كواليس عودة حمدوك: ضغوط دولية ووساطة إسرائيلية

ساعدت تدخلات أميركية وضغوطات دولية في حسم مسألة عودة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، إلى رئاسة الحكومة، وذلك إلى جانب تدخلات إقليمية وتحركات شملت توسيط إسرائيل التي تربطها علاقات وطيدة مع العسكر في السودان.

وكشفت مصادر سودانية ومصرية مطلعة على كواليس عودة حمدوك إلى رئاسة الحكومة، لـ”العربي الجديد”، أن التحرك لعودة حمدوك كان في أكثر من اتجاه، منها توسيط إسرائيل، والتي تتمتع بعلاقات قوية مع المكون العسكري في مجلس السيادة السوداني خصوصاً مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، ورئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.

وطلبت الولايات المتحدة من إسرائيل الضغط على العسكريين السودانيين من أجل الإفراج عن حمدوك وإعادته إلى رئاسة الحكومة، باستخدام ورقة التطبيع التي يحرص عليها المكوّن العسكري في مجلس السيادة، لأنها تفتح المجال الدولي أمام النظام السوداني الجديد، وتحصنه من العقوبات والعزلة الدولية، التي عانى منها النظام السابق بقيادة عمر البشير.

وتكشفت العلاقات بين العسكر بالخرطوم وتل أبيب، حين التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، في شباط/فبراير 2020، في أوغندا، من دون التنسيق مع المكون المدني في المجلس، واتفقا على إطلاق تعاون سيؤدي إلى تطبيع العلاقات بين الدولتين.
 
وذكرت المصادر أن الولايات المتحدة تحركت أيضا باتجاه آخر وهو مصر، ونجحت في الضغط على القاهرة لاستخدام علاقاتها بعسكر السودان وإقناعهم بضرورة عودة حمدوك، مشيرة إلى اتصالات أجراها مدير المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، بالبرهان، لإقناعه بإعادة حمدوك.

وأكدت المصادر أن القاهرة قبلت بهذه المهمة، حرصا على علاقاتها مع الولايات المتحدة التي تحسنت في الآونة الأخيرة، بسبب قيام القاهرة بلعب دور واضح في تحقيق التهدئة في قطاع غزة، ومحاولة إنجاز صفقة الأسرى بين حركة “حماس” والحكومة الإسرائيلية، وهو ما جعل الولايات المتحدة تخفف الضغط على نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا سيما في ملف حقوق الإنسان.

وأضافت المصادر أن “تدخل القاهرة وتوسطها في الإفراج عن حمدوك وإعادته لرئاسة الحكومة عبر اتصالات أجراها عباس كامل، لم يكن عن قناعة بضرورة إعادة المسار الديمقراطي الانتقالي في السودان، ولكنها خطة مرحلية تستهدف في النهاية سيطرة العسكر على الحكم مرة أخرى، وذلك من خلال المناورة بإعادة حمدوك، ثم محاصرته بملفات اقتصادية وأمنية تفشل إدارته للحكومة”.
 
وأشارت المصادر أيضا إلى أن الولايات المتحدة نجحت أيضا في ضم أطراف إقليمية أخرى إلى معادلة “عودة حمدوك” وهي السعودية والإمارات، واللتان على الرغم من عدم الرضا عن الصفقة لكنهما حتى الآن “غير متحمستين”.

وأكدت المصادر أن خطورة “صفقة إعادة حمدوك” ظهرت سريعا في الشارع السوداني حيث بدأ آلاف السودانيين، أمس الأحد، بالتظاهر وسط العاصمة الخرطوم، في استمرار للتصعيد ضد الانقلاب العسكري، ورفضاً لأي مساومة سياسية مع الانقلابيين.