قلقُ إسرائيلي عارِم من “الدب الروسي”: إنهاء التفاهمات معها حول سورية وتقارب مع ايران

نقل معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة، يوسي يهوشع، عن محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ في كيان الاحتلال قولها إنّ الزاوية الإسرائيلية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا هي ما يحصل في سوريّة، مشيرًا إلى أنّ الاختبار القريب سيكون مواصلة نشاطات سلاح الجو في المنطقة في الوقت الذي يوجد فيه للروس إمكانية التشويش بشكل دراماتيكي بالنظر إلى أنّ إسرائيل لن ترغب في إلحاق الضرر بأنظمتها، على حدّ تعبيره.
 وشدّدّ يهوشع نقلاً عن ذات المصادر على أنّه على خلفية تصريحات مسؤولين إسرائيليين ومحاولة السير بين القوتين العظمتيْن، الولايات المتحدة وروسيا، سيكون الاختبار هو ما إذا كان سيتم الحفاظ على حرية العمل الجوي في منطقة مهمة جدًا للجيش الإسرائيلي لمنع تعاظم قوة حزب الله بالصواريخ الدقيقة، طائرات بدون طيار، منظومات دفاع جوي، وبالطبع بوسائل قتالية إيرانية للتمركز في سوري’، مؤكِّدًا أنّ هيئة الأركان العامّة بجيش الاحتلال تستنِد لكلّ سيناريو وأيضًا لما تم تعريفه على أنه نوع من “برودة مؤقتة” من جانب الروس في سوريّة.
 و”بغضّ النظر عن القصة الأخيرة”، مضى يهوشع قائلاً، “تحتاج إسرائيل إلى الروس في محاربة البرنامج النووي الإيراني، فالاتفاقية الجديدة التي تتم صياغتها تبدو أسوأ من سابقتها، ويتوقع أنْ تحول إيران إلى دولة عتبة نووية، وفي ظلّ العجز الأمريكي، تؤكد الأحداث مرة أخرى حقيقة أنّ الكيان سيضطر إلى الاعتماد على نفسه فقط في حرب شاملة وتعزيز قدراته المستقلة”.
 إلى ذلك، قالت صحيفة (هآرتس) العبريّة إنّه في المؤسسة الأمنية يقدر المسؤولون أنّه بهدف تحسين مكانته قد يُقيّد بوتين إسرائيل في تنفيذ نشاطات عسكرية في الشرق الأوسط وخاصة على الأراضي السورية. وقد يجعل الأمر صعبًا عليها ضمن آلية التنسيق التي أقيمت بين ضباط إسرائيليين وبين روسيا.
وتابعت الصحيفة:”هناك أيضًا خشية من أنْ يؤدي سيناريو كهذا إلى نقل سلاح أكثر تقدمًا إلى سوريّة وإلى دول إضافية في المنطقة، لأنّ بوتين سيحتاج إلى عائدات تثمر صفقات سلاح كبيرة، ويرغب في خلق توازن رعب ضد القوات العسكرية الغربية الموجودة في المنطقة”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلاع قولها إنّ “خشية إضافية لدى إسرائيل تظهر وهي أنّه في حال بدأت قوات الناتو وقوات عسكرية أخرى في الانتقال إلى البحر المتوسط أو إلى دول المنطقة، فإنّ بوتين سيُفعّل منظومات تشويش “جي بي إس” متطورة، وحربًا إلكترونية وهجمات سايبر بهدف جعل الأمر أصعب عليهم، مُعتبرةً أنّ “خطوة كهذه قد تُقيّد حرية عمل الجيش الإسرائيليّ وحتى إلى تعطيل عمل منظومات تكنولوجية عسكرية ومدنية في إسرائيل”، على حدّ تعبيرها.
وأشارت إلى أنّ “خوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يكمن في أنْ تؤدي الإدانة الإسرائيلية للهجوم في أوكرانيا إلى أنْ يُغيِّر بوتين سلوكه بخصوص هجمات الجيش في هضبة الجولان”، مؤكّدًة أنّه “بحسب تقديرات مسؤولين إسرائيليين في المؤسسة، على الرغم من عدم وجود تغيير في السياسات الروسية في هضبة الجولان، فإنّ هذا الوضع قد يتغير في المدى القصير”.
و”عليه”، تابعت الصحيفة، “التقدير في المؤسسة الأمنية هو أنّ الأحداث الأخيرة قد تدفع روسيا وإيران إلى وضع تقتربان فيه من ناحيةٍ سياسيّةٍ وعسكريّةٍ. عقوبات على روسيا في موضوع التجارة على مصادر الطاقة قد تدفع بوتين إلى وضع إيران تحت جناحه”.
وخلُصت الصحيفة إلى القول إنّه “حتى الآونة الأخيرة، اعتقد الإسرائيليون بأنّ روسيا ليست معنية برؤية إيران تتمركز في سوريّة، حيث يرى بوتين فيها نقطة ارتباط مهمة بالبحر المتوسط وفي إعادة إعمارها مصدرًا لفرص اقتصادية، ولكن الآن يخشون في المؤسسة الأمنية أنّه من أجل تقريب إيران منه، سيسمح بوتين لها بالعمل بشكل أكثر حرية في سوريّة، أكثر ممّا كانت تريد إسرائيل ويمكن أنْ تحتويه”، على حدّ تعبير الصحيفة.
على صلةٍ بما سلف، قال المُستشرِق الإسرائيليّ، د. تسفي بارئيل، إنّ روسيا تطمح إلى تحصين موقعها كدولةٍ عظمى، وأنّ الطريق لتحقيق هذا الهدف الإستراتيجيّ يمُرّ في الشرق الأوسط، على حدّ تعبيره.
المُستشرق، الذي يعمل مُحللاً للشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، أضاف أنّ المبدأ الإستراتيجيّ الذي يُوجِّه الرئيس الروسيّ بوتن هو أنّ كلّ نجاحٍ للولايات المُتحدّة في الشرق الأوسط خسارةً لروسيا، وكلّ إخفاقٍ لواشنطن هو نجاحٌ لموسكو، كما قال.
وخلُص المُستشرِق إلى القول إنّ روسيا تملك قدرة الردّ على العقوبات الأمريكيّة والأوروبيّة بعقوباتٍ من طرفها، وعن طريق ذلك ستقوم برسم خريطةٍ إقليميّةٍ جديدةٍ في المنطقة، كما قال.