قال: ألا هو صحيح ليه. تأخرت الوحدة الوطنية والمصالحة أكثر مما ينبغي، وطال الخصام بين الفرقاء؟ وفى أهم مكنون ثقافتنا المعاصرة لا يجوز للآخ مخاصمة أخيه أكثر من ثلاث ليال، ونحن يخاصم بعضنا بعضا منذ 15 سنة! فلم تكن حربا شعبا ضد شعب ودولة ضد دولة!! قلت: “مر أعرابي على قوم في حالة خصام وحصار وفساد وانقسام،وخراب، ووصال ودلال ومبادرات ومؤتمرات، فقال أحدهم للأعرابي: عظني بقول ينجني وقت الخراب؟ فأجابه ” يعيش مولانا وبطيخ مولانا.” ثم التقطت له الصور وسط المحتفلين به بهذه المناسبة العطرة.
– العنون قريب من كلمات اغنية، أم كلثوم، عن العشاق سألوني/ وأنا في العشق لا أفهم/ سمعناهم يقولوا العشق حلو وأخره علقم./ الله عليك ياعم بيرم. واللحن العبقري للفنان الكبير زكريا أحمد. اللحن هو الأهم والكلمة هي الأساس في بناء الأغنية الناجحة. لم تعد في الذاكرة مساحة للألحان النشاز وللأكاذيب وعمليات النصب السياسي، فقررنا عدم استقبال المزيد من الألحان النشاز ؛ وبعد العنوان السؤال.. والسلام يجيب كلام..والكلام بيجيب بطيخ، هكذا تتحول السياسة/ من التعفن للتشرد السياسي/ إلى أداة من أدوات النصب والخداع، مدعومة بالطبع بحركات وإشارات ونظرات واستخدام محترف لدرجات الصوت النشاز لدعم ما يقولون.
– لست أتكلم عن الملحن الهايف ولا صاحب الكلمات المسخة، ولا عن النصاب السياسي التقليدي الذى يبيعك شيئاً لا وجود له، فهذا النوع من البشر يتكفل به القانون فى حال وجوده، كما أنه فى كل الأحوال على وعى بأنه مجرم يمارس جريمة. ولكنى أحدثك عن ذلك الذى لا يرى فى أكاذيبه خطأ أو جريمة، ويؤمن فى أعمق أعماقه بأنه على حق، وأنه أفضل منك وهو ما يعطيه الحق فى أن يحكم. هؤلاء هم أحفاد السفسطائيون القدامى الذين كانوا جاهزين دائماً لإثبات القضية وعكسها. نحن نراهم كثيراً على شاشات ومواقع التناحر الاجتماعي وهم يرصون بإحكام الكلمات فوق بعضها البعض لصنع بناء يطلبون منك الاعتراف بصحته وقوته.
– كانت هناك آمال عريضة لدى قطاع كبير من الناس بأنها “شدة وتزول”، لكن الأوضاع انتقلت من السيئ إلى الأسوأ. وتمدد مخطط الانقسام بالحرارة الصهيونية، في ظل مبادرات لا تعدو أن تكون مناوراتٍ مكشوفةً ومداوراتٍ بائسةً لا تهدِف إلى وحدة حقيقية و تكامل ولا تضامن ولا مواجهة، ولا تؤدي إلا إلى غاية واحدة: بقاء الأمور على ما هي عليه وتحنيط الوضع القائم لمصلحة المستفيد من المخطط، ولغرض في نفس زيدٍ وحاجةٍ في نفس عاشور، وعدم وجود أمل في تجاوز هذه الشدة بدون تغيير ومحاسبة هؤلاء.
– أعترف ابتداء بأنني في بداية الانقسام كنت أستبعد تماماً أن يستمر المخطط، و الأزمات السياسية لكل هذه السنوات، فكان يتم التحايل على الأزمة السياسية و الاقتصادية بشكل أو بآخر، ثم إنهم أغلقوا منافذ التنفيس بتزوير إرادات الناس وعدم اجراء انتخابات ، الأمر الذي وصل للعامة فأزعجهم، لإدراكهم أنهم لا يستطيعون تعبيراً عن أنفسهم أو ضرباً في الأرض. فالقاعدة التي بدت مستقرة أن العامة لا يثورون، ولكنهم ينتظرون الفرصة. فنحن في حاجة لمن يحكمنا باسمنا.. باسم الشعب ، لمن يحكمنا بإرادتنا واختيارنا ليس رغماً عنا ولا غصباً منا ، وبمن يحقق وحدتنا ومصالحنا السياسية والوطنية والمعيشية الواقعية المادية منها والأدبية ، وبمن يتأهل بالعلم والعقل والخبرة والتجربة ، وبمن يؤمن بالمساواة والحريّة والعدل ، وبمن يخضع لمراقبتنا ومحاسبتنا ومساءلتنا ، و بمن يؤمن أن كرامة الانسان هي غاية الأديان والاوطان معاً.
– واقع الحال غير، و يحتار المرء مع أشباه الحكام- في سلطتين – يشعر من جهة أنها سلطات تافهة لم تعد تملك من الامر شيئا ولا حتى . بنص شيكل. من فن السياسة والهيمنة العميقة، ويعرف في نفس الوقت أنها على تفاهتها قادرة على سحق الناس وخنق أحلامهم العامة والخاصة وقتلهم و إضاعة قضيتهم و حيواتهم فى الهيافة. بما يتجاوز قدرة الإنسان على الاحتمال. ليس من الانصاف أن يكون المطلوب منا أن نختار واحداً من اثنين ؛ او يُخضعُنا بالسلاح ، ومن يهتف باسم الوطن ويقمعُنا بسطوة السلاح سواء رفعه في وجوهنا أم أشار إليه من بعيد ، كلاهما أسوأ من بعض ، وكلاهما أكثر تخلُّفا من بعض ، وكلاهما لا ينجح في شيء غير النجاح في الوصول الي السلطة بالذراع وبالخداع ، وبعد ذلك الشعب يشرب من البحر والناس تآكل طين.
– يمكن التعرف على شبكة الاستخفاف فيما يمكن تسميته بالتزوير السياسي، وغياب التشريعي، فلا يريدون إقامة حياة ديمقراطية سليمة! إذ تم تغييب الرأي الآخر بالكامل، فلا صوت يعلو فوق صوت الانقسام! وموالسة الانقسام ، واستمرار مخطط الانقسام؛ و البعض يحتاجون إليه ويستخدمونه على نحو جيد، وذلك ضمن ممارسات الفساد المالي والسياسي، والاستخفاف بالعقول وحالات الإنكار المتبجح.
– هناك أمر لا يمكن إغفاله، فالذين يقتاتون على الإحباط لا يريدون حركة تصحيح سوى وفق أجندتهم هم، بأن يأتي الناس إليهم محلقين ومقصرين. فهم يتعالون على فكرة أن يكون الانقسام والحصار والازمات الاقتصادية سبباً في تغيير هذه الوجوه، وكما لو كانوا هم من دعاة الإصلاح السياسي والوحدة الوطنية ، ولم يقف أي منهم أمام المرآة ليسأل وما هي قضيته! إن الظروف مهيأة لثورة من اجل وحدتنا الوطنية الحقيقية.. من اجل قضيتنا.
ونسأل الله اللطف في ما جرت به المقادير!