أعادت المواجهات بين طالبي اللجوء الإريتريين وقوات الشرطة في تل أبيب أمس، السبت، تسليط الضوء على العلاقات الأمنية شبه السرية بين إسرائيل والنظام الدكتاتوري في إريتريا، وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم، الأحد.
وبدأت الأحداث بعراك بين إريتريين مؤيدين لرئيس النظام في بلادهم، أسياس أفورقي، وطالبي لجوء إرتريين معارضين للنظام، الذين حاولوا منع حفل في السفارة الإريترية في تل أبيب. وسرعان ما تحول العراك إلى مواجهات بين طالبي اللجوء والشرطة الإسرائيلية، التي استخدمت وسائل تفريق مظاهرات، مثل قنابل الغاز المدمع والأعيرة المطاطية، وضرب طالبي اللجوء بهراوات، وحتى إطلاق النار الحي وإصابة عدد من طالبي اللجوء، وعدد منهم بجراح خطيرة. وتحدثت تقارير عن إصابة 170 – 190 من طالبي اللجوء وعدد من افراد الشرطة.
وقال طالبو لجوء، أمس، إنه “حان الوقت لأن تنظر إسرائيل في طلبات اللجوء وتفرق بين من يستحقون للحصول على مكانة وحماية فيها، وبين أقلية تساعد السلطات (الإسرائيلية) في إرهاب طالبي اللجوء” من أجل طردهم. وكان الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت في الماضي أنها لا تفرق بين طالبي اللجوء المعارضين للنظام ومؤيدي النظام.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد توصل في نيسان/أبريل العام 2018، إلى اتفاق مع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة يقضي بنقل نحو 16 ألف طالب لجوء إريتري من إسرائيل إلى دول أوروبية، لكنه بعد 24 ساعة تراجع عن هذا الاتفاق في أعقاب ضغوط من اليمين الإسرائيلي، حسبما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وأعلن نتنياهو، أمس، أنه سيعقد لجنة وزارية خاصة للنظر في طرد طالبي اللجوء الإريتريين. وطالب وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بالالتفاف على قرارات المحكمة العليا بخصوص عدم طرد طالبي اللجوء.
ونقل موقع “واللا” الإلكتروني عن رئيس جمعية “أمل جديد” لطالبي اللجوء، برهانا نغاسي، قوله إن “بإمكان نتنياهو أن يقول ما يشاء، لكن يوجد قانون دولي. وإذا أراد أن يكون صديقا لديكتاتور إريتريا فليستمر في سياسته”.
وتقيم إسرائيل وإريتريا علاقات دبلوماسية رسمية، منذ ثلاثة عقود، وذلك بعد استقلال الأخيرة، حيث تولى أفورقي منصب الرئيس الذي لا يزال يشغله حتى اليوم. لكن صحيفة “هآرتس” أشارت إلى أن بين إسرائيل وإريتريا علاقات أمنية سرية، “ومعظم المعلومات المتوفرة تستند إلى تقارير تُنشر في خارج البلاد، ومدى مصداقيتها ليس واضحا”.
ومنصب السفير الإريتري في إسرائيل شاغر، ويتولى المسؤولية في السفارة مسؤول مؤقت وطاقم صغير. كما أن السفارة الإسرائيلية في إريتريا شاغرة منذ عدة سنوات، في أعقاب جائحة فيروس كورونا وإغلاق إريتريا حدودها. ونقلت الصحيفة عن مصدر في الخارجية الإسرائيلية قوله إنه “يوجد هناك عدد قليل من السفارات الأجنبية التي واجهت وضعا مشابها”.
وحوّل أفورقي إريتريا إلى إحدى الدولة المغلقة والأكثر استبدادية في العالم. لكن إسرائيل استمرت في إقامة علاقات دبلوماسية وأمنية معها. وفي موازاة ذلك، لجأ آلاف الإريتريين إلى إسرائيل بهدف التهرب من تجنيدهم عنوة لجيش النظام.
ورفضت المحكمة العليا الإسرائيلية، في العام 2019، التماسا طالب بالكشف عن وثيقة أعدتها وزارة الخارجية حول وضع حقوق الإنسان في إريتريا. وكان من شأن هذه الوثيقة أن تشكل أساسا للنظر في طلبات لجوء، لكن قضاة المحكمة قالوا إنهم اقتنعوا بموقف الحكومة وأن كشف الوثيقة سيلحق ضررا كبيرا بعلاقات إسرائيل الخارجية.
وأشارت “هآرتس” إلى أن قرار قضاة المحكمة العليا كان تلميحا نادرا إلى العلاقات شبه السرية بين إسرائيل والنظام الدموي في إريتريا. وكانت تقارير في وسائل إعلام عالمية قد أفادت في الماضي بأن لإسرائيل قاعدة عسكرية في إريتريا، وأن سلاح البحرية الإسرائيلي ينفذ عمليات في المياه الإقليمية الإريترية في البحر الأحمر، وأنه توجد مواقع تنصت إسرائيلية في إريتريا وتسمح لإسرائيل بالحصول على معلومات استخباراتية حول دول في المنطقة.
وكان الحوثيون في اليمن قد هددوا، في العام 2017، باستهداف “القواعد السرية” الإسرائيلية في إريتريا بصواريخ. ورغم أن إسرائيل أيدت إثيوبيا خلال حربها ضد استقلال إريتريا، إلا أن هذا لم يضر بالعلاقات بين إسرائيل وإريتريا بعد استقلال الأخيرة.
وأشار تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية إلى وضع حقوق الإنسان في إريتريا، وبضمن ذلك اختفاء مواطنين وتعذيب وعقوبات وحشية يمارسها النظام ضد معارضيه. كما أن جهاز القضاء في إريتريا ليس مستقلا ويخض لإمرة أفورقي، ويستخدم جيش النظام الأطفال كجنود. وفي العام 2021، أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض عقوبات على إريتريا في أعقاب انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان.