في ظل تنامي القيود التي نتجت عن انتشار فيروس كورونا من تقيد للحريات وتباعد اجتماعي، فما يطلبه منا المختصون ومسؤولو الصحة من ضرورة “التباعد الاجتماعي” ليس أمرًا سهلًا؛ إذ يتنافى مع الطبيعة البشرية، “فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه”، مما جعل البشر في صراع حول سلامته وسلامة من حوله أو حريته بالعيش دون قيود، وتطور هذا الفكر لتثير لدى الأشخاص تساؤلات حول إذا ما كانت سلطة الدولة ستتوسع بفعل هذه الجائحة لتقيد الحريات تحت ذريعة مكافحة الوباء والحفاظ على الأمن، وعلى الرغم من أن بعض هذه الإجراءات معقولة بل وربما مطلوبة في مثل هذه الظروف الاستثنائية، إلا أن البعض أثار مخاوف مشروعة من أن تتوسع الرقابة على المجتمع ويستمر تقييد الحريات حتى بعد زوال هذه المحنة.
ووفقاً لما قرأته من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة رقم (3) التي تنص: لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه. والمادة رقم (13): 1. لكل فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة. 2. لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده، فإن المادتين تنص وتؤكد على حرية الفرد بالتنقل والحياة والعيش أينما يريد، لكن بعدما تمكن فيروس كورونا على جميع نواحي حياتنا نزع من الجميع حقه بالعيش بحرية وراحة وأمان.
في المقابل وفق ما قرأته في اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الدورة الثانية والعشرون (2000) المادة رقم (12): “الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه” والصحة حق أساسي من حقوق الإنسان لا غنى عنه من أجل التمتع بحقوق الإنسان الأخرى. ويحق لكل إنسان أن يتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ويفضي إلى العيش بكرامة. ويمكن السعي إلى إعمال الحق في الصحة عن طريق نهج عديدة ومتكاملة مثل وضع سياسات صحية، أو تنفيذ برامج الصحة التي تضعها منظمة الصحة العالمية، أو اعتماد صكوك قانونية محددة، فحتى حقنا بالصحة قد سلب من قبل فيروس كورونا الذي أن يسمى بالمستبد.
ويبقى السؤال المهم حول أيهما أهم: الصحة أم الحرية؟ وهل يمكن التخلي عن أحدهما لصالح الآخر؟ من المؤكد في وضع أجبر العالم بأكمله أن يقيد بسبب ما حل من وباء أن تضع الصحة في المركز الأول والتخلي عن الحرية من أجل ذلك، فتحوّل التركيز إلى اتخاذ إجراءات طارئة لإنقاذ الأرواح وإصلاح سبل العيش.
برأي يجب أن يكون هناك طريقة تساوي بين حماية صحة الجميع لكن بالمقابل عدم حرمان الفرد من حرية العيش وتقيده، عن طريق إيجاد طرق ووسائل تخفف من الضغط النفسي مع الاهتمام حول صحة الجميع، فيجب على الدولة عدم إيصال شعبها لهذه الفكرة عن طريق وضع زاويا للتفريغ فيها والتخفيف من الضغط الناتج عن حالة الطوارئ التي عمت العالم أجمع.
في النهاية لقد تخلفت جائحة كورونا بأوضاع أربكت الجميع وهددت العديد من المصالح الحيوية للدول، وانعكست سلباً على حقوق وحريات الأفراد التي باتت بين عارضتي المنع والتضييق، ومن بين أهم الحريات الفردية التي تأثرت بالفيروس حرية التنقل التي خضعت لقرارات الحجر الصحي والحظر الكلي أو الجزئي في معظم دول العالم وكل ذلك تحقيقاً لحماية الحق الأسمى” الحق في الحياة والصحة”.