رونين بيرغمان – يديعوت أحرونوت –
على 13 يوماً تقف الفجوة الآن، 13 يومًا كاملة من سيطرة إسرائيلية فيما عرف كحاجة وجودية. مصر وقطر صاغتا اتفاق حل وسط اعتقدت طواقم الدولتين، التي على اتصال مع حماس وإسرائيل، بوجود احتمال لموافقة الطرفين عليه.
أدخل نتنياهو في الخرائط التي أرفقت بـ “كتاب الإيضاحات”، عنزة في شكل إصرار على “فيلادلفيا” طوال الـ 42 يوماً من وقف النار المؤقت في المرحلة الأولى من الصفقة. أما حماس فقد رأت في هذا الإصرار المفاجئ خرقاً لما اتفق عليه، وصعدت إلى شجرة خاصة بها بالمطالبة بإخلاء تام للقوات الإسرائيلية في المحور في تلك الــ 42 يوماً. رغم أنه واضح للجميع بأن ليس في الإصرار معنى حقيقي، قرر المصريون والقطريون إجراء حل وسط بسيط واقتسموا الأمر: إسرائيل تترك المحور نهائياً لكن تنتشر على “طول حدود إسرائيل غزة” مع مرور 22 يوماً من دخول وقف النار حيز التنفيذ. كلمة “على طول” تسمح بالبحث في الشريط الأمني الذي تطالب به إسرائيل.
الولايات المتحدة، التي لم تشارك في صياغة الحل الوسط، أدخلت فيه تعديلات طالبت فيها تغيير الـ 22 إلى 35، أي فرق 13 يوماً. كل طرف يشد باتجاهه، بما فيه هذا التعديل وغيره. يقول المصريون والقطريون “دعوا هذا كما هو، وإلا فلا أمل في أن تقبله حماس. الأمريكيون يقولون الأمر ذاته، لكن عن إسرائيل.
“من جهة من الصعب وصف عبث أكبر من هذا”، يقول مسؤول مطلع كبير “كيف يمكن أن يصر على مثل هذا الهراء؟ أي معنى يوجد لـ 13 يوماً إلى هنا أو إلى هناك؟ لكنه أيضاً ستار دخان. عرقل نتنياهو المفاوضات في عدة نقاط. فحصل أن تلقى فيلادلفيا فجأة حجماً كبيراً حتى بات كل العالم يركز على هذا المقطع الرملي الصحراوي”.
أساس المقترح المصري والقطري هو المنحى من 27 أيار. في خطاب نتنياهو يدعي بأن مجلس الأمن قبل المنحى وبعد ذلك “وافقنا على المنحى الذي عرضه الرئيس بايدن في 31 أيار”. غير أن إسرائيل هي التي اقترحت المنحى، بمعنى أن إسرائيل كانت مستعدة لتقبل المنحى الذي طرحته هي نفسها. ويقول هذا المسؤول: “وهكذا يكسب نتنياهو مرتين: مرة حين يقول إن بايدن هو الذي اقترح المنحى وليس هو من بادر إليه، ويظهر أيضاً بأن إسرائيل منفتحة على التنازل والحلول الوسط إذ تقبل المقترح الأمريكي الذي تبناه مجلس الأمن”.
تحقق المقترح المصري والقطري في ظل بعض المراعاة لثلاث وثائق أخرى في المفاوضات منذ منحى أيار: جواب حماس في بداية تموز، “كتاب الإيضاحات” وعنزات نتنياهو في 27 تموز، ومقترح الجسر الأمريكي الذي رفع في أثناء قمة الدوحة، الذي قال وزير الخارجية بلينكن في زيارته لإسرائيل إن رئيس الوزراء قبل به بكامله وحان دور حماس.
