في خطوة وصفها المراقبون بـ “المهمة”، رحبت الفصائل الفلسطينية بدعوة الرئيس الجزائري عبدالحميد تبون لعقد مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية بهدف تحقيق المصالحة.
وأعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن بلاده ستمنح دولة فلسطين شيكا بـ 100 مليون دولار، وتخصص 300 منحة دراسية لفائدة الطلبة الفلسطينيين، كما أن بلاده ستستضيف ندوة جامعة للفصائل الفلسطينية قريبا.
إعلان تبون جاء خلال حديثه في مؤتمر صحافي، عقب استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في الجزائر العاصمة، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد أخذ رأي الرئيس عباس.
إعلان تبون وترحيب حماس
وفي ندوة صحفية جمعت تبون بالرئيس الفلسطيني محمود عباس قال تبون إن العلاقة بين بلاده وفلسطين “أكبر بكثير من أن يتم وصفها، فهي تجسد القيم المثلى والمشتركة في النضال والتضحية والتحرر” ، وأضاف تبون أن القضية الفلسطينية ستكون في صلب القمة العربية المقبلة في الجزائر.
وفي بيان لها، قالت حركة حماس: “نقدر عاليا الموقف التاريخي للجزائر، حكومة وشعبا، في دعم شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، وحقه في المقاومة والتحرير، وبهذه المناسبة فإننا نرحب بدعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لعقد لقاء للفصائل الفلسطينية في الجزائر”.
وأضافت الحركة: “حماس ملتزمة بموقفها وسياستها الثابتة بالترحيب بكل جهد عربي وإسلامي ووطني لتوحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام، وهي كلها جهود مقدرة ومشكورة”.
مبالغة البعض
قال مصباح أبوكرش، المحلل السياسي الفلسطيني أن البعض بالغ في تقديراتهم لخلفية تلك الدعوة التي قام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتوجيهها للفصائل الفلسطينية بهدف تحقيق المصالحة.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، من الغريب محاولة البعض الآخر القيام بربط هذه الدعوة بالمستجدات الخاصة بتطبيع المغرب مع إسرائيل والتخوفات الجزائرية من بعض الأهداف التي تسعى المغرب لتحقيقها حسب الادعاء الجزائري من خلال هذه العملية؛ وعلى رأس ذلك الحصول على اعتراف من واشنطن بمغربية الصحراء من جهة؛ وإنشاء خط عسكري مغربي إسرائيلي موجه ضد الجزائر من جهة أخرى.
ويرى أبوكرش أن محاولة ربط الأمور ببعضها الآخر لا تصب سياسيا في صالح الفلسطينيين وتزيد الموقف تعقيدا بالنسبة لهم؛ فالترتيبات التي تقودها واشنطن من خلال التطبيع العربي الإسرائيلي تهدف بشكل مبطن لإظهار الفلسطينيين على أنهم طرف مشارك في أكثر من عملية نزاع بين الأشقاء العرب؛ أضف إلى ذلك شحن الأجواء بينهم وبين دول الجوار مصر والأردن.
وتابع: “حيث ترى هذه الدول بأنها الأحق والأجدر برعاية أي تطورات يمكن أن تحدث في الملف الفلسطيني ولا سيما تحقيق المصالحة الفلسطينية؛ وهو الأمر الذي يجب أن ينتبه له جيدا قادة العمل السياسي في فلسطين وخاصة في فصائل المقاومة الفلسطينية”.
وفيما يخص التقديرات حول ما يمكن تحقيقه فلسطينيا من خلال هذه الدعوة على مستوى ملف المصالحة؛ لا يعتقد أبوكرش أن هناك جديدا إيجابيا يمكن أن يحدث في ظل تواصل الفيتو الأمريكي الإسرائيلي على هذه المصالحة؛ وهو الأمر الذي يلتزم به الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
دعوة مهمة
بدوره اعتبر المستشار زيد الأيوبي، المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة فتح، أن دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لعقد مؤتمر فلسطيني جامع للفصائل الفلسطينية في الجزائر قبل القمة العربية القادمة دعوة مهمة وغالية على قلوب كل الفلسطينيين حيث يرحب بها الكل الفلسطيني.
وشدد الأيوبي في حديثه لـ “سبوتنيك”، على مكانة الحزائر الكبيرة في قلوب الفلسطينيين والتي يمكن أن تساهم في إنجاح هذا المؤتمر خاصة إذا حضرت حماس والفصائل المدعومة من إيران هذا المؤتمر بنوايا صافية وفق أجندة وطنية فلسطينية.
ويرى الأيوبي، أنه لا يكفي لحركة حماس وقادتها أن ترحب في هذه الدعوة وتؤكد مشاركتها في هذا المؤتمر الهام بل أن الأقوال يجب أن تقترن بالأفعال وعليها خلق أجواء وطنية إيجابية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في غزة قبل هذا المؤتمر كإعلان عن جدية وحسن نوايا تجاه المجهود الجزائري لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية.
وأكد الأيوبي أن حركة فتح جاهزة ومستعدة فورا لتقديم كل ما يلزم لإنجاح هذا المؤتمر الذي سيعقد برعاية الجزائريين كما أن الحركة مستعدة للمساهمة في تذليل كل العقوبات لتحقيق المصالحة الوطنية وإعادة الشرعية الفلسطينية إلى غزة للتفرغ للتناقض الأساسي مع إسرائيل.
وكان من المقرر أن تجرى الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل خلال العام الجاري؛ تشريعية في 22 مايو/ أيار، ورئاسية في 31 يوليو/ تموز، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/ آب، الماضي.
لكن في 29 أبريل/ نيسان الماضي، أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تأجيل الانتخابات العامة “لحين ضمان عقدها في القدس”. وقال في خطاب نقله التلفزيون: “لا تنازل عن القدس ولا تنازل عن ممارسة الشعب حقه الديمقراطي في القدس. إسرائيل قررت قتل العرب بالقدس ولن نسمح لها بذلك”.
ورفض عباس إجراء الانتخابات دون مشاركة القدس، وذلك بعدما رفضت إسرائيل طلبه مشاركة المدينة، حسب الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.