السلبي يتمثل في تردد وإحجام أصحاب المطالبات عن إقامة دعاوى غير مرجحة النتيجة خوفاً من تحمل التكاليف التي سيتحملها الخاسر. وأكد الحجاج، أن هذا التردد بدوره سينعش سوق الاستشارات القانونية، فيأتي صاحب المطالبة؛ ليطلب الرأي القانوني من المتخصصين في مدى جدوى القضية ونسبة توقع كسبها، قبل أن يتحمل أتعاب المحامين للمرافعة ويتحمل التكاليف القضائية، وهذا هو الأثر الإيجابي.
وأشار الحجاج إلى أن لتزامن تعديلات نظام المحاماة المتمثلة في حصر المرافعات والتوكيل على المنشآت القانونية المرخصة والمحامين المرخصين، مع سريان نظام التكاليف القضائية؛ أثراً جيداً في حصر مباشرة القضايا التي أصبحت ذات كُلفة على المرخص الممارس، الذي هو مظنة البعد عن التقصير والخطأ في الإجراءات القضائية، وهو الأعرف بطبيعة الحال لتأهيله وسابق خبرته في تكييف المطالبة القانونية وكيفية إبرازها للقضاء طلباً ومدافعة.
على السياق ذاته، أكد المحامي طارق آل إبراهيم، أن نظام التكاليف القضائية الذي يدخل حيز التنفيذ اليوم، سيكون له أثر إيجابيي على المحامين، وذلك بالنظر بينه وبين تعديلات نظام المحاماة المعتمدة أخيراً.
وذكر آل إبراهيم لـ «» أنه على الرغم من أن المرحلة القادمة قد تقل فيها عدد القضايا، إضافة إلى انتهاء المطالبات غير المنطقية بين الخصوم أمام المحكمة، إلا أن في هذه المرحلة ستزداد الحاجة للمحامين، حيث سيحرص الجميع على استشارة المحامين المختصين وذلك قبل رفع الدعوى وتحمل الرسوم.
وأضاف آل إبراهيم أن تأكيد النظام على منع توكيل الوكلاء الذين كانوا يترافعون سابقاً في المحاكم سيسهم أيضاً في الأثر الإيجابي على المحامين.
وتابع آل إبراهيم، أن إشعار المحامي لموكله بالتكاليف القضائية يعد من باب ترتيب العلاقة بين الطرفين إلا أن عدم إشعار المحامي للموكل لا يكلفه ذلك أي أمر، فلا خطأ على المحامي، إذ إن نظام التكاليف القضائية يخاطب الكافة والجهل فيه غير معتد به.
وأشار إلى أنه يجب على المحامي عند تحديد أتعابه التمييز في العقد بين الأتعاب والتكاليف القضائية، حتى لا يتبادر إلى ذهن العميل أن المذكور بالعقد من أتعاب شامل للتكاليف، فيجب أن يحدد مع العميل طريقة دفع التكاليف، وإذا ما كانت ستسلم للمحامي وهو من يدفعها للمحكمة أو ستدفع مباشرة من العميل لتحاشي اللبس الذي قد ينشأ لدى موكل المحامي.
تسوية النزاع ودياً هل يؤثر على النشاط ؟
في المقابل، تساءل المحامي عبدالمجيد آل موسى، عن قلق بعض المحامين من أحكام نظام التكاليف القضائية، مؤكداً لـ «»، أن بعضهم استقبل خبر إقرار التكاليف بشيء من عدم الاطمئنان على مستقبل قطاع المحاماة، سيما وأن النظام يهدف إلى الحد من تدفق الدعاوى لدى الجهات القضائية، وترغيب أطراف النزاع على تسوية نزاعهم بطريق التراضي.
وتابع: المتأمل في واقع قطاع المحاماة وما يحظى به من اهتمام ورعاية؛ لتمكين منسوبي القطاع من الاستقلال المهني بما يضمن جودة كفاءتهم ومخرجاتهم، ومن ذلك إنشاء الهيئة السعودية للمحامين، وإنشاء مركز التدريب العدلي، وصدور قرار مجلس الوزراء القاضي في أحد بنوده بإلزام الجهات الحكومية بتطوير الإدارات القانونية لديها ودعمها بالكفايات المؤهلة في المجالين الشرعي والنظامي، ووضع خطة لتطوير هذه الإدارات والعاملين فيها بالشكل المناسب، وكذلك صدور قرار مجلس الوزراء القاضي بإسناد المهمات المتعلقة بحقوق الإنسان إلى الإدارات القانونية في الجهات الحكومية، إضافة إلى صدور قرار توطين وظائف المهن القانونية، وصدور تعديلات عدة على اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة أبرزها: حصر المؤهلات العلمية للشهادة الجامعية لمرحلة البكالوريوس على تخصصي الشريعة أو الأنظمة أو ما يعادلهما؛ كأحد الشروط الأساسية للحصول على رخصة مزاولة مهنة المحاماة.البعض يشعر بالقلق.. لماذا ؟
وأضاف آل موسى: واكب صدور نظام التكاليف القضائية تطوير تشريعي للمنظومة العدلية؛ ابتداءً بصدور نظام المحاكم التجارية الذي قيّدت بعض أحكامه بأن يكون الترافع أو الاعتراض من خلال محامٍ مرخص، ثم صدور نظام الإثبات، ثم التعديل على نظام المحاماة بما يحصر الترافع في الدعاوى أمام المحاكم واللجان شبه القضائية كأصل ، ثم صدور نظام الأحوال الشخصية، إضافة إلى قرب صدور نظام التعاملات المدنية والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، كل هذه التحولات التي حدثت في قطاع المحاماة والمنظومة العدلية من شأنها أن تنعش قطاع المحاماة، وتعزز جودة مخرجات المنظومة العدلية، سيما وأن المجتمع المدني والاقتصادي قد ارتفع معدل وعيه القانوني عن ذي قبل؛ بضرورة الوقاية من المخاطر القانونية في مختلف تعاملاته المدنية والتجارية والشخصية والوظيفية، إذ لا مناط لتحقيق هذه الوقاية بغير الاستعانة بمحامٍ؛ لذا فكيف تقلق من أحكام نظام التكاليف القضائية؟