الصور الملتقطة بغير رضا أصحابها سرعان ما تنتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولا يدرك ملتقطوها آثار صورهم سلباً على الآخرين واعتدائهم العمدي على خصوصياتهم وحرياتهم الشخصية.. فالصورة أو المقطع المفاجئ التقطت دون علمهم ورضاهم.
وما بين جاهل للنظام أو متجاهل لا تزال ظاهرة التصوير المباشر للأشخاص دون علمهم أو أخذ الإذن منهم، مخالفة قانونية يتورط فيها البعض دون النظر في عواقب ما يقومون به من تصرف، اعتقاداً منهم بأن لهم الحق في فعلتهم أينما يشاء دون الاعتبار لمن قد يتضرر منها.
وتؤكد الأنظمة أن للشخص الاعتراض على نشرها دون رضاه ولو لم يصبه ضرر جراء هذا الفعل، فالحماية تنصب على نشر الصورة أو تقليدها بغض النظر عن الدافع، فمن تعرَّض إلى تصوير شخصه دون علمه له حق منع المصور من ذلك؛ لأنه قام بتصوره دون إذن منه أو دون علمه.
التغليظ في الجريمة الجسيمة
المحامي عبدالعزيز بن دبشي، أكد لـ«»، أن الأنظمة سنّت لحفظ الحقوق والخصوصيات، وينص نظام الجرائم المعلوماتية على «أن المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حكمها يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما نص النظام على أنه يعاقب على المساس بالحياة الخاصة للأفراد والتشهير بهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتصل عقوبة هذه الجريمة إلى السجن لمدة عام وغرامة مالية قد تصل إلى 500 ألف ريال سعودي».
ويمكن أن تزداد الغرامة في حال تسبب الواقعة في أضرار جسيمة أو تم نشرها على نطاق واسع بالسجن والغرامة معاً، ويمكن فرض العقوبتين معاً في الحالات التي تتسم بالخطورة، مثل نشر الصور بغرض التشهير أو الابتزاز.
مسموح في هذه الحالة
وبين المحامي بن دبشي في حديثه مع «»، حالات تشديد العقوبة في حال تم نشر الصور أو الفيديوهات دون الحصول على إذن من الضحية، وتزداد العقوبة نظراً للانتشار السريع للمحتوى وما يترتب عليه من أضرار، إضافة إلى التصوير في أماكن خاصة مثل المنازل أو غرف الفنادق أو أي مكان يُعتبر انتهاكاً مباشراً للخصوصية، أو التصوير بغرض الابتزاز أو التشهير: «إذا تم استخدام التصوير وسيلةً للضغط أو التشهير، فإن العقوبة قد تشمل السجن لفترة أطول وغرامة أكبر».
وأكد أنه يُسمح بالتصوير إذا كان الهدف هو توثيق جريمة أو واقعة قانونية كدليل يُساعد في التحقيقات أو لحماية حقوق الشخص الذي يقوم بالتصوير، مثل تصوير حادثة مرورية عبر الداش كام أو توثيق اعتداء أو عنف؛ بشرط تقديمها للجهات المختصة ودون نشرها على منصات التواصل أو استغلالها للابتزاز والتشهير.
حذارِ من تصوير المطاعم
بن دبشي بيّن أن تصنيف مخالفات لائحة المحافظة على الذوق العام بعد تعديل جدول تلك المخالفات، حدَّ من تلك التجاوزات؛ إذ بلغت مخالفة تصوير الأشخاص بشكل مباشر دون استئذانهم، أو تصوير الحوادث الجنائية أو المرورية أو العرضية دون الحصول على إذن أطرافها، 1000 ريال، وفي حالة تكرار المخالفة 2000 ريال مع إلغاء وحذف الصور.
ونبه بن دبشي إلى أخطاء يقع فيها البعض دون العلم بما قد تتسبب له من مشكلات قانونية؛ وهي تصوير العمالة داخل المطاعم أو خلال لحظة استلام الطلبات؛ بهدف توثيق لحظة يشارك فيها متابعيه على منصات التواصل، ما قد يضع المصور في مأزق قانوني، إذ يعد نشر أي صورة لشخص ما دون علمه وإذنه انتهاكاً للخصوصية يعاقب عليها القانون.
