يتحدث الدكتور نورمان فينكلشتاين، الناشط اليهودي والخبير السياسي عن مأساة غزة وبطريقة مباشرة تصدم المتعصيين اليهود، ويدافع عن الفلسطينيين محاججا محاوريه بميزان وحيد للعدل.
هذا الخبير السياسي وصاحب كتاب بعنوان “تحقيق حول استشهاد غزة”، كان كرس نفسه للدفاع عن العدالة كما هي بغض النظر عن هوية الجلاد وهوية الضحية، وحين سئل في حوار تلفزيوني عن سبب احتفائه بهجوم المسلحين الفلسطينيين في 7 أكتوبر واختراقهم حدود إسرائيل، رد بأن هؤلاء معتقلون تمردوا على سجانيهم وكسروا أبواب المعتقل.
نورمان فينكلشتاين رأى في حوار صحفي في 7 نوفمبر 2023 وجود “ثلاثة عناصر لحملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة. الأول، الذي لا ينبغي الاستهانة به في رأيي، هو إراقة الدماء بطريقة انتقامية خالصة. كنت أقرأ مؤخرا عن تمرد نات تورنر للعبيد عام 1831 حين قتل 60 من البيض بطرق وحشية للغاية. في أعقاب ذلك انتابت السكان البيض في الجنوب الأمريكي حالة من الهياج. لقد قتلوا حوالي 120 أمريكيا من أصل أفريقي بشكل عشوائي وحكم على 80 آخرين بالإعدام فيما كان من الناحية الفنية “محاكمات”. في هذه الحالة، فإن سفك الدماء مدفوع أيضا بالحيرة المطلقة والصدمة لأن سكان غزة تمكنوا من إذلال الجيش والاستخبارات الإسرائيلية تماما”.
الخبير الأمريكي البالغ من العمر 69 عاما، يواصل استعراض براهينه، مشيرا إلى أن “هدف إسرائيل الثاني في غزة هو استعادة (قدرتها على الردع)، أي خوف العالم العربي منها. تعرضت إسرائيل لضربة كبيرة ومهينة في 7 أكتوبر.. كان من الممكن أن يوحي هذا للعالم العربي بأن إسرائيل ليست عدوا مرعبا كما كان يعتقد من قبل”.
فينكلشتاين وهو ينتمي لعائلة نجت في الحرب العالمية الثانية من معسكرات الاعتقال النازية، يتطرق إلى عامل ثالث “هو محاولة إسرائيل اغتنام الفرصة لفرض حل نهائي لقضية غزة. وقد ابتليت إسرائيل بذلك منذ عام 1992 على الأقل، عندما أعرب رئيس الوزراء آنذاك إسحاق رابين عن رغبته في أن (تغرق غزة في البحر). يبدو واضحا الآن أن المخططين الإسرائيليين كانوا يأملون في البداية في طرد سكان غزة إلى سيناء. لكن هذا الاحتمال تم رفضه من قبل رئيس مصر. في الوقت الحاضر، أعتقد أنه لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين بين النخب الحاكمة الإسرائيلية بشأن ما تريد فعله بالضبط مع غزة على المدى الطويل.
عن غزة، يقول الخبير الأمريكي بشؤون الشرق الأوسط في مناسبة أخرى في 18 أكتوبر 2023 أن طولها يبلغ 25 ميلا وعرضها حوالي 5 أميال. وللتوضيح يشير إلى أنه شخصيا يركض كل صباح مسافة 5 أميال، لافتا في نفس الوقت إلى أنها من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم، مضيفا قوله في هذا السياق: ” ابتداء من عام 2006، أجريت انتخابات في الضفة الغربية في غزة، وهي انتخابات حثت عليها الإدارة الأمريكية الفلسطينيين. أدت نتائج الانتخابات بشكل غير متوقع إلى وصول حماس، أو حزبها المدني، إلى السلطة. في تلك اللحظة، فرض الإسرائيليون، وبعدهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، حصارا وحشيا على غزة. وأود أن أشير إلى أن جيمي كارتر كان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في ذلك الوقت، وأعلن أن الانتخابات نزيهة وشفافة تماما”.
بلغة المعلومات والأرقام، يقول: “الآن دعونا نتحدث أولا عن الحصار. مع أندر الاستثناءات، لا يمكن لأحد الذهاب إلى غزة. لا أحد يستطيع مغادرة غزة. يتألف سكان غزة بأغلبية ساحقة من حوالي 70 ٪ من اللاجئين من حرب 1948 وأحفاد هؤلاء اللاجئين، حوالي نصف السكان، يتكون من الأطفال. لذلك عندما تفكر في غزة، يجب أن تعوا في أذهانكم، أننا نتحدث عن سكان غالبيتهم من اللاجئين ونصف على الأقل من الأطفال. منذ فرض الحصار على غزة، لا يمكن لأحد أن يدخل مع أندر الاستثناءات ولا يمكن لأحد أن يغادر مع أندر الاستثناءات.. حوالي 50٪ من سكان غزة عاطلون عن العمل، و60 ٪ من الشباب عاطلون عن العمل. ذاكرتي تقول أن لديها أعلى معدل بطالة في أي منطقة في العالم.. كانت هناك فترة لم يسمح فيها لغزة بدخول أي منتجات مدنية تقريبا. تم حظر الشوكولاتة، وتم حظر رقائق البطاطس، وتم حظر الدجاج الصغير”.
يبدو أن مواقف فينكلشتاين مما يجري في غزة، قد عرضته إلى الكثير من المتاعب. مجلة نيويورك تصفه في 5 سبتمبر 2023 بأنه “الباحث الإسرائيلي الأكثر إثارة للانقسام في أمريكا، فقد أمضى السنوات الـ 40 الماضية منبوذا من قبل وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية. ثم دفعه هجوم حماس في 7 أكتوبر إلى دائرة الضوء، وحاز كتابه الـ 13، غزة: تحقيق في استشهادها”، على مكانة الكتاب الأكثر مبيعا في فئة تاريخ الشرق الأوسط في أمازون”.
المجلة ذاتها ذكرت أن هذا الخبير السياسي والناشط الأمريكي، لم يشغل وظيفة أكاديمية ثابتة منذ أن حرمته جامعة “دي بول” من منصبه تحت ضغط سياسي في عام 2007″.