عمليات الاغتيال الإسرائيلية هروب من الأسئلة المحرجة..

كتب د. حامد أبو العز:

قد يتساءل البعض ما هي الفائدة أو الرسائل المستخلصة من حرب الثلاثة أيام التي خاضتها حركة الجهاد الإسلامي ضد إسرائيل؟؟ في الحقيقة الرسائل عديدة للغاية والعملية حققت أغلب أهدافها.
في البدء، وجهّت الصحافة الصفراء سهامها نحو محاولة زعزعة صفوف المقاومة وكعادتها خلقت روايات وقصص لا أساس لها من الحصة حول خلاف بين حركة حماس وبين حركة الجهاد الإسلامي. ادعت وسائل الإعلام الصفراء بأن حركة حماس وقفت موقف المتفرج من الهجمات التي شنتها إسرائيل على غزة ولم تحرك ساكناً!!
هذه ليست المرة الأولى التي يسعى فيها أنصار إسرائيل من المتصهينين إلى تحويل هزائم إسرائيل المتكررة إلى انتصارات وهمية. فالقصة بدأت منذ حرب تموز 2006. على الرغم من الهزيمة التاريخية التي تعرضت إليها إسرائيل على يد حزب الله، إلا أن الآلة الإعلامية (العربية في بعض الأحيان) حاولت تقليل هذا النصر وركزت توجهاتها هذه المرة على حجم الدمار الذي عانى منه لبنان. ينتظر هؤلاء من لبنان ومقاومته أن يقفوا متفجرين لا حول لهم ولا قوة أمام الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي اللبنانية!! ينتظر هؤلاء من المقاومة ألا ترد على انتهاك صارخ للسيادة اللبنانية بحجة الدمار في لبنان!!
تُرى لو وقفت المقاومة موقف المتفرج هل ستكف إسرائيل عن انتهاكاتها للأرض والعرض؟؟ ألا يعني ذلك استسلاماً للعدو وضوء أخضر لاحتلال مزيد من الأراضي العربية؟؟
لقد كشفت المقاومة للعالم أجمع بأنّ أسطورة إسرائيل التي لا تقهر ما هي إلا خرافة روجوا لها على مدار سنوات وسنوات. المقاومة في 2006 هزمت إسرائيل بأسلحة غير متطورة بل وابتدائية نوعا ماً. وهذا بالضبط ما دفع إسرائيل إلى خوض حرب بالوكالة مع كل من سوريا ولبنان وإيران وفلسطين. لقد دخلت إسرائيل بشكل مباشر في هذه الحرب عبر دعم الجماعات الإرهابية بالسلاح فضلا عن الدعم اللوجستي ومعالجة مصابين هذه الحركات في الداخل الإسرائيلي. وفي ذات الوقت ومرة أخرى مارست إسرائيل وحلفائها دعاية إعلامية قذرة حول مشاركة كل من حزب الله وإيران في قتال المجموعات التكفيرية هناك فروجوا لما يسمى مشاركة إيران وحزب الله في قتل الشعب السوري، ليتضح بعد سنوات وسنوات بأن من شارك في قتل الشعب السوري هم الإسرائيليون وحلفائهم عبر دعم هذه المجموعات التكفيرية وعبر غرف الشر والتحالفات.
الهدف الأول والأخير لعدم مشاركة حماس في الحرب الأخيرة هو إظهار قدرة حركة الجهاد الإسلامي على خوض معارك مستقلة مع العدو الصهيوني. وقد تجلى هذا الهدف من خلال إطلاق 130 صاروخاً على تل أبيب خلال 10 دقائق فقط. إن المعركة الأخيرة في غزة جاءت كرد على عملية الاغتيال الإسرائيلية لقادة الجهاد الإسلامي ولذلك لم تتطور هذه المعركة إلى مواجهة شاملة كانت الغاية الرد على عمليات الاغتيال هذه وقد حققت هدفها ولو أن المعركة تحولت إلى مواجهة شاملة لأمطرت المقاومة الفلسطينية إسرائيل بآلاف من الصواريخ.
إسرائيل اليوم وعبر العمليات الاغتيال الجبانة تحاول التستر عن حقائق خطيرة للغاية وهي تهرب من أسئلة محورية هامة للغاية هو: إلى أين وصل شعاركم من الفرات إلى النيل؟؟ هل أصبحت إسرائيل آمنة عبر استخدام قبتها الحديدية؟؟
لقد تحولت الشعارات الإسرائيلية حول الأرض الموعودة إلى مجرد تشغيل منظومات إنذار سريعة للفرار إلى الأقبية. لقد أثبت الحرب الأخيرة (مثلها مثل الحروب السابقة) بأن أقصى ما تستطيع إسرائيل فعله اليوم هو تفعيل أنظمة الإنذار هذه كي يهرب شعبها نحو الأقبية. لا هم استطاعوا احتلال الأراضي العربية ولا هم استطاعوا تأمين إسرائيل من الهجمات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية. أخيراً على الرغم من كل هذه الحملات الإعلامية إلا أن صانع القرار الإسرائيلي فهم بأن المقاومة هي مقاومة واحدة ولا فرق بينها وبأن فصائلها اليوم تزداد قوة عما كانت عليه في الماضي كما أن حركة الجهاد الإسلامي أصبحت قادرة لوحدها على تغير المعادلة نهائيا.
باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية
كاتب فلسطيني