هآرتس – بقلم: يونتان ليس وبن سموئيليس “مستشار الأمن القومي الأمريكي، جايك ساليبان، سيزور إسرائيل في هذا الأسبوع، وسيلتقي رئيس الحكومة نفتالي بينيت، ووزير الخارجية يئير لبيد، ووزير الدفاع بني غانتس. يأتي ساليبان في زيارة قصيرة بسبب تفشي “أوميكرون”، بضعة أيام بعد فشل جولة المحادثات السابعة بين إيران والدول العظمى في فيينا، وقبل لحظة على بداية الجولة الجديدة التي قد تبدأ في نهاية هذا الأسبوع. يعدّ ساليبان في إسرائيل الشخص الذي سيحدث تغييراً في سياسة الولايات المتحدة حيال إيران. “الولايات المتحدة في ضائقة”، قال مصدر إسرائيلي رفيع للصحيفة. “لقد تفاجأت من قرار إيران التصلب في مواقفها في الجولة الأخيرة، ومن قائمة الطلبات التي قدمتها”.
يُعدّ ساليبان شخصاً متعاطفاً ومحترماً في إسرائيل. عندما جاء المبعوث الأمريكي الخاص للشؤون المالية، روبرت مالي، لزيارة إسرائيل في تشرين الثاني، عشية استئناف المفاوضات، فضل بينيت عدم الالتقاء به. “بينيت لا يقاطع مالي”، برر مصدر في حاشيته قراره عدم استدعائه للالتقاء معه. “يعتقد أن العودة إلى المفاوضات ليست بالأمر الصحيح. ومالي يقود هذه المقاربة في الإدارة الأمريكية”. مع ذلك، التقى المبعوث الأمريكي في نهاية المطاف مع غانتس ولبيد. في حينه، دافع مصدر دبلوماسي عن قرار بينيت وقدر بأنه لن يكون له تأثير حقيقي على العلاقات مع الولايات المتحدة. وحسب أقواله: “كان هذا قراراً شرعياً. مالي موظف بمستوى صغير نسبياً، وفي الأصل ليس عليه أن يلتقي قادة دول في إطار لقاءاته المهنية”.
مكانة ساليبان مختلفة؛ فبالإضافة إلى وظيفته الرسمية الرفيعة، تقدر إسرائيل أن هذا الموظف الحاد والمجرب قد تحول إلى برغي رئيسي ومؤثر جداً في سياسة الولايات المتحدة الخارجية. “هو الشخص القوي في الإدارة الأمريكية الآن”، قال مصدر إسرائيلي رفيع. وأضاف مصدر آخر بأن “ساليبان شخص لامع، مطلع على كل المواد المتعلقة بإسرائيل، ويصغي لاحتياجاتنا”. هواية الإصغاء لدى ساليبان تزداد إزاء الضعف السياسي الذي تنسبه إسرائيل للرئيس الأمريكي ولوزير الخارجية الأمريكي، ورغبتهما في حرف سياسة الولايات المتحدة الخارجية، والانشغال بالشرق الأوسط إلى الانشغال بالصين وساحات أخرى.
دنيس روس، الذي تولى منصب المنسق الخاص في الشرق الأوسط من قبل إدارة الرئيس بيل كلينتون، يقدر بأن ساليبان يحصل على تعاطف في إسرائيل؛ لأنه مستعد ومنفتح على سماع الطرف الإسرائيلي. “هو شخص يصغي بشكل جيد”، قال روس. “ثمة شعور بأنه أعطى للموظفين الإسرائيليين فرصة حقيقية للتعبير عن مواقفهم. في الحقيقة، هو لم يتفق دائماً معهم ولكنه كان يتفهمهم. تبحث الشؤون الأمنية في إسرائيل ولو عن شعور بوجود أذن مصغية”. وقال: “على الأغلب ينظرون إلى مالي من وراء عدسات تجربته السابقة. فقد عمل في مجموعة الأزمة الدولية (آي.سي.جي)، وهناك كان مسؤولاً عن لاعبين كثيرين، من بينهم حماس، لذلك كان هناك شعور، حتى بصورة منفصلة عن الاتفاق النووي، بأنهم يعتبرونه الشخص الذي يميل إلى محاولة حل الأمور بالدبلوماسية عندما آمنت إسرائيل بغياب أي حل دبلوماسي”.
ترى إسرائيل في فشل محادثات فيينا فرصة للتأثير على المجتمع الدولي ليغير مقاربته. وقالت جهات شاركت في المحادثات بين إيران والدول العظمى في الأسابيع الأخيرة، للصحيفة، بأن روسيا والصين، اللتين اتبعتا مقاربة معتدلة حيال إيران، تتشددان الآن في مواقفهما داخل الغرف المغلقة بسبب قائمة الطلبات التي قدمتها إيران. “إيران بمواقفهما التي عرضتها، تكون قد دفعت روسيا والصين إلى المربع نفسه الذي فيه الولايات المتحدة والدول الأوروبية الآن”، قال أحد المصادر.
رغم التصريحات العلنية بأن المحادثات قد تستأنف في نهاية هذا الأسبوع أو في بداية كانون الثاني، إلا أن جهات في إسرائيل تقدر الآن بأن الطرفين لن يعودا إلى الاتفاق الأصلي الذي تم التوقيع عليه في 2015، لأن سريان مفعوله يوشك على الانتهاء. وحسب التقديرات، في نهاية كانون الثاني أو بداية شباط، يتوقع أن تجتاز إيران عتبة التكنولوجيا التي قد يمنعها الاتفاق؛ وإن قائمة الطلبات التي وضعتها تحتاج إلى نقاشات أطول. وحدد مصدر رفيع في واشنطن، في نهاية الأسبوع، الربع الأول من العام 2022 موعداً لقرارات حاسمة حول الاتفاق مع إيران.
تخشى إسرائيل الآن من مبادرة أمريكية، طرحها ساليبان في السابق في محادثاته، تدفع باتفاق مؤقت وجزئي مع إيران (“أقل مقابل أقل”)، يتم في إطاره رفع جزء من العقوبات مقابل موافقة جزئية من قبل إيران على وقف تخصيب اليورانيوم واستئناف الرقابة أو التعهد بوقف نشاطات البحث والتطوير للمشروع النووي لفترة محدودة الزمن. وقد عبرت إيران في السابق عن معارضة هذه الاحتمالية. أما الاحتمالية الثانية فهي تفجير المفاوضات، وهي عملية ستؤدي إلى أزمة محسوبة مع إيران، أزمة ربما تستمر لفترة طويلة. وهذه العملية ستعيد طهران في نهاية الأمر إلى طاولة المفاوضات وتجعلها تتبنى خطاً أكثر مرونة.
على أي حال، دفعت جهات إسرائيلية رفيعة مؤخراً نظراءها في الإدارة الأمريكية للانسحاب من المحادثات وتشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران والتهديد بعملية عسكرية في محاولة لإقناع إيران بالتراجع عن المشروع النووي. وتأمل إسرائيل أن تبشر زيارة ساليبان بتغيير سياسة الولايات المتحدة حيال القضية الإيرانية.