اعترف جيش الاحتلال بأن قناة التلغرام (72 حورية- دون رقابة) انطلقت من قسم التأثير في شعبة العمليات. الصلة بين الجيش الإسرائيلي والقناة، التي نشرت صورًا غير مراقبة لنشاطات الجيش في قطاع غزة في إطار عملية التأثير، كشفت عنها صحيفة (هآرتس) العبريّة بكانون الأول (ديسمبر) الماضي، ولكن الجيش نفى حينها وجود صلة مع القناة، وبعد ذلك، تمّ وقف عمل القناة.
وقالت الصحيفة: “بعد فحصٍ آخر لهذا الأمر، تراجع ضباط كبار في الجيش عن النفي الأول، وقالوا إنّ ضباطًا وجنودًا في شعبة العمليات يشغلون القناة، وإنّ مصدر النفي يكمن في عدم موثوقية الضباط والجنود في الشعبة. وعقب هذا الكشف، قرر رئيس قسم التأثير في الشعبة إنهاء خدمته، والاستقالة من الجيش الإسرائيليّ”.
وتبينّ أنّ ضباطًا وجنودًا في قسم التأثير، وهو قسم مسؤول عن عملية الحرب النفسية ضد العدوّ ومجتمعات أجنبية، بدأوا بتشغيل القناة في اليوم الثاني للحرب، بشكلٍ مستقلٍ ودون مصادقةٍ، وقالت مصادر مطلعة إنّ جمهور الهدف هو المجتمع الإسرائيليّ، وهو أمر لا يخول به جيش الاحتلال.
ووفقًا للصحيفة، عرضت القناة يوميًا مضامين صعبة على المشاهدة، في بعضها جثث لمقاتلي حماس كتب عليها “يجب تدمير حلم المخربين”، وعرضت أيضًا مواد حصرية من داخل التحقيقات أو معلومات كانت في تلك المرحلة فقط في يد جهاز الأمن، وتعهدت بأنّها مواد “حصرية من داخل غزة”.
كما نشرت القناة آلاف المنشورات والصور وأفلام الفيديو لقتل فدائيين وتدمير في القطاع، حتى أنّ القناة شجعت المتابعين على مشاركة المضامين “كي يرى الجميع كيف نضربهم”.
مشغلو القناة استخدموا لغة فظة لطمس مشاركة الجيش الإسرائيليّ في تشغيلها. وكتب بجانب أفلام لجثثٍ “في غزة نحرق أمهاتهم، إنّكم الآن تجهلون الفيديو الذي حصلنا عليه. يُسمع تكسير عظامهم. استعدوا”. وإلى جانب صور أسرى وجثث مقاومين تمّ توثيقهم في القطاع، كتب: “نُبيد الصراصير، نبيد فئران حماس، شاركوا هذا الجمال”.
وإلى جانب فيلمٍ لأحد جنود الجيش الإسرائيليّ وهو يغمس رصاص بندقيته في دهن الخنزير، كتب: “ما هذا الأخ البطل. إنّه يقوم بتزييت الرصاص بدهن الخنزير. لن تحصلوا على الحوريات”، و”عصارة القمامة”!!! مخرب آخر ميت!! يجب سماع صوتها. ستموتون ضحكًا”. وفي فيلم، ظهرت سيارة إسرائيلية تدوس على جثة فدائيٍّ مرة تلو أخرى، وكتب “فيلم حصري في ليلة سعيدة. لا تنسى المشاركة والنقل. هذا جيّد يا غرشون!!! ادهسه!!! نفعل بأبناء الزنا هؤلاء، ندهسهم”.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ قادة الوحدة الذين يخدمون فيها والذين شغلوا القناة، بدأوا في مرحلة ما بعرض مضامين تحريض من إسرائيل، التي قد تؤدي إلى عنف بين اليهود والعرب، وفيلم كهذا تمّ عرضه في 11 تشرين الأول (أكتوبر)عندما قام مئات الإسرائيليين بأعمال الشغب، بينهم أعضاء منظمة (لافاميليا) في مستشفى (شيبا) عقب شائعة تفيد بوجود مقاومين لحماس غزوا إسرائيل يخضعون لعلاج. تجول المشاغبون في المستشفى وشتموا الطواقم الطبية وبصقوا عليهم. خلال ساعة، نشرت قناة (72 حورية) فيلمًا لأعمال الشغب مع كتابة “أخوتي الأبطال مشجعي لافاميليا، أحبكم. ما هؤلاء الأبطال الذين جاءوا للتنكيل بالعرب”.
بعد النشر في ديسمبر، قال مكتب المتحدث بلسان الجيش إنّ قناة (72 حورية) لا يشغلها الجيش الإسرائيليّ. ولكن أقّر هذا الأسبوع الجيش بأنّه “تمّ التحقيق في الحادثة وفحصها بشكل معمق، ووجد أنّ صفحة التلغرام يشغلها الجيش الإسرائيليّ دون مصادقة أوْ صلاحية. وعالجنا الحادثة”.
إلى ذلك، قال مُختّصٌ بريطانيٌّ في الشؤون الأمنيّة والعسكريّة ومتعاطف مع الفلسطينيين، في تدوينة على منصة (إكس)، إنّ صورة الأسير الفلسطينيّ المكبل والعاريّ، التي تمّ تداولها بشكلٍ واسعٍ خلال الأيّام الماضية، ستكون من بين الصور “الأيقونية” والأكثر ديمومة وشهرة للصراع الفلسطينيّ- الإسرائيليّ.
ويوم الإثنين من هذا الأسبوع، نشر الجندي الإسرائيلي، يوسي غامزو، على إنستغرام، صورة يظهر فيها شاب فلسطيني مكبلاً وعاريًا، قبل أنْ يقوم بحذفها وحذف حسابه لاحقًا بسبب الانتقادات الواسعة التي انهالت عليه. وفي مقطع فيديو، ظهر الشاب أثناء اعتقاله دون ظهور إصاباتٍ عليه، إلّا أنّ الصورة التي نشرها غامزو أظهرته مكبلاً وعاريًا مع وجود آثار تعذيب في أنحاء متفرقة من جسده.
وقالت ليلى العتيبي في تغريدةٍ نشرتها على صفحتها بموقع (إكس) باللغة الإنجليزيّة: “نشر الجندي الإسرائيليّ، يوسي غامزو، صورة تظهره وهو يقوم بتعذيب مدني فلسطيني في حي الرمال غرب غزة. وفي مقطع الفيديو أثناء اعتقاله نرى قدمه التي لم تصب بأذى ويمشي عليها بشكل طبيعي، وفي نفس الصورة التي تمّ نشرها نرى بجانبه سلاح القتل الذي استخدمه الجندي لتعذيب المدنيّ الفلسطيني، وأطلق النار عليه في قدمه أثناء تقييده وتعذيبه”، وخلُصت إلى القول إنّ “هذه إحدى القصص المروعة والإرهابيّة، ومن المؤكّد أنّ هناك المئات من القصص المروعة والإجرامية الأخرى التي لم يتم الكشف عنها بعد”، على حدّ تعبيرها.