فعالية أدوية السرطان تعتمد على التوقيت

كشفت دراسة جديدة أن فعالية أدوية السرطان تختلف بشكل كبير حسب الوقت من اليوم الذي يتم إعطاؤها فيه. ويؤدي هذا الاكتشاف إلى علاجات أكثر فعالية مع آثار جانبية أقل، وهو ما يؤدي إلى تحويل حياة الملايين من مرضى السرطان في جميع أنحاء العالم.

إن جوهر هذا البحث هو الإيقاع اليومي، والذي يُطلق عليه غالبًا اسم الساعة الداخلية للجسم. تنظم هذه الدورة الطبيعية التي تستمر لمدة 24 ساعة تقريبًا العديد من العمليات البيولوجية، من أنماط النوم إلى إنتاج الهرمونات. والآن، وجد العلماء أنها تلعب أيضًا دورًا حاسمًا في كيفية استجابة خلايا السرطان للعلاج.

نهج جديد

تقدم الدراسة، التي قادها الدكتور أدريان إنريكي جرانادا، وفريقه في مركز شاريتي الشامل للسرطان في ألمانيا، ونشرت في مجلة Nature Communications، نهجًا جديدًا لفهم هذه التأثيرات المرتبطة بالوقت من اليوم والاستفادة منها. من خلال الجمع بين تقنيات التصوير المتقدمة وتحليل البيانات المتطور، طور الفريق طريقة للتنبؤ بالتوقيت الأمثل لإعطاء الدواء في أنواع مختلفة من السرطان.

ووجد الباحثون أن علاجات السرطان يمكن أن تكون أكثر فعالية بنسبة 30% عندما تُعطى في الوقت المناسب من اليوم.

خريطة مفصلة

إن النهج الذي اتبعه الفريق شامل بشكل ملحوظ. فقد بدأوا بفحص الإيقاعات اليومية لسلالات مختلفة من خلايا السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي وورم الخلايا العصبية. وباستخدام علامات مضيئة بيولوجيا ــ فكر فيها على أنها يراعات خلوية ــ تتبعوا نشاط جينات الساعة الرئيسية على مدى عدة أيام. وهذا سمح لهم بإنشاء خريطة مفصلة للساعة الداخلية لكل سلالة من الخلايا.

وبعد ذلك، نظر الباحثون في كيفية نمو هذه الخلايا واستجابتها لأدوية السرطان المختلفة بمرور الوقت. ومن خلال الجمع بين هذه المعلومات وبيانات الساعة البيولوجية، تمكنوا من تحديد أنماط حساسية الأدوية طوال اليوم. على سبيل المثال، وجدوا أن بعض خلايا سرطان الثدي كانت أكثر عرضة لأدوية معينة في المساء مقارنة بالصباح.

أكثر فعالية

على نحو مماثل، وجد الباحثون أن عقار العلاج الكيميائي 5-فلورويوراسيل (5-FU) كان أكثر فعالية ضد سلالة معينة من خلايا السرطان بين الثامنة والعاشرة صباحًا. وقد يحدث هذا التوقيت الفارق بين العلاج الناجح والعلاج الفاشل.

ولم يتوقف الباحثون عند هذا الحد، بل قاموا أيضًا بفحص كيفية اختلاف هذه التأثيرات الزمنية بين الخلايا السرطانية والخلايا السليمة. وهذا أمر بالغ الأهمية لأن العلاج المثالي من شأنه أن يزيد من الضرر الذي يلحق بالخلايا السرطانية مع تقليل الضرر الذي يلحق بالأنسجة السليمة. وفي بعض الحالات، وجد الباحثون أنماطًا متعارضة – حيث تزامنت الأوقات التي كانت فيها الخلايا السرطانية أكثر عرضة للخطر مع الأوقات التي كانت فيها الخلايا السليمة أكثر مقاومة.