لم ترفض حماس رسمياً، لكن المتحدثين بلسانها ردوا المقترح بقولهم إنه يقبل مواقفها والشروط الجديدة المتشددة التي أضافها نتنياهو في إطار “الإيضاحات”. في المفاوضات التي أجريت في القاهرة والدوحة فترة الأسبوع والنصف الأخيرة، جرت محاولة لحل المشاكل الكبرى والتركيز على ما بدا أنه مواضيع ينبغي البحث في تفاصيلها، لكن سبق أن اتفق على المبادئ. لكن بدأت الجدالات هناك أيضاً. فهل وفي أي تصنيف سيندرجون أولئك الذين سيتحررون لقاء جثث الجنود والمدنيين على قيد الحياة لدى حماس من قبل 7 أكتوبر. يدعي الوسطاء بأن إسرائيل خلقت فوضى في القوائم في هذا الموضوع عن قصد أو بالخطأ.
لكن تبين عندها أيضاً بأن حماس هي الأخرى تدخل عنزاتها. “فهمت حماس أن إسرائيل مصممة على الدخول إلى صفقة واحدة، مؤقتة، إنسانية، وإبقاء الإمكانية للعودة إلى القتال، التي تبدو لهم واقعية تماماً”، يقول مصدر من إحدى الدولتين الوسيطتين، “ومعنى هذا تأجيل المرحلة الثانية لزمن طويل، إن لم يكن إلغاءها. بمعنى أن إسرائيل قررت ترك الجنود والرجال والشباب تحت عمر 50 ممن لن يتحرروا في الصفقة الأولى، في غزة”.
ويضيف بأن “حماس أدارت المفاوضات حتى الآن متخلية عن السجناء الأثقل أو ما يسمى في المفاوضات حق الفيتو لإسرائيل. أما الآن فثمة فهم باحتمال كبير بأنه لن تكون هناك مرحلة ثانية على الإطلاق، وأنهم لن يحصلوا على سجناء إلا في المرحلة الأولى؛ لأنها ستكون الوحيدة. ولهذا، قرروا بذل الجهد للحصول على أكبر عدد ممكن”.
لكن المصدر يواصل ويقول: ما نشأ عملياً هو أن الطرفين وضعا مصاعب لا يمكن معها حتى الوصول إلى هذه الصفقة المحدودة”.
مسؤول أمني إسرائيلي كبير سابق أجرى أمس مع بعض من المشاركين في المفاوضات من الوسطاء وشرح لهم كيف نشأ موضوع فيلادلفيا من العدم وأصبح الانسحاب منه لـ 42 يوماً تهديداً وجودياً فورياً على إسرائيل. وعندما سُئل عن ادعاء نتنياهو بأن العالم لن يسمح لنا بالعودة إلى هناك، ضحك وقال إن إسرائيل تفعل هذا دائماً.
وتبين من تحقيقات سابقة فيما يقوله نتنياهو أنه لم يذكر فيلادلفيا إلى أن تبين له بأنه يمكن تحقيق اختراق في الصفقة.
في صباح 3 تموز قدرت إسرائيل أن حماس توشك على إعطاء جواب إيجابي نسبياً، فصرح سموتريتش في المساء قائلاً “لن أتفاجأ إذا ما استجاب السنوار لمقترح الصفقة”. وذلك ليقول إنه يجب عمل كل شيء لمنع تلك الصفقة التي اقترحتها إسرائيل نفسها. وفي الغداة، استجاب السنوار حقاً للمقترح، مما أرضى الوسطاء وجعلهم يعتقدون بوجود احتمال لاختراق الطريق. وهنا في 11 تموز، جاء خطاب نتنياهو الذي طرح فيه محور فيلادلفيا ومعبر رفح، وكأن التواجد فيه مصلحة “وجودية” لإسرائيل.
في هذه اللحظة، هناك شك كبير في أن تتجه الولايات المتحدة إلى وضع مقترح حل وسط، وتعتقد أنه قد يؤدي إلى تفجير المفاوضات وإثارة ضجيج في العالم. في مثل هذا الوضع، ربما يخرج نداء لاستبدال الوسطاء أو طواقم المفاوضات، وطرح منحى جديد: إما كل شيء مقابل كل شيء أو تبديلات صغيرة مثل تدخل روسي لتحرير المخطوفين من ذوي الجنسية الروسية. حصل هذا، ولعل النهاية ستكون صفقة تؤدي إلى تحرير الجميع. لكن هل يبقى المخطوفون على قيد الحياة حتى ذلك الوقت؟