اختتمت أعمال النسخة الثانية من مؤتمر القطاع المالي المقام في الرياض، وسط حالة من التفاؤل في القدرة على تجاوز تحديات السوق من خلال بناء اقتصاد متين ومستدام تحفزه بالتقنية في المستقبل.
وشهدت جلسات المؤتمر حضور 3200 مشارك وتواجد العديد من ممثلين كبرى المؤسسات المالية العالمية إلى جانب وزراء للمالية للاستماع إلى أكثر من 100 متحدث، مناقشة آلية بناء خارطة طريق واضحة لتحقيق النمو والازدهار للقطاع المالي في المستقبل، كما ناقشت جلسات المؤتمر مستقبل المجتمع المالي العالمي تحت شعار “آفاق مالية واعدة” من خلال تمكين التقنية، وتنويع الاستثمار، وتعزيز التعاون الدولي من أجل اقتصاد أخضر.
وفي كلمة ختاميةٍ في نهاية المؤتمر، تحدّث محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري أنّ المؤتمر يأتي في إطار دعم وتطوير القطاع المالي، وتوفير البيئة الممكّنة له، وتعزيز التقنية المالية، وتنمية القدرات البشرية في هذا المجال. كما أنّ للشركات العاملة في القطاع المالي دورًا جوهريًا في رفع مستوى الكفاءات الوطنية وتطويرها، وتمثل عاملًا مهمًا للمساهمة في نضج الكوادر، خصوصًا في ظل التطور المتسارع للقطاع.
وقال السياري: “جهود البنك المركزي وشركائه في برنامج تطوير القطاع المالي مستمرة في تمكين المؤسسات المالية لدعم نمو القطاع الخاص؛ والمساهمة في نمو الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر دخله، وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار. كما نسعى لتوفير بيئة جاذبة لشركات التقنية المالية الناشئة، بما يتناسب مع تطورات الاقتصاد المحلي والعالمي؛ لتمكين الشركات من الابتكار والاستثمار في قطاع التقنية المالية. مع إعطاء أهمية لقطاع التأمين في المملكة، والذي يعدّ قطاعًا واعدًا يشهد نموًا متسارعًا، وستتضافر جهود شركاء البرنامج بإذن الله؛ ليكون قطاعًا مستدامًا ومزدهرًا، وبما يعزّز مشاركته في الناتج المحلي”.
وناقشت جلسات المؤتمر في اليوم الثاني تمويل قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع النمو الهائل للقطاع إقليميًا ودوليًا. وأشارت عضو مجلس إدارة مؤسسة ميدل إيست فينتشر كابيتال في الإمارات العربية المتحدة السيدة تالا الجابري، إلى وجود فجوة تمويلية كبيرة لهذا القطاع، وقالت: “95٪ من الشركات في المنطقة هي شركات صغيرة ومتوسطة وملف القروض الذي يذهب إليها هو 7٪ فقط، وهو أدنى مستوى في العالم، مما يشير إلى وجود فجوة هائلة”.
وأشاد وكيل محافظ البنك المركزي السعودي للتطوير والتقنية الأستاذ زياد اليوسف بازدهار قطاع التقنية المالية في المملكة، حيث قال: ” في عام 2018 كان هناك أقل من 10 شركات تعمل في مجال التقنية المالية، لكن في وقتنا الحالي يتواجد أكثر من 155 شركة تقدم خدماتها في مجال التقنية المالية في المملكة، مما كان له دور كبير في زيادة الاستثمارات وخلق المزيد من فرص العمل”.
وفي جلسةٍ حوارية تمحورت حول تشكيل مستقبل تدفقات الأموال العالمية، شارك فيها الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، وزير المالية والاقتصاد الوطني في مملكة البحرين، قال فيها: “أنّ على البنوك التقليدية أن تعمل على التحول لتتأقلم مع الواقع الجديد، وتتعامل معه على أنه فرصة للنمو في المستقبل. وأنّ التحدي حاليًا هو كيف يمكن أن توضع الأنظمة والتشريعات للمستقبل”.
