من شأن الاحتجاجات ضد الحكومة في كازاخستان أن تحرج إسرائيل، وذلك على خلفية العلاقات بين الجانبين، وبشكل خاص العلاقات الأمنية السرية في مجالي بيع الأسلحة والسايبر للنظام الاستبدادي في كازاخستان وانتهاكه حقوق الإنسان، إذ يتوقع أن يستخدم هذه الأسلحة الإسرائيلية ضد المتظاهرين، وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الأربعاء.
وتتابع القيادة الإسرائيلية الأحداث في كازاخستان بقلق، خاصة في ظل العلاقات بين الدولتين في مجالي النفط والسلاح، اللذين يجري التعتيم عليهما من جانب الدولتين، لكن خبراء إسرائيليين يؤكدون أن هذين المجالين ينطويان على أهمية إستراتيجية بالغة.
وتمتنع إسرائيل عن كشف معلومات حول الدول التي تستورد منها النفط، لكن تقارير صادرة عن مصفاتي تكرير النفط في إسرائيل أفادت باستيراد النفط من البحر الأسود وبحر قزوين، اللذين يصل عن طريقهما النفط من كازاخستان ودول أخرى في آسيا الوسطى إلى أسواق في حوض البحر المتوسط.
وقدّر الباحث في “ميتافيم – المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية”، غابريئيل ميتشل، أن ما بين 10% – 20% من النفط المستورد إلى إسرائيل يصل من كازاخستان، وأن هذا المعطى ارتفع إلى 25% في فترات معينة.
وقال ميتشل إنه “إذا تحدثنا عن علاقات إسرائيل مع كازاخستان وباقي دول وسط آسيا، فإن الطاقة كانت نقطة البداية. ويبدأون بالنفط لأن هذه هي الطريق الوحيدة التي بالإمكان البدء منها”، وفق ما نقلت الصحيفة عنه. وأضاف أنه حتى لو تضرر استيراد النفط من كازاخستان، فإنه بإمكان إسرائيل شراء نفط من مصادر أخرى.
وفي مجال بيع الأسلحة، فإن كازاخستان هي زبون صغير لكنه هام. وفي العام 2014، أبرمت إسرائيل وكازاخستان اتفاق دفاعي لم يُكشف فحواه أبدا، لكن يرجح أن هذا الاتفاق يتعلق بمبيعات أسلحة بالأساس. وتتراجع أهمية كازاخستان الإستراتيجية، قياسا بأذربيجان وتركمنستان، بسبب عدم وجود حدود مشتركة بينها وبين إيران.
واشترى الجيش والشرطة في كازاخستان طائرات من دون طيار وصواريخ دقيقة وأجهزة رادار من شركات أمنية إسرائيلية كبيرة. وفي أيار/مايو الماضي، بدأ مصنع ومركز خدمات للصناعات الجوية الكازاخستانية بصنع طائرات من دون طيار بموجب ترخيص من شركة “إلبيت” الإسرائيلية.
كذلك تعمل شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO في كازاخستان. وكشف تحقيق لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، الشهر الماضي، عن اختراق برنامج “بيغاسوس” الذي طورته هذه الشركة لهواتف ذكية تابعة لأربعة ناشطين معارضين للحكومة الكازاخاستانية. كما أن شركتي سايبر إسرائيليتين أخريين، هما “فيرنت” و”نايس”، باعتا أنظمة مراقبة إلى أجهزة الأمن لدول في آسيا الوسطى، وبينها كازاخستان.
وفي العام 2006، أبرمت شركة “بيت ألفا” الإسرائيلية اتفاقا مع وزارة الأمن الداخلي الكازاخستانية، بمبلغ مليون دولار، مقابل تزويد 17 آلة لتفكيك ألغام. ويقضي الاتفاق بوضع أجهزة في مركبات من إنتاج شركة مرسيدس، قبل عشر سنوات، إضافة إلى معدات تستخدم للرصد والمراقبة.
وفي هذه الأثناء، تلتزم إسرائيل الصمت حيال الأحداث في كازاخستان. وأشار ميتشل إلى أن إسرائيل تسعى إلى الحفاظ على مصالحها الأمنية والاقتصادية في وسط آسيا من دون التدخل في السياسة المعقدة في تلك المنطقة. والتدخل العسكري الروسي في كازاخستان يزيد من تعقيدات الوضع، إذ أن العلاقات بين كازاخستان وروسيا ستتوطد أكثر.
وقال ميتشل إن إسرائيل ستكون مستاءة من هذا التطور. “إسرائيل تقيم علاقات متشعبة مع روسيا، لكنها لا ترى بها شريكة. والشراكة بين روسيا وإسرائيل ظرفية وحسب، وتستند إلى مصالح مشتركة. ومن وجهة نظر جغرافية، تموضع روسيا في منطقة أخرى سيكون مناقضا للمصلحة الإسرائيلية. وهذا ينطبق على كازاخستان أيضا”.
ونقلت الصحيفة عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة IHS Markit، كيفين ليم، قوله إن حاجة كازاخستان لإسرائيل لم تعد كما كانت في الماضي. ففي تسعينيات القرن الماضي، عندما استقلت كازاخستان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، قامت إسرائيل بدور هام من أجل استقرار كازاخستان في المجتمع الدولي، وذلك من خلال علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة.
وأضاف ليم أنه فيما يتعلق بإسرائيل، فإن “اتفاقيات ابراهام” ربما عتمت على دول آسيا الوسطى بكل ما يتعلق بالإعلام وبأهميتها كدول إسلامية صديقة لإسرائيل، ولكن ليس من حيث الأهمية الإستراتيجية الجوهرية. “ولا تزال كازاخستان وأذربيجان تشكلان العمود الفقري لعلاقات إسرائيل مع العالم الإسلامي في دول الاتحاد السوفييتي السابق”.