قصة الشهيد الذي أوصى والدته ألا تبكي عليه

تمتلئ الكتب والروايات بقصص الأبطال الذين خلدهم الأدب.. وتعرض شاشات السينما أدوارا تحتفظ بها الذاكرة لشخصيات أسرت عقول المشاهدين، لكن الأشد بقاء في الذاكرة، والأعلق في الوجدان، والأحفظ من يد النسيان، أفعال الأبطال الحقيقيين في محافل البطولة والفداء، جنودنا العظام، بواسلنا الذين قضوا في سبيل الدفاع عن الدين والوطن.

قبل عام كامل، هناك في الحد الجنوبي، سطر التاريخ ملاحم المجد والإباء.

كان العريف “خالد المؤمن” ثابت الجنان، عظيم الفداء، ناذرا روحه في سبيل دينه ووطنه وقيادته، متقدما في الصفوف الأمامية.. قبل أن ينال شرف الشهادة، التي كانت محور حديثه مع عائلته، حينما كان يودعهم قبلها بأسبوع.

دار الحديث الباسم بينه وبين والديه وزوجته طالبين منه وعدا أن يقيم لهم حفل شواء في إجازته المقبلة، ليتساءل مبتسما؛ “وماذا لو استشهدت؟”.

كان يلقي هذا التساؤل بضحكة منبعها قلب مليء بالتوكل واليقين والفداء.. ليصاب بعدها بقذيفة، خولته الشهادة التي بحث عنها، وتوجت حياة مليئة بالإقدام والشرف.

في ساعاته الأخيرة؛ تحدث مع زوجته بصوت واثق أن ما عند الله خير وأبقى، وأوصى ألا تبكي عليه والدته. بعدها؛ رحل.

رحل مسطرا بطولة يزخر بها الوطن ويدونها في مجلدات الفخر والشرف.

اليوم، وفي حج هذا العام، والده ووالدته ينضمان إلى ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة من أسر شهداء الواجب الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، معتزين مفتخرين بسيرة فلذة كبدهم البطل، مؤكدين أن الشهادة في سبيل الواجب الوطني هي أسمى ما يقدمه المرء لدينه ووطنه، وأن هذا ليس فخر العائلة وحدها، بل للسعوديين جميعا، مقدمين شكرهما الجزيل لخادم الحرمين الشريفين على كرم الاستضافة والرعاية المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، سائلين الله أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.