفضل من الأوهام التي تحطمت، وبموجبها كان يفترض بالعقوبات الاقتصادية وفرض العزلة على إيران أن تكسرها من الداخل وتوقف مسيرة تطوير القدرات النووية العسكرية. رغم الحملات المجيدة والعقوبات الخطيرة، تتقدم إيران باتجاه الهدف، أي جمع المعرفة والقدرات كأساس لحسم سياسي – متى وبأي وتيرة يتجه الانطلاق إلى نيل السلاح النووي.

الولايات المتحدة وفقاً لمزايا سياستها في الشرق الأوسط، معنية باستئناف الاتفاق النووي. وإذا ما حصل هذا بالفعل، فستجد إسرائيل نفسها منعزلة ولن تتمكن من ناحية استراتيجية – سياسية أن تهاجم المشروع النووي الشامل لإيران عسكرياً. إذا لم يوقع اتفاق ستكون إسرائيل مطالبة بعملية بناء قوة استثنائية في حجمها وتفوقها، السيناريو الذي يستوجب التنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة. من هنا، فإن البديل الاستراتيجي الذي أمام إسرائيل هو خلق منظومة تنسيق شاملة، واسعة ونوعية مع الولايات المتحدة ومع شركاء آخرين حيال إيران. وإلى ذلك، ينبغي أن يضاف البعد الإقليمي الذي في مركزه تصميم إيران على محاصرة إسرائيل مع قدرات من المقذوفات الصاروخية، والصواريخ، والطائرات والمسيرة المسلحة، على أساس قوات تخضع لأمرتها وتفرغ من محتواها سيادة الدول التي تعمل فيها (لبنان، سوريا، العراق، اليمن وغيرها).

  ولتحقيق الهدف الاستراتيجي حيال إيران، مطلوب من رئيس الوزراء خطوات أخرى لتعزيز الثقة والتفاهم مع الولايات المتحدة: بداية، ينبغي تحسين العلاقات السياسية – الاستراتيجية مع الأردن، ويمكن ملاحظة تغيير إيجابي يتم عملياً من قبل رئيس الوزراء، ووزير الخارجية وجهاز الأمن. وإدارة بايدن تميل إلى العطف على الأردن والاعتراف بمساهمته في الاستقرار في الشرق الأوسط.

في الساحة الفلسطينية، يتبين أن ثمة وهماً بحدوث سلام مقابل السلام بدون الفلسطينيين. ومن المهم أن تعرض على الأمريكيين خطة سياسية إيجابية حيال الفلسطينيين تركز على تحسين الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية إلى جانب الامتناع عن خطوات أحادية تحبط كل حل سياسي متفق عليه. ومن المرغوب فيه أن يتحدث رئيس الوزراء مع أبو مازن قبل سفره – فقطيعة حادة كهذه على مستوى القيادات هي أمر غير معقول، ولا سيما إذا أخذنا بالحسبان التعاون الأمني.

الأمر التالي – مكان إسرائيل في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين. من المهم جداً أن تحافظ إسرائيل على علاقات اقتصادية متينة مع الصين – ولكن يبدو أن الولايات المتحدة تشخص الصين كتهديد مركزي على أمنها القومي. وبالتالي، وعلى خلفية الأزمة التي كانت بين الصين والولايات المتحدة، من الحيوي أن يعطي رئيس الوزراء ضمانات بأن إسرائيل ستكون جزءاً من منظومة القوى العالمية بقيادة الولايات المتحدة في التصدي لتحدي الأمن القومي الذي تمثله الصين.

نوصي بحرارة أن يطلق رئيس الوزراء في أثناء زيارته، سياسة شاملة لإعادة بناء العلاقات مع يهود الولايات المتحدة بكل تياراتهم.

إلى جانب ما قيل أعلاه، ثمة مسائل أخرى مهمة ستكون في مركز الزيارة، مثل: الحفاظ على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، وتركيا وسياستها في الشرق الأوسط، وتهديد الإرهاب وأنواعه، واستقرار الأنظمة العربية السُنية في الشرق الأوسط وغيرها.

رئيس الوزراء ملزم بأن ينجح في بناء ثقة حقيقية مع الرئيس بايدن كمفتاح لإعطاء جواب مناسب على مسائل الأمن القومي التي تقف أمامها إسرائيل. نجاح رئيس الوزراء سيكون نجاح الدولة كلها.