كاتب عربي بصحيفة عبرية: رسالة إلى مشبهة الأطفال بالأفاعي.. أفتخر بوصفك لي “فلسطينياً غبياً”

هآرتس – بقلم: عودة بشارات       “إذا كان الأمر جيداً بالنسبة لك فإنه سيئ لي، والعكس صحيح. هل سيأتي اليوم الذي سنقول فيه “إذا كان الأمر جيداً لك فهو لي كذلك، وإذا كان سيئاً لك فسيئ لي أيضاً؟”. تظهر الإشارات أن الطريق ما زالت بعيدة. لذلك، ليس هناك أكثر صحة في هذه الأثناء من “تربية الأمل”، كما قال الشاعر محمود درويش.

الاثنين الماضي، في ساعة متأخرة في الليل، شاهدت أعضاء كنيست من القائمة المشتركة وهم يصرخون فرحاً عقب إسقاط قانون منع لم شمل العائلات، تزامناً مع حالة حداد لأعضاء كنيست آخرين في الائتلاف. نعم، يبدو أنه بعد 119 سنة يمكن القول بأن الصهيونية جاءت لتحزن العرب بقدر ما جاءت لتدعم اليهود. لذلك، إزاء البكاء والعويل في أعقاب إسقاط القانون، أقترح بأن يجب إعلان موعد التصويت، 5 تموز، كيوم حداد وطني. وفي هذه الأثناء، يجب عدم نسيان محاسبة الذين خانوا مبادئ الدولة القومية التي تطحن الشعب الآخر بشدة، إلى درجة اعتبار أن خلية عائلية واحدة كاملة هي تجمع يعرّض وجود الدولة للخطر.

يزداد الظلام هنا ويخيم من يوم إلى آخر. وعندما تم سن قانون القومية في حينه، كان قد صوت ضده 55 عضو كنيست من العرب واليهود. والآن، حتى في حصن العدالة، المحكمة العليا، صودق على قانون القومية بالإجماع تقريباً. وعارضه واحد فقط، هو القاضي العربي جورج قره. وفي مكان ما قرأت أنه تمتم بمرارة، وقال: “من كانت يده في المياه ليس كالذي يده في النار”. ولو كان قاضي المحكمة العليا عربياً، فستكون يده في النار أيضاً. ونحن اليوم شهود على كسوف مختلف، فظل دولة القومية غطى على نور العدالة.

في وقت ما اعتقدنا أنه إذا كان هناك يسار في إسرائيل فثمة أمل بأن يكون الوضع أفضل. ولكن للأسف، الوضع بائس حتى في هذا الأمر. في هذه الأثناء، تبدو مهمة حياة اليسار هي الحفاظ على الحكومة الجديدة كي لا يفترسها نتنياهو. ومن أجل ذلك، يبدو أن اليسار مستعد لتحمل كل ظلم شريطة أن يكون هذا من نصيب العرب. طالما ظل العرب يدفعون الثمن فسيبقى اليسار كريماً جداً: بدءاً من مسيرة الكراهية في القدس، ومروراً بالخضوع لمستوطني “أفيتار”، وانتهاء بقانون تفريق العائلات. هذا الكرم يحرج حتى اللامعقول، احضروا لي يساراً في العالم يؤيد تفريق العائلات.

معلقون محترمون ينتقدونني عندما أصف مجموعة هذه الأحزاب الهستيرية كيسار، وهم على حق. لذلك، وبعد تفكير عميق، قررت إبقاء الاسم “يسار” على حاله، مع إضافة صغيرة جداً، “نتن”. لذلك، من الآن فصاعداً لا تقولوا “يسار”، بل قولوا “يسار نتن”. ومن الأفضل وضع الكمامة أثناء ذلك كي لا تواجهوا قذارة نفاقه.

لنترك “اليسار النتن” ولنركز على رمز الفترة، اييلت شكيد، التي يمكن تلخيص موقفها من العرب بكلمتين: خسرتم، تحملوا. هذا ليس مزاج شكيد وحدها، بل هو المزاج الذي يحرك معظم المجتمع اليهودي في إسرائيل: أن تؤلم العرب بقدر المستطاع؛ هل انتصرتم حول لم شمل العائلات، هذه المرة؟ احذروا، لأنهم الآن ينتظرونكم في الزاوية مع قانون الأساس: الهجرة. ولا مكان لعصفور عربي هنا.

مع ذلك، آسف لإبلاغكم بأن المشترك بين الشعبين آخذ في التضاؤل؛ من الجيد أن ما زالت هناك شمس تضيء على الجميع، ومن الجيد أن ما زالت هناك أمطار تنزل على الجميع، وحتى من الجيد أن هناك كورونا تضر بالجميع بدون فرق في الدين والعرق والجنس.

وحسب تعريف شكيد، المنظرة المبتذلة، نحن العرب “أغبياء”. لذلك، حسب رأيي، أن تكون غبياً أكثر احتراماً وإنسانية بألف مرة من أن تشاركها على صفحة “فيسبوك” بمنشور يشبّه الأطفال الفلسطينيين بالأفاعي التي يجب قتلها قبل أن تكبر.

أنا فخور بأن أكون غبياً. وبالنسبة، لي كل الأطفال هم، مثلما كتب يهوشع سوبول، فرح ونعمة.