قنبلة وزنها 2000 رطل فجّرت خلافاً بين بايدن ونتنياهو… ماذا نعرف عنها؟

سلّط الرئيس الأميركي جو بايدن الضوء خلال مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية على قنبلة خلال تهديده بإيقاف بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا غزت مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث قال: «لقد قُتل مدنيون في غزة نتيجة لتلك القنابل».

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن الرئيس الأميركي كان يشير إلى القنبلة «مارك 84» التي تزن 2000 رطل وهي القنبلة الأكبر في طرازها.

وفجر هذا التصريح خلافاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تعهد بمواصلة بلاده القتال ولو بمفردها في حالة منع إدارة بايدن تزويدها بالأسلحة.

فما هي تلك القنبلة التي فجّرت الأزمة بين البلدين الحليفين؟

بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فالقنبلة «مارك» الأميركية صُممت بعد فترة وجيزة من الحرب العالمية الثانية، وأدت إضافة مجموعات التعديلات إليها إلى إبقائها قيد الاستخدام لأكثر من 70 عاماً.

وأضافت الصحيفة أن تلك القنبلة الأكبر في طرازها، حيث إن القنبلة الأساسية هي «مارك 80»، ووفقاً للمعجم العسكري، تستخدم قنابل «مارك 80» التي تزن نحو طن «للأغراض العامة»، ما يعني أنه يمكن استخدامها تقريباً ضد أي هدف يتوقع الجيش عادة مواجهته في الحرب.

وهناك إصدارات عدة منها مثل «مارك 84» التي تزن 2000 رطل وكذلك «مارك 83» التي تزن 1000 رطل و«مارك 82» تزن 500 رطل.

وخلص تحقيق أجرته «نيويورك تايمز» في ديسمبر (كانون الأول) إلى أن القنابل الأميركية التي تزن 2000 رطل كانت مسؤولة عن بعض من أسوأ الهجمات على المدنيين الفلسطينيين منذ بدء الحرب في غزة بعد أن هاجمت «حماس» إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

ووفقاً للمكتب المسؤول عن الذخيرة في وزارة الدفاع (البنتاغون)، فإن الأهداف المثالية لأسلحة بهذا الحجم هي «المباني وخطوط السكك الحديدية والاتصالات».

ومع ذلك، تشير بيانات وزارة الدفاع إلى أن الطائرات الحربية الأميركية تستخدم عادة ذخائر أقل قوة بكثير لدعم القوات البرية التي تشتبك مع مقاتلي العدو.

وبحسب الصحيفة، لم تتغير الرؤوس الحربية المتفجرة لهذه القنابل إلا قليلاً منذ أن صنعتها البحرية الأميركية بعد وقت قصير من الحرب العالمية الثانية، لكن البنتاغون أبقى عليها في الخدمة من خلال تطوير أجزاء وقطع جديدة، عند تفجيرها، تنقسم القنبلة إلى شظايا حادة يمكن أن تمزق الأجسام البشرية والمركبات غير المدرعة على حد سواء.

وتشير أدلة الدورات التدريبية المستخدمة في تعليم القوات الأميركية إلى أن أي شخص على بُعد 115 قدماً من القنبلة التي تزن 250 رطلاً لديه فرصة بنسبة 10 في المائة للإصابة بالعجز أو القتل، وتقفز النسبة إلى ما يقرب من 600 قدم للقنبلة التي تزن طناً واحداً عندما تنفجر فوق الأرض مباشرة.

وقالت الصحيفة إن لبعض الوقت، احتكرت الولايات المتحدة هذه القنابل ولكن الآن يتم تصنيعها وبيعها في عدد من البلدان، بما في ذلك أستراليا والبرازيل وكندا وفرنسا والهند وإيطاليا وباكستان وإسبانيا وسويسرا وتركيا بينما تصنع إسرائيل نسخها الخاصة من القنابل، لكن بيانات التصدير تشير إلى أن الدول تشتري معظم قنابلها من الولايات المتحدة من خلال منحة سنوية بقيمة 3.5 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأميركيين.

