فازت في مسابقة لرائدات الأعمال.. “أمل” فتحت مشغل على السطح ل


04:22 م


السبت 02 أبريل 2022

كتبت-إشراق أحمد:

قبل نحو 17 عامًا بدأت الرحلة؛ أعادت أمل شبيب استخدام قماش قديم لديها، صنعت مفرشًا لمنضدة وحقيبة، مازالت تحتفظ بهما في منزلها، تبتسم كلما نظرت إليهما، فلم تتخيل السيدة الخمسينية أن هوايتها في الاحتفاظ بـ”القصاقيص” وحبها للخِياطة سيجعلها تحقق ما حرمها منه المجموع الجامعي، بل وتصبح من رائدات الأعمال.

فازت أمل بالمركز الثاني في مسابقة نوال مصطفى لرائدات الأعمال التي أطلقتها جمعية أطفال السجينات للتمكين الإقتصادي للسيدات، وتقام للعام الثالث على التوالي، وأُعلن عن أسماء الفائزات في نسخة عام 2022، الأحد المنصرف.

منذ تخرجت أمل في كلية الآداب بعد دراسة اللغات الشرقية، وتفرغت للمنزل وتربية أبنائها الاثنين. لم تفكر في العمل يومًا. لو عاد بها الزمن وأتيحت لها فرصة الحصول على مجموع أكبر لدرست الفنون، لكنها لم تأسى على ما فات، إنما انشغلت بحبها لحياكة الملابس والأعمال اليدوية لها ولأسرتها ومعارفها “مابشتريش هدايا. أي مناسبة لحد أعمل له حاجة بإيديا”، وما كانت المواد المستخدمة عنها ببعيد.

رداء صغر مقاسه، أو اتسخ وما عاد يصلح للتبرع به، قطعة قماش متبقية، سرعان ما تأخذها أمل “بقصقصها وأدخلها مع حاجات تانية”، لا تدع السيدة “تنتوفة” قماش كما تصف ليكون مصير استخدامها التنظيف أو القمامة بل تُحييها من جديد في ملابس، حقائب وأجزمة، وغير من مشغولات مصنوعة بمحبة خالصة.

مع الوقت، زاد سؤال مَن وصلتهم هدايا أمل عن مكان بيعها، استقبلت السيدة دهشتهم من أنها الفاعلة، ومعها التشجيع للعمل بشكل أوسع.

قبل 10 أعوام تحول مسار أمل، من ربة منزل تعمل وحدها في تدوير القماش إلى سيدة تبدأ عملها الخاص “قصاصات كرافت”، الاسم الذي ألحقته بملابس وحقائب تصنعها جميعها من بقايا الأقمشة، وتروج لها على فيسبوك.

لم تكتف أمل بالعمل، وجدت في مشروعها فرصة للسيدات ذات الدخل المحدود أن يتعلمن صنعة جديدة تفيدهن في حياتهن. بدأت بمن يساعدها في منزلها، لا تشترط السيدة سوى محبة العمل والرغبة، لذا وجدت ما لا تتوقع “بقوا يجيبوا ناس تانية محتاجين شغل”. بذلت السيدة الخمسينية طاقتها في تنفيذ المنتجات وتعليم الراغبات بكيفية صناعتها، وإقناعهم أن الأمر ليس صعبًا كما يظنون.

تضع أمل تصميم الملابس والحقائب وكافة ما تنتج، تَحضِر “القصاقيص”، تُعلِم السيدات كيفية القص والتنسيق فيما بينها، ولأجل أن يرتبطوا بما يفعلون، تصنع أشياء لهم “أخليهم يعملوا معايا شنط لنفسهم ولولادهم”. وجدت السيدات متنفسًا ووسيلة تعينهم “بقوا يقول لي عايزين نعمل شنط على دخول المدارس. عايزين نعمل لبس العيد”، فكانت بداية توقف أمل عن العمل وحدها.

رويدًا يتسع مشروع أمل، تبحث السيدة عن مكان تجمع فيه السيدات محدودي الدخل. تنكسر الصعاب بوجود شقة خالية في سطح العقار الذي تسكنه “أوضة بحمام فوق شقتي خلت الدنيا سهلة”. الأن زاد طموح الأم ذات الثامنة والخمسين ربيعًا، خاصة بعدما أصبح مفهوم “إعادة التدوير والاستدامة” ينتشر يومًا بعد الآخر.

لم تكن أمل تعلم حين بدأت رحلتها مع “القصاقيص” عن المصطلحات البيئية التي أصبحت توجهًا للعديد، فعلت السيدة ذلك “بالفطرة” كما تصف، مع رغبة خاصة لا تفارقها “أعلم ستات أكتر واشغلهم”، ولهذا تقدمت إلى مسابقة نوال مصطفى لرائدات الأعمال حينما فتحت أبوابها.

وقفت أمل في المعرض الذي أقامته المسابقة، تحدث المتواجدين عن المنتجات الموضوعة على المنضدة أمامها، تشير إلى ما ترتديه، تخبرهم أنه من “القصاقيص” وتتلقف الدهشة.

هذه المرة الأولى التي تشارك فيها أمل في مسابقة “لو كنت انشغلت بالمسابقات ماكنتش هشتغل”، لكن تفكيرها في السيدات التي تعمل معها زادها إصرارًا “الفكرة أن الستات عايزين مقابل عشان يقدروا يجوا ويشتغلوا لكن ماكنتش بقدر أعمل ده على طول لأن الشغل في النهاية بالمزاج وحسب الطلب”، فيما أصبحت موقنة بعد الفوز بالمسابقة أن بإمكانها تخصيص رواتب ثابتة للعاملات.
تضمن المسابقة الدعم المادي والإداري لمشاريع الفائزات، لذا تشعر أمل أن الأيام القادمة تحمل فارقًا لـ”قصاصات كرافت”، خاصة وأنها وحدها تقوم بكافة العمل من تصميم وتسويق وتعليم السيدات لمعاونتها على التنفيذ.

تسعد أمل حينما ترى سيدة ممن تعلموا في صفوفها، تحمل حقيبة أو زيًا جديدًا وتخبرها كم وفرت من تدوير القصاصات، فيما تكاد تقفز من الفرحة حينما تقول لها أخرى “بحس أني مبسوطة وفي دنيا تانية وأنا بشتغل”.
لا تتوقف أمل عن التعليم، تقرأ المجلات، تتواصل مع عاملين في مجال التصميم وأصحاب مشاريع خاصة بالملابس في الخارج، تتعلم تقنيات جديدة، لا تجد السيدة المشرفة على الستين متعة في إتقان الشخص لما يعمل فقط، بل التجديد فيه، يزيدها الفوز في المسابقة إصرارًا على مواصلة التعليم “في أي مكان بحاول ناس كتير تبقى فاهمة. عايزة التفصيل بالقصاقيص يبقى حاجة عادية الناس كلها تشتغلها في بيوتها”.