وتقع منطقة عسير في الجنوب الغربي من المملكة تبلغ مساحتها 81,000 كم²،وبعد التوغل في المنطقة تظهر من أعلى التل، قرية رجال ألمع الأثرية بصورتها الخالدة والتي تعود لأكثر من 350 عامًا، ولا تزال تحتفظ بشموخها وجماليتها المتمثلة في الكوارتز الأبيض، الذي يزين مظهرها من الخارج، ويتداخل مع مشهد القرية من بعيد مدرجات خضراء تمتد على طول الجبال وعلى كل الحواف. تتمثل ثقافة منطقة عسير بالمحافظة على التراث كرمز أبدي في كل شوارعها ومبانيها، وينعكس ذلك على سكانها الذي يفخرون بانتمائهم المتجذر للأرض، ويتجلى الفن الأكثر تفردًا من خلال فن القط العسيري، في الأعمال اليدوية والتحف الأثرية، التي تتباهى بها منطقة الجنوب، فقد يكاد لا يخلو شارع أو زقاق من ألوان البهجة التي يرمز لها ذلك الفن الأصيل.
في حين تشكل قرية المفتاحة، وهي عبارة عن حي صغير، مركزا ثقافيا متميزا، تتسم بالبهجة بجدارياتها الزاهية وممراتها الضيقة في المساحة والواسعة بالفنون. لكن وعلى الرغم من مثالية المناظر الطبيعية الخلابة، تبقى روح المغامرة والمجازفة، الدافع الأول للاستمتاع الحقيقي بالرحلة، وتعد تجربة ركوب التلفريك من أكثر التجارب الممتعة في منطقة عسير، حينما يتأرجح التلفريك ما بين الجبال حيث ينطلق من أربع محطات، ترتكز المحطة الأولى على فندق أبها بلاس، المتعلق ما بين عمودين واقعين على بعد كيلومتر عن بعضيهما، ومحطة تلفريك أبها الجديدة والذي يتجه نحو الجبل الأخضر، أحد المعالم المثيرة نهارًا والخلابة ليلًا، حيث يضاء الجبل بأضواء خضراء تتألق وتشع بوهجٍ دافئ، يُرى من جميع أنحاء المدينة، والمحطة الثالثة تلفريك السودة حيث ينقل الركاب من أعلى جبل السودة إلى قرية رجال ألمع، وفي المحطة الأخيرة يكون تلفريك الحبلة، والذي يمتد تجاه قرية الحبلة القديمة، ويعتبر وسيلة التنقل الوحيدة حيث لا يمكن الوصول إلى هناك إلا عن طريق التلفريك. لتقدم تجربة الصعود عبر التلفريك الاستمتاع بمناظر بانورامية للطبيعة، تترسخ صورتها في الذاكرة إلى الأبد.
وتستقر الدهشة على الملامح طوال الوقت، فبعد تجربة التلفريك وملامسة الغيوم، يمكن زيارة المدينة العالية الملازمة لقمة الجبل، والتي نحتت من الصخور الجبلية جدرانا وأرصفة تستند عليها المدينة، وقد ازدهرت المدينة العالية مؤخرًا بالمقاهي والمطاعم والأنشطة الترفيهية المتنوعة، تتناسب مع ذائقة الجميع وتلبي مختلف الرغبات. ولأن منطقة عسير تقف في صف الطبيعة دائمًا، ويختلف المشهد في كل يوم حسب النور أو الريح أو المطر، حيث تتبدل صورة الأرض من مشرقة ومتوهجة في أيام الصحو، إلى مبللة منتعشة بعد نزول المطر، والهواء يميل إلى البرودة كلما ارتفعت عاليًا عبر الطرق المعلقة باستدارة حول الجبال.