ومعظم القنابل التي تم إسقاطها فوق فيتنام وكمبوديا في الفترة من 1965 إلى 1973 كانت أسلحة غير موجهة تكلف كل منها بضع مئات من الدولارات وفي ظل أفضل الظروف، من المتوقع أن يهبط نحو نصفها على بعد 400 قدم من هدفها، وعندما أخطأت، سواء بسبب خطأ الطيار أو الرياح التي دفعتها بعد إسقاطها، كانت تقتل أحياناً جنوداً أميركيين بأعداد كبيرة بالإضافة إلى قتل المدنيين.

وكذلك في بعض الأحيان، فشل استخدام إشارات الرادار لتحديد المكان المناسب لإسقاط هذه القنابل غير الموجهة بشكل أفضل، مثل حادثة واحدة عندما أسقطت 5 طائرات تحلق في طقس سيئ عن طريق الخطأ 34 قنبلة «مارك 82» زنة 500 رطل على قاعدة جوية أميركية.

وكانت هذه الأسلحة تسمى عادة «القنابل الذكية» خلال حرب الخليج عام 1991، واستمر هذا المصطلح لوصف مجموعة من الأسلحة الموجهة التي تم نشرها في العقود التي تلت ذلك لكن الأسلحة الموجهة بالليزر غالباً ما كانت تفشل في الأحوال الجوية السيئة والعواصف الرملية، ما دفع المسؤولين العسكريين إلى تطوير مجموعة أدوات توجيه جديدة لـ«مارك 80» في أوائل التسعينات.

كم مرة تم استخدام القنابل التي تزن 2000 رطل؟

بالنسبة للقوات الأميركية، لم تستخدمها في كثير من الأحيان، ففي خلال حرب فيتنام، أسقطت الطائرات عدداً من القنابل من نوع «مارك 82» لتدمير المباني الكبيرة أو البنية التحتية مثل الجسور. وفي العقود التي تلت ذلك، ظلت «مارك 82» الأكثر استخداماً من قبل الأميركيين في القتال.

وبالمقارنة، تستخدم إسرائيل قنابلها التي تزن 2000 رطل في كثير من الأحيان، ففي الأسبوعين الأولين من الحرب، كان ما يقرب من 90 في المائة من الذخائر التي أسقطتها إسرائيل على غزة عبارة عن قنابل موجهة عبر الأقمار الاصطناعية تزن ما بين 1000 و2000 رطل، وفقاً لمسؤول عسكري أميركي كبير.

وبقية القنابل فكانت عبارة عن قنابل صغيرة تزن 250 رطلاً، وتستخدم إسرائيل أيضاً نوعاً مختلفاً قليلاً من القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل تسمى «خارقة المخابئ» التي يمكنها اختراق الأرض للوصول إلى أهداف مدفونة مثل أنفاق «حماس».

وتصنع الولايات المتحدة عدداً قليلاً جداً من القنابل التقليدية التي يزيد وزنها على 2000 رطل وحصلت إسرائيل على واحدة منها، وهي قنبلة مصممة لمهاجمة أهداف أعمق تحت الأرض واشترت إسرائيل 50 قنبلة من الولايات المتحدة في عام 2015.

ما السبب وراء المعارضة لتزويد إسرائيل بالقنبلة؟

يقول الكثير من السياسيين والناشطين إن القنابل التي تزن 2000 رطل أقوى من أن تستخدم بشكل مسؤول في غزة، وهي منطقة مكتظة بالسكان.

وقال السيناتور الأميركي بيرني ساندرز، على وسائل التواصل الاجتماعي، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي: «لا يمكن للولايات المتحدة أن تطلب من نتنياهو أن يتوقف عن قصف المدنيين في يوم من الأيام ثم ترسل له في اليوم التالي آلاف القنابل الإضافية التي يبلغ وزنها 2000 رطل، التي يمكن أن تسوي مباني مدينة بأكملها بالأرض، هذا أمر فاحش ويجب أن ننهي تواطؤنا: لا مزيد من القنابل لإسرائيل».

وفي 2021، حاول ساندرز منع بيع قنابل أميركية بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل لأسباب مماثلة.

واستخدمت إسرائيل هذه الأسلحة من قبل خلال حرب شاملة أخرى ضد «حماس» في عام 2008 واستخدمتها مرة أخرى في عام 2021 لتدمير مبنى في مدينة غزة كان يضم مكاتب وكالة «أسوشييتد برس» و«الجزيرة» ومؤسسات إعلامية إخبارية أخرى.