قال المُحلِّل العسكريّ في موقع (YNET) يوآف زيتون، إنّ المُقاتلات الحربيّة التي شاركت في الهجوم عادت بسلامٍ إلى مواقعها في الكيان، مدعيًا أنّ إيران اعترفت بأنّها تعرّضت للأضرار.
وشدّدّ المحلل، نقلاً عن مصادره الأمنيّة بتل أبيب، على أنّه نزولاً عند رغبة الولايات المُتحدّة الأمريكيّة فقد استهدفت إسرائيل مواقع عسكريّة فقط، منها مواقع لإنتاج الصواريخ، مواقع للصواريخ ضدّ الطائرات ومواقع لإنتاج صواريخ أرض-أرض، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ رسالة الكيان لإيران إذا ارتكبتم خطأً، سنقوم بجولةٍ أخرى، وسنكون مُجبرين على الردّ عليكم، طبقًا للمصادر الأمنيّة الرفيعة، التي أكّدت أيضًا أنّه لا تغييرات في توجيهات الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة.
وكان المؤرّخ العسكريّ الإسرائيليّ البروفيسور أفنير كوهن، قد قال هذا الشهر في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة إنّه “في أفضل الحالات، تستطيع إسرائيل ضرب (عنق الزجاجة) الحساسة للمشروع النوويّ الإيرانيّ، لكن حتى في هذه الحالة، يجب ألّا نخدع أنفسنا. فعلى الأرجح، تستطيع إسرائيل في ضربةٍ واحدةٍ أنْ تربح وقتًا، وبحسب الخبراء العسكريين، من المتوقع أنْ تؤخر المشروع عامًا، أوْ نصف عام، لا أكثر”.
وشدّدّ البروفيسور على أنّه “سيكون ثمن كسب الوقت هذا باهظًا، حرب استنزاف بين إسرائيل وإيران، تستمر أسابيع، وربما شهورًا، فهل تريد إسرائيل، أوْ هي قادرة على الدخول في مثل هذه الحرب؟”، على حدّ تعبيره.
وتابع الباحث الإسرائيليّ في مقاله: “يرى كثيرون أنّ إيران تقف على مسافةٍ قصيرةٍ جدًا من القنبلة، لأنّها لم تستكمل كلّ الأعمال المطلوبة من أجل إنتاجها. مَن يرى الأمور بهذه الطريقة، لا يفهم ديناميكيّة الصناعة النوويّة في إيران”.
وأردف: “يخطئ مَنْ يعتقد أنّ الإيرانيين لم يستكملوا إنتاج القنبلة لأنّهم لم ينهوا الأعمال التقنيّة، وإنّ إيران لا تزال تتردد، على خلفيةٍ سياسيّةٍ أوْ دينيّةٍ، فيما يتعلق بإنتاج القنبلة والتحول إلى دولةٍ نوويّةٍ بكل معنى الكلمة. لو شاءت وقررت أنْ تكون دولةً نوويةً، فإنّها قادرة على الوصول إلى هدفها خلال وقتٍ قصيرٍ، لكنّها تُفضِّل أنْ تكون دولةً على عتبة النوويّ”، بحسب أقواله.
وتابع: “في تقديري، أنّ إيران قريبة من العتبة، ليس فقط من حيث حجم المواد الانشطاريّة التي تحتاجها القنبلة، بل هي قريبة أيضًا من ناحية الانتهاء من كلّ العمل على مجموعة السلاح، وفي تقديري، إيران اليوم على مسافةٍ قريبةٍ جدًا من القنبلة، مسافة أسابيع، أو أيام فقط”، طبقًا لأقواله.
وأوضح البروفيسور: “هنا تأتي الحجة الثانية والأكثر أهمية ضدّ هجوم إسرائيل على المنشآت النووية في إيران. لن يعرقل مثل هذا الهجوم المشروع النوويّ في إيران كثيرًا، ولن يدمره، أوْ يفككه، بل يمكن أنْ يكون الرسالة الأخيرة قبل اتخاذ إيران القرار السياسيّ بشأن التحول إلى دولةٍ نوويّةٍ بكلّ معنى الكلمة”، لافتًا إلى أنّه “في الماضي، أعلن الإيرانيون أنّه إذا هاجمتهم إسرائيل، فسيغادرون اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النوويّة، ويتحولون إلى دولةٍ نوويّةٍ. وأقترح عدم الاستخفاف بهذه التصريحات”.
واختتم المؤرّخ العسكريّ الإسرائيليّ: “المفارقة أنّ ما يشجع الإسرائيليين على الهجوم، أيْ الرغبة في منع إيران من أنْ تصبح نووية، هو الذي سيضمن أنْ تتخطى إيران العتبة، وتُجري تجربة، وتتحول إلى دولةٍ نوويّةٍ. إسرائيل ستردّ بالتأكيد بخطوةٍ مشابهةٍ، والصراع بين إسرائيل والمحور الإيرانيّ سيُصبح نوويًا، وهذا السيناريو كارثيّ”، طبقًا لأقواله.
في السياق، نقل محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، عن مصادره الأمنيّة قولها إنّه “كان من المفترض بسلسلة النجاحات العسكرية التي حققتها إسرائيل، مؤخرًا، أنْ تتيح لها تقديم صورة انتصار على عدة جبهات، وتمهّد لإستراتيجيا تضمن الخروج من الحرب الإقليميّة، بعد أنْ ألحقت إسرائيل أضرارًا كبيرة بحزب الله، وتمكنت من القضاء على معظم قياداته وقيادات (حماس)، ودمرت البنية التحتية العسكرية في الجنوب اللبناني، وقصفت مواقع (حماس) بشدة في قطاع غزة، وهو ما منحها تفوقًا، بعد أكثر من عام من الحرب المكلفة والشاقة”، بحسب مزاعمها.
وتابع أنّه “على الرغم من ذلك، فإنّ إسرائيل ذاهبة في الاتجاه المعاكس تمامًا، على ما يبدو، لتبقى متورطةً في غزة من دون أنْ تتخذ خطواتٍ جادّةٍ نحو صفقة تحرير الأسرى، على الرغم من اغتيال قائد (حماس) يحيى السنوار. وكذلك، على الرغم من أنّ الجيش يسعى لإنهاء العمليات في لبنان، فإنّ الحكومة لا تُبدي أيّ استعداداتٍ للتوصل إلى تسويةٍ سياسيّةٍ قريبًا، فخلال اليومين الأخيريْن، قُتل 13 جنديًا وضابطًا في جنوب لبنان وغزّة، وفي ظلّ الرشقات الصاروخية التي استهدفت الشمال، قتِل اثنان مدنيان، وامتدت صافرات الإنذار خلال العيد لتصل إلى وسط البلد. ولا يزال الحديث قائمًا عن جولةٍ متوقعةٍ من الضربات الباليستية المتبادلة بين إسرائيل وإيران في الأيام المقبلة”.
الآن بعد أنْ نفذّت إسرائيل ضربتها، البعيدة كلّ البعد عن تهديداتها، ومنها استهداف المرشد الأعلى للثورة، الإمام علي خامنئي، انتقلت الكرة في لعبة (بينغ بونغ) إلى طهران، التي وفق كلّ المؤشِّرات والدلائل ستقوم بالردّ على هذا العدوان الذي انتهك سيادتها.