كما شارك في هذه الجلسة وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط، حيث قال: “الرقمنة والابتكار في القطاع المالي تهدف دومًا إلى أن تتحرك الأموال بشكل أسرع وأكثر كفاءة، لذا يجب أن يكون ذلك بطريقة حذرة وتشريعات متقدمة تواكبها لضمان تفادي الآثار السلبية التي قد تحدث”.
وعن ريادة الأعمال في المملكة، قال معالي الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة للشركة السعودية للاستثمار الجريء الدكتور نبيل كوشك: “يأتي اهتمام المملكة بتطوير ريادة الأعمال في المملكة من خلال مستهدفات وضعتها في إطار رؤية السعودية ٢٠٣٠ وبرامج التمويل وتحديث السياسات واللوائح في المنظومة المالية، مما انعكس على ازدهار هذا القطاع ومساهمته في الاقتصاد والأسواق المالية الرئيسية والموازية في المملكة”.
كما أضاف المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة إس تي في الأستاذ عبدالرحمن طرابزوني: “مرّت المشاريع والابتكارات في المملكة بثلاث موجات، الموجة الأولى كانت استنساخ للتجارب العالمية الناجحة وتطبيقها في المملكة، أما الموجة الثانية فهي عندما أصبح لدينا منشآت تبتكر وتصمم بحسب احتياجات السوق لدينا، أما الموجة الثالثة فهي عندما كبرت المشاريع التي بدأت في المملكة وأصبحت تخرج للأسواق العالمية”.
وعن دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص العمل، أضاف الشريك والمؤسس في شركة أرزان فينتشر كابيتال في الكويت الأستاذ حسن زينل: “أنّ وظيفتين من أصل 32 وظيفة في جميع أنحاء العالم تخلقها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولكن في عام 2022 في السعودية، تم خلق 80٪ من الوظائف بواسطة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وحدها، وهو تحسن ملموس بالمقارنة مع الأربع سنوات الماضية”.
وعلى هامش جلسات المؤتمر أُعلن عن العديد من المشاريع العقارية، من بينها الجزيرة كابيتال وشركة محمد سعد العجلان العقارية التي وقّعت إطلاق الجزيرة، والملقا، وصندوق العجلان العقاري. بينما وقّعت شركة بيت المال الخليجي وشركة بندر العقارية وشركة مصادر العقارية اتفاقية منفصلة لإنشاء صندوق عقاري في المنطقة الشرقية، كما أطلقت سدكو كابيتال صندوقًا للتطوير العقاري.
وشهد المؤتمر توقيع فنتك السعودية 4 مذكرات تفاهم مع المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية، ومركز أرامكو لريادة الأعمال، وشركة فيزا، وشركة فيس كي، ليساهم بشكل رئيسي في تعزيز أهمية قطاع التقنية المالية على المستويين الإقليمي والعالمي.
ووقعت شركة فيزا ومصرف الإنماء أيضًا اتفاقية لإطلاق حلول دفع مبتكرة في التقنية المالية، وأعلنت شركة تمارا، المتخصصة بالمدفوعات، عن أول صفقة إقليمية مع جولدمان ساكس من خلال حصولها على تمويل بالدين بقيمة تصل إلى 150 مليون دولار.
الجدير بالذكر أنّ مؤتمر القطاع المالي 2023 هو النسخة الثانية لهذا المؤتمر الذي ينظمه شركاء برنامج تطوير القطاع المالي، وهم وزارة المالية والبنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية، حيث يندرج المؤتمر ضمن برنامج تطوير القطاع المالي في المملكة، الذي يعتبر مكونًا رئيسيًا من مكونات رؤية السعودية 2030. ويشارك في المؤتمر نخبة كبيرة من صناع القرار والمستثمرين والشركات الاستثمارية العالمية والبنوك الدولية.