نقل تسجيلات كاميرات المراقبة
أكدت وزارة الداخلية أن نظام استخدام كاميرات المراقبة الأمنية يعاقب كل من ينقل تسجيلات الكاميرات أو ينشرها، بغرامة مقدارها 20 ألف ريال، ويعاقب كل من يخالف أحكام نظام استخدام كاميرات المراقبة الأمنية بنقل التسجيلات أو نشرها، أو إتلاف أو تخريب أجهزة أنظمة كاميرات المراقبة الأمنية والتسجيلات، بغرامة قدرها 20 ألف ريال.
يشار إلى أن نظام استخدام كاميرات المراقبة الأمنية حافظ على خصوصية الأفراد، من خلال وضعه قائمة بالمواقع المحظور تركيب الكاميرات داخلها، التي تتسم بالخصوصية الفردية، وراعى أيضاً عدم نقل أو استخدام أي توثيق إلا بأمر من وزارة الداخلية أو رئاسة أمن الدولة، أو بأمر قضائي بحسب الأحوال المنصوص عليها.
الوقوع تحت طائلة مخالفة الذوق العام
أوضح المدير العام السابق للجمعية السعودية للذوق العام بدر الزياني، أن أي تصوير دون استئذان يعد مخالفاً للائحة الذوق العام، وقد يضع صاحبه تحت طائلة القانون، وبإمكان العامل أو المتضرر من التصوير مقاضاة المصور، أو طلب مسح الصور أو الفيديو من هاتف المصور، وبإمكان ملتقط الصورة التصوير بعد الاستئذان بالتصوير فقط.
وتنص المخالفة رقم (19) من لائحة مخالفات الذوق العام، على أن تصوير الأشخاص بشكل مباشر دون استئذانهم أو تصوير الحوادث الجنائية أو المرورية أو العرضية دون الحصول على إذن أطرافها، مخالفة يعاقب صاحبها في المرة الأولى بدفع 1,000 ريال، وفي المرة الثانية بـ 2,000 ريال، إضافة إلى إلزامه بحذف الصور والفيديوهات المخالفة.
مخالفة في الأفراح
نبه الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر الجعيد من انتهاك الخصوصية ونشر الصور دون إذن صاحبها، وقال لـ«»: إن السعودية تعتبر من الدول الرائدة في مجال حماية البيانات الشخصية والخصوصية، ونصّت التشريعات السعودية على عقوبة نشر الصور الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي دون موافقة أصحابها.
وبين اللواء متقاعد الجعيد أن الأنظمة شرعت لحماية الأفراد من أي شكل من أشكال الاستغلال أو الإيذاء؛ الذي قد يتعرضون له نتيجة نشر صورهم بشكل غير قانوني.
وأشار الجعيد في حواره لـ«»، إلى أن مفهوم انتهاك الخصوصية يشمل العديد من الحالات؛ مثل تصوير الأشخاص في المناسبات الخاصة مثل الأفراح دون موافقتهم، أو نشر صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف التشهير بهم أو إلحاق الضرر بهم، كما يشمل ما يقوم به بعض مشاهير منصات التواصل من تصوير الأشخاص دون علمهم، ومن ثم بثها على منصاتهم الخاصة دون أذن منهم، وهو يعد انتهاكاً صريحاً لخصوصيتهم وحريتهم الشخصية.
الداش كام والوجوه
اللواء مسفر الجعيد أكد أن أجهزة الاتصال الحديثة أصبحت فيها التكنولوجيا جزءاً أساسيّاً من الحياة اليومية، ما أظهر تحديات جديدة تتعلق بخصوصية الأفراد وحقوقهم، ومن أبرزها التصوير دون الحصول على إذن، ومن أبرز تلك الانتهاكات ما يقوم به البعض بنشر ما قام بالتقاطه من فيديوهات عبر كاميرات المراقبة أو كاميرات الداش كام، التي تظهر لوحات المركبات بشكل واضح، ووجه الأشخاص بشكل جلي، وفيها انتهاك لخصوصيتهم ويجب التنبه لذلك.
وأضاف الجعيد: عند التقاط مثل تلك الفيديوهات أو الصور يتم تسليمها لجهات الاختصاص دون نشرها عبر المنصات الاجتماعية، وبالتالي يعرض الشخص نفسه إلى العقوبة على مخالفة أخرى وهي إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام. وحذرت النيابة العامة من إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي.
واختتم الجعيد حديثه بالتحذير من ممارسة يقوم بها البعض بالتصوير داخل الجهات الرسمية أو ضد بعض الشخصيات والتعليق عليها بطريقة مهينة أو مضللة، وفيها تجنٍّ غير مقبول يعرض مرتكبه للمساءلة والعقاب.