في خطوة مفاجئة تنذر بخطوات أوسع، أحال الرئيس الفلسطيني محمود عباس الغالبية العظمى من المحافظين في الضفة الغربية وقطاع غزة للتقاعد.
وشمل القرار الرئاسي 8 من أصل 11 محافظا في الضفة الغربية، و4 من أصل 5 في قطاع غزة، في خطوة أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين.
وعلى غير العادة، لم يعلن الرئيس الفلسطيني، في مرسومه عن بدلاء لهؤلاء المحافظين الذين قال بعضهم إنهم علموا عن القرار من وسائل الإعلام.
لكن الفريق الحاج إسماعيل جبر، مستشار الرئيس لشؤون المحافظات، كتب في رسالة موجهة إلى المحافظين : “يكلف الأخوة نواب المحافظين في هذه المحافظات بتسيير العمل لحين تعيين جدد”.
وفي الضفة الغربية شمل القرار محافظي جنين، نابلس، قلقيلية، طولكرم، بيت لحم، الخليل، طوباس وأريحا والأغوار.
فيما استثنى القرار من الضفة الغربية محافظة رام الله والبيرة ليلى غنام وهي المحافظة الوحيدة، والقدس عدنان غيث الذي يخضع منذ تسلمه لمنصبه لسلسلة قرارات إسرائيلية بمنع الحركة، وسلفيت اللواء عبدالله كميل.
أما في قطاع غزة فقد شمل القرار كلا من محافظ شمال غزة، وغزة، وخان يونس، ورفح.
وأصدر عباس مرسوما رئاسيا “بتشكيل لجنة رئاسية، تضم عددا من الشخصيات القيادية ذات الاختصاص لاختيار مرشحين لشغل منصب محافظي المحافظات الشاغرة، وتقديمها للرئيس لإصدار قرار بشأنها”.
يشار إلى أن جميع المحافظين أمضوا في مناصبهم أكثر من الفترة المحددة قانونا وهي كحد أقصى 5 سنوات.
وفي تعقيبه على الخطوة الرئاسية، اعتبر مسؤول فلسطيني لـ”العين الإخبارية” أنها “استحقاق تأخر تنفيذه بسبب التطورات على الأرض نتيجة الهجمات الإسرائيلية”.
وقال المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: “كان من المقرر صدور هذا القرار منذ فترة طويلة ولكن تأجل عدة مرات بسبب التطورات، حان الوقت للتبديل وتعيين مسؤولين جدد”.
ويعني إحالة المحافظين على التقاعد أنه لن يكون بالإمكان تكليفهم مجددا بمنصب محافظ.
والمحافظ هو ممثل الرئيس في محافظته والمسؤول عن تنسيق عمل أجهزة الأمن والمكلف برعاية احتياجات المواطنين في المحافظة.
وكان عدد من المحافظين قد تعرضوا في السنوات الأخيرة لانتقادات حادة من قبل المواطنين بسبب تصريحات لهم في وسائل إعلام أو مناسبات عامة ولقاءات.
وكثيرا ما طالب فلسطينيون بإقالة محافظين شملهم القرار.
تعديل حكومي قريب؟
ويرى مراقبون أن قرار عباس “جاء في محاولة منه لإرضاء الشارع الذي يطالب بالتغيير”.
وفي غياب انتخابات رئاسية وتشريعية منذ عام 2005، فإن الشارع الفلسطيني غالبا ما يطالب بانتخابات واستبدال المسؤولين المعينين من قبل السلطة الوطنية.
ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يتبع هذا القرار تغييرات في السلك الدبلوماسي الفلسطيني وأيضا في الحكومة.
وفي هذا الصدد، قال مسؤول فلسطيني : “يجري الرئيس بحثا جديا في تغيير الحكومة أو تعديل وزاري، لا يوجد قرار حاسم حتى الآن حول الاتجاه الذي سيقرره الرئيس ولكن القرار قد يكون قريبا بشأن الحكومة”.
وأضاف المسؤول: “الرئيس يستشعر رغبة المواطنين بإحداث تغيير سواء في المحافظات أو السلك الدبلوماسي والمؤسسات الحكومية والحكومة وهو بصدد اتخاذ جملة من القرارات”.
ولكن القرار بإحالة المحافظين على التقاعد جاء في وقت تحاول فيه السلطة الفلسطينية إعادة فرض سيطرتها الأمنية خاصة في منطقة شمالي الضفة الغربية.
وكانت العديد من الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، طالبت الرئيس الفلسطيني بخطوات إصلاحية من أجل استعادة ثقة المواطنين.
وشهدت السنوات الأخيرة تراجعا حادا في ثقة المواطنين بالسلطة الوطنية، وفق ما أظهرته استطلاعات الرأي العام الفلسطينية.
وتناقل فلسطينيون أنباء إحالة المحافظين على التقاعد وتصريحات بعضهم، بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي.
وفي سياق متصل نفى عضو المجلس الثوري لحركة فتح عبد الإله الأتيرة بشكل قاطع تقديم رئيس الوزراء محمد اشتية استقالته للرئيس محمود عباس.
وقال الأتيرة في تصريح صحفي إن اشتية وحكومته واجهوا خلال السنوات الماضية أزمات كبرى متتالية، منها جائحة كورونا واحتجاز إسرائيل لمبالغ ضخمة من أموال المقاصة بسبب صرف رواتب الشهداء والأسرى، وقطع المساعدات الخارجية، والارتفاع العالمي بالأسعار بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. وأشار الأتيرة في الوقت ذاته أن عدداً من الوزراء واجه هذه الأزمات مع رئيس الوزراء باقتدار، إلا أن عدداً آخر منهم كان أداءه أقل من المأمول، الأمر الذي يدعو للتفكير جديا في عمل تعديل حكومي موسع يستطيع من خلاله اشتية أداء مهامه الحكومية بشكل أكثر كفاءة.