تجمّع عدد من الفلسطينيين الجمعة لالتقاط الصور عند ركام منزل في نابلس استُهدف قبل يومين بعملية إسرائيلية أوقعت أكبر عدد من “القتلى” (الشهداء) في الضفة الغربية المحتلة منذ نحو عقدين.
وقُتل (استشهد) 11 فلسطينيا وأصيب أكثر من 80 آخرين بالرصاص الحيّ في عملية نفّذها الجيش الإسرائيلي الأربعاء في مدينة نابلس في شمال الضفّة الغربية المحتلّة، قائلا في بيان إنه قام “بتحييد ثلاثة مطلوبين مشتبه بتورطهم في تنفيذ عمليات إطلاق نار (في الضفة الغربية) والتخطيط لهجمات”.
وأكد أنه نفذ بالتعاون مع شرطة حرس الحدود وجهاز الأمن العام “عمليات مكافحة إرهاب” جاءت نتيجة “جهود استخباراتية مركزة”.
وبعد 48 ساعة فقط، اجتمعت عائلة فلسطينية لالتقاط صور بين أنقاض المنزل الذي تحول نصباً تذكارياً بين مساجد عثمانية وشوارع مرصوفة بالحصى في مدينة نابلس القديمة.
يخترق شهاب من الضوء فجوة في السقف، هي فتحة خلّفها صاروخ إسرائيلي أُطلق خلال العملية.
وتساءل ناصر محامدة “هل يعقل أن يدخل مئات الجنود المسلّحين بالبنادق والصواريخ إلى منطقة يسكنها 200 ألف مدني أعزل من أجل اعتقال أو قتل شخص؟”.
وأضاف الرجل البالغ 57 عاماً وهو يتفقد الدمار “الناس هنا كلّهم مع المقاومة، ومثل هذه الأحداث تجعل المقاومة أكثر قوة، وتجعل الناس يلتفّون أكثر نحو المقاومة”.
وتابع “إذا كان هناك 10 مقاومين من قبل، سيصبحون الآن ألف مقاوم…”، مشيراً إلى أنه “عندما يُقتل مستوطن واحد، كلّ العالم يستنكر ويندّد، ولكن عندما يهاجم 500 جندي حارة سكنية في نابلس لا أحد يستنكر ذلك”.
واعتبر محامدة أنّ “السلطة الفلسطينية لا تقوم بشيء للشعب، هي تحاول الوصول الى حلّ من خلال السلام، ولكن هذا الاحتلال لا يأبه بالسلام، ولا يفهم سوى لغة السلاح”.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن “حوالى 150 عنصراً” شاركوا في العملية التي نفذّت الأربعاء.
أصبحت مدينة نابلس القديمة نقطة محورية للتوتر المتزايد في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مع ظهور مجموعة مسلحة محلية تعرف باسم عرين الأسود العام الماضي.
وتتّهم إسرائيل هذه المجموعة بتنفيذ هجمات على أهداف إسرائيلية بما في ذلك عملية قتل جندي في الضفة الغربية في تشرين الأول/أكتوبر.
وكانت العملية التي نفذت الأربعاء الأحدث في سلسلة من العمليات العسكرية الدامية في الضفة الغربية التي شهدت “مقتل” (استشهاد) العشرات من الفلسطينيين.
وفي كانون الثاني/يناير، “قتل” (استشهد) 10 فلسطينيين بينهم مسلّحون وأطفال خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مخيّم جنين للاجئين الفلسطينيين. و “قُتل” (استشهد) خمسة آخرون، يشتبه في انتمائهم إلى حركة حماس، في عملية في مدينة أريحا.
ومن بين “القتلى” (الشهداء) في نابلس الأربعاء عدنان أبو أشرف (72 عاما).
أمام متجره، قالت قريبته أم تيسير (62 عاما)، إنّه “ذهب إلى البلدية لإنجاز بعض الأوراق، وعندما انتهى من ذلك كان الجيش قد دخل وحاصر المنطقة قرب بيته”، مضيفة أنّه “لم يستطع العودة إلى المنزل، فسلك طريقاً آخر داخل البلدة القديمة، لكن جنود الاحتلال أردوه بثماني رصاصات”.
وأكدت أم تيسير أنّ “قتل قادة المقاومة في نابلس لا يُضعف المقاومة بل يقوّيها لأن هناك دائماً شباناً جدداً ينضمّون إلى المقاومة”.
من جهته، أشار عميد المصري، وهو مسؤول محلي في حركة فتح، إلى أن “حركة فتح… مع أيّ مقاومة وتدعم المقاومة بغض النظر عن الانتماء”، موضحاً أنّ “عرين الأسود هي مجموعة من الشباب من مختلف الفصائل اختاروا النضال بدون أيّ تبعية لأي فصيل، ونحن في فتح نحترم ذلك”.
واعتبر أنّ “ما يميّز عرين الأسود أنها مجموعة تحرّرت من القرار السياسي، بينما فصائل المقاومة الأخرى تحتاج إلى قرار سياسي بشأن أي عمل مقاوم، بمعنى أنّ عرين الأسود ليس لديها أي قيود”.
من جهتها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إن أحد قادتها كان أيضاً من بين قتلى العملية الإسرائيلية الأربعاء.
ومع ذلك، فيما يكثف الجيش الإسرائيلي جهوده لمحاربة المجموعة في البلدة القديمة، يقول سكان محليون إنه بغض النظر عن عدد المقاتلين الذين تدعي اسرائيل أنهم قتلوا، فإن مقاومة نابلس أصبحت أكثر قوة.
وقالت أم تيسير مشيرة إلى حفيدها كريم البالغ ثماني سنوات “طلب مني أن أشتري له بندقية لأنه يريد أن ينضمّ إلى عرين الأسود وأن يصبح مطارداً مثل الشهيد إبراهيم النابلسي”، قائد المجموعة الذي “قتل” (استشهد) العام الماضي في عملية إسرائيلية في نابلس.
محاطا بالأنقاض، نفض محامدة الغبار عن حذائه وقال “عرين الأسود هي فكرة وهذه الفكرة تنتقل الآن إلى كلّ فلسطين، وكلّ شخص يصبح مقاوماً”.
وفي بيان نشر على تلغرام مساء الخميس، قالت مجموعة عرين الأسود إن “حوالى 50” مقاتلاً انضموا إليها منذ العملية الأربعاء.
ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التأكد من صحة البيان.