كشفت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، بعد ان أكّدت أنّها حصلت على إذنٍ خاصٍّ من الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة، التي سمحت لها بالنشر، إنّ الضربة العسكريّة الإسرائيليّة ضدّ إيران ستكون شديدةً جدًا، وأنّ صُنّاع القرار في تل أبيب سيقومون بتنفيذها رغم المخاطر من تعرّض أبنيةٍ شاهقةٍ في عمق الكيان للتدمير الكامل، بحسب مصادرها في تل أبيب.
وفي السياق، قال وزير الأمن الإسرائيلي ليلة أمس الأربعاء، خلال زيارته للوحدة السريّة 9900، التي تعمل في مجال جمع المعلومات في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، وبعد أنْ تلقى إحاطةً شاملةً عن الوضع الأمنيّ في منطقة الشرق الأوسط، قال لعناصر الوحدة السريّة، وفق ما نقلت عنه القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، إنّ “الهجوم الإيرانيّ يوم الثلاثاء قبل الفائت كان صعبًا، ولكنّه في الوقت عينه لم يكُن دقيقًا ومُحددًّا، والصواريخ الإيرانيّة لم تُصِب القواعد العسكريّة الإسرائيليّة، ولا مدرجات المطارات، بالمُقابِل، فإنّ الهجوم الذي سنقوم بشنّه ضدّ إيران سيكون قاتلاً، ودقيقًا، والأهم من هذا وذاك، أنّه سيكون مفاجئًا، ولن يفهم الإيرانيون من أين يأتي إليهم هذا الهجوم وكيف”، على حدّ تعبيره.
وتابع قائلاً إنّ “الإيرانيين لن يفهموا كيف تمّ الهجوم القتِل عليهم”، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ “سلاح الجوّ الإسرائيليّ، المُزوّد بالمعلومات الاستخباراتيّة الدقيقة سيُوجِه الضربة المُميتة لإيران، لأنّ منطقة الشرق الأوسط، باتت على يقينٍ بأنّ كلّ مَنْ يتجرأ بالاعتداء على إسرائيل فإنّه يدفع الثمن باهظًا”، طبقًا لأقواله.
وعلى الرغم من خلافه الشخصيّ والسياسيّ والأمنيّ مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، شدّدّ وزير الأمن الإسرائيليّ على أنّه في قضية ما أسماه عقاب إيران على تماديها وضرب إسرائيل بالصواريخ فإنّ هناك وحدةً كاملةً وشاملة تبدأ من الجنديّ العاديّ مرورًا بالضباط وحتى رئيس هيئة الأركان العامّة في جيش الاحتلال، الجنرال هرتسي هليفي، فوزير الأمن ورئيس الوزراء، “جميعنا موحدون في قضية توجيه الضربة لإيران”، كما قال.
على صلةٍ بما سلف، قال المؤرّخ العسكريّ الإسرائيليّ البروفيسور أفنير كوهن، في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة إنّه “في أفضل الحالات، تستطيع إسرائيل ضرب (عنق الزجاجة) الحساسة للمشروع النوويّ الإيرانيّ، لكن حتى في هذه الحالة، يجب ألّا نخدع أنفسنا. فعلى الأرجح، تستطيع إسرائيل في ضربةٍ واحدةٍ أنْ تربح وقتًا، وبحسب الخبراء العسكريين، من المتوقع أنْ تؤخر المشروع عامًا، أوْ نصف عام، لا أكثر”.
وشدّدّ البروفيسور على أنّه “سيكون ثمن كسب الوقت هذا باهظًا، حرب استنزاف بين إسرائيل وإيران، تستمر أسابيع، وربما شهورًا، فهل تريد إسرائيل، أوْ هي قادرة على الدخول في مثل هذه الحرب؟”، على حدّ تعبيره.
وتابع الباحث الإسرائيليّ في مقاله: “يرى كثيرون أنّ إيران تقف على مسافةٍ قصيرةٍ جدًا من القنبلة، لأنّها لم تستكمل كلّ الأعمال المطلوبة من أجل إنتاجها. مَن يرى الأمور بهذه الطريقة، لا يفهم ديناميكيّة الصناعة النوويّة في إيران”.
وأردف: “يخطئ مَنْ يعتقد أنّ الإيرانيين لم يستكملوا إنتاج القنبلة لأنّهم لم ينهوا الأعمال التقنيّة، وإنّ إيران لا تزال تتردد، على خلفيةٍ سياسيّةٍ أوْ دينيّةٍ، فيما يتعلق بإنتاج القنبلة والتحول إلى دولةٍ نوويّةٍ بكل معنى الكلمة. لو شاءت وقررت أنْ تكون دولةً نوويةً، فإنّها قادرة على الوصول إلى هدفها خلال وقتٍ قصيرٍ، لكنّها تُفضِّل أنْ تكون دولةً على عتبة النوويّ”، بحسب أقواله.
وتابع: “في تقديري، أنّ إيران قريبة من العتبة، ليس فقط من حيث حجم المواد الانشطاريّة التي تحتاجها القنبلة، بل هي قريبة أيضًا من ناحية الانتهاء من كلّ العمل على مجموعة السلاح، وفي تقديري، إيران اليوم على مسافةٍ قريبةٍ جدًا من القنبلة، مسافة أسابيع، أو أيام فقط”.
وأوضح البروفيسور: “هنا تأتي الحجة الثانية والأكثر أهمية ضد هجوم إسرائيل على المنشآت النووية في إيران. لن يعرقل مثل هذا الهجوم المشروع النووي في إيران كثيرًا، ولن يدمره، أوْ يفككه، بل يمكن أنْ يكون الرسالة الأخيرة قبل اتخاذ إيران القرار السياسيّ بشأن التحول إلى دولةٍ نوويّةٍ بكلّ معنى الكلمة”، لافتًا إلى أنّه ” في الماضي، أعلن الإيرانيون أنّه إذا هاجمتهم إسرائيل، فسيغادرون اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النوويّة، ويتحولون إلى دولةٍ نوويّةٍ. وأقترح عدم الاستخفاف بهذه التصريحات.”
واختتم المؤرّخ العسكريّ الإسرائيليّة مقاله، الذي نقلته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة) “المفارقة أنّ ما يشجع الإسرائيليين على الهجوم، أيْ الرغبة في منع إيران من أنْ تصبح نووية، هو الذي سيضمن أنْ تتخطى إيران العتبة، وتُجري تجربة، وتتحول إلى دولةٍ نوويّةٍ. إسرائيل ستردّ بالتأكيد بخطوةٍ مشابهةٍ، والصراع بين إسرائيل والمحور الإيرانيّ سيصبح نوويًا، وهذا السيناريو كارثيّ”، طبقًا لأقواله.