لوفيغارو الفرنسية: هذه أسلحة بن سلمان في مواجهة بايدن الذي أقسم على أن يجعله “منبوذا”

توقفت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية عند كشف صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن ولييْ العهد السعودي محمد بن سلمان، والإماراتي محمد بن زايد، رفضا تلقي مكالمة هاتفية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أراد إقناعهما بزيادة إنتاج بلديْهما من النفط لتعويض نقص النفط الروسي الذي منعته واشنطن من دخول أسواقها، وبالتالي وقف الانفجار في الأسعار.

وقالت “لوفيغارو” إنه في أروقة القصور السعودية والإماراتية يتم ترديد: “هذه الحرب بين روسيا و أوكرانيا ولا تعنينا”، حيث يرفض البلدان التضحية بالشراكة موسكو، في وقت توجد فيه تحفظات كثيرة على العلاقة مع الحليف الأمريكي.

وتنقل “لوفيغارو” عن علي الشهابي، الخبير السعودي المقيم عبر المحيط الأطلسي، والذي وصفته بالمقرب من محمد بن سلمان، قوله: “علاقتنا مع واشنطن باقية، لكنها لا تقوم على الزواج الأحادي”. وتضيف: “من خلال رفضه التواصل مع جو بايدن، ينتقم محمد بن سلمان من الرجل الذي أقسم أن يجعله منبوذا، بعد أن حددت وكالة المخابرات المركزية مسؤوليته في اغتيال المعارض جمال خاشقجي عام 2018”.

وأشارت الصحيفة إلى ما صرح به بن سلمان في مقابلة الأسبوع الماضي مع مجلة The Atlantic: “لا يهم أن جو بايدن أساء فهمي، يجب أن يركز على مصالح الولايات المتحدة”.

وأوضحت أن السعودية والإمارات، وبدرجة أقل الكويت والعراق، هما العضوان الوحيدان في “أوبك” القادران على توفير المزيد من النفط لتعويض انخفاض الصادرات الروسية. وفي مواجهته مع واشنطن، ما يزال بن سلمان يمتلك أسلحة أخرى، بما في ذلك 800 مليار دولار من الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة التي يمكنه تقليصها. علاوة على ذلك، إذا ظل ولي العهد السعودي شخصا غير مرغوب فيه في البيت الأبيض، فإن بورصة “وول ستريت” لا تتجاهله، إذ تظل الشركات الأمريكية الكبرى مهتمة جدا بمشاريعه لتحديث المملكة العربية السعودية، وفق الصحيفة الفرنسية.

شراكات أمنية استراتيجية
مضت “لوفيغارو” إلى القول إنه “في الواقع، فإن البرودة السعودية تجاه الولايات المتحدة سبقت محمد بن سلمان، حيث تغذت في عام 2015 بالتقارب الأمريكي مع إيران أثناء إبرام الاتفاق النووي، وفي عام 2011 بالتخلي عن حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولا سيما الرئيس المصري السابق حسني مبارك خلال الثورات العربية. على الأقل فلاديمير بوتين لم يتخل عن حليفه بشار الأسد”، يلاحظ معلق في أبو ظبي، حيث يُأسف، كما في الرياض، على القرار الأمريكي بالانسحاب من الشرق الأوسط والانطلاق نحو المحيط الهادئ لمواجهة الصين هناك.

ففي بداية شهر مارس الجاري، لم يتردد ولي العهد الإماراتي في التحدث عبر الهاتف مع فلاديمير بوتين، بعد أقل من أسبوع من امتناع بلاده، العضو حاليا في مجلس الأمن الدولي، عن التصويت على قرارل لشجب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وهو ما يُعد زلزالا صغيرا في العلاقة الاستراتيجية بين أبوظبي وواشنطن. لكن يمكن تفسير هذا الامتناع من خلال مساومة روسية إماراتية صوتت في نهايتها موسكو -بعد ثلاثة أيام وما زالت في الأمم المتحدة- مع الإمارات لتصنيف المتمردين الحوثيين على أنهم إرهابيون أطلقوا صواريخ على أبو ظبي. وهو تفسير نفته الإمارات كم توضح “لوفيغارو”.

والحرب في اليمن هي موضوع خلاف آخر بين واشنطن والثنائي السعودي الإماراتي، حيث يأسف الأخير للدعم الأمريكي الضعيف للغاية في مواجهة المتمردين المسلحين من إيران.

وبعد إدراك  الرياض وأبوظبي أن الولايات المتحدة لم تعد حليفا موثوقا فيه كفاية، دخلت الدولتان في شراكات أمنية استراتيجية مع موسكو، مع دعم مبيعات الأسلحة. وبين عامي 2013 و2018 ، زار محمد بن زايد موسكو ست مرات على الأقل. من جانبه، ما يزال رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي، كيريل ديميترييف، الذي طالته عقوبات الغرب الأسبوع الماضي، نشطاً  في الرياض.

أخيرا، في الوقت الذي يتم فيه إغلاق خزائن موناكو أو جزر المالديف، تظل دبي ملاذا ضريبيا يحظى بتقدير موسكو. وفقا لصحيفة نيويورك تايمز، يمتلك ما لا يقل عن 38 من رجال الأعمال أو المسؤولين الروس المرتبطين بفلاديمير بوتين أصولا عقارية هناك تزيد قيمتها عن 314 مليون دولار.

 لكن في مواجهة أزمة دولية، إلى متى يمكن لدول الخليج أن تبتعد عنها؟ يسأل الباحث حسين إيبش. ويعتقد البعض أن محمد بن سلمان قد يطالب أخيرا جو بايدن بإعادة تأهيله دوليا، مقابل مرونة سعودية في سوق النفط.