يحاول محللون إسرائيليون تصوير أداء الحكومة الإسرائيلية، وكذلك أداء رئيسيها، الفعلي نفتالي بينيت، و”البديل”، وزير الخارجية يائير لبيد، أنه مختلف عن أداء رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، والإيحاء بأنه أفضل أيضا.
“بكل ما يتعلق بالأسلوب، بينيت ينجح حتى الآن بأن يكون العكس من نتنياهو؛ وبكل ما يتعلق بالجوهر، فالتغيير جزئي وحسب”، وفق ما أشار المحلل السياسي في موقع “واللا” الإلكتروني، باراك رافيد، اليوم الاربعاء، في تقرير حول مرور 100 يوم على ولاية حكومة بينيت – لبيد.
والموضوع الأهم الذي أراد بينيت ولبيد إبراز الفرق بينهما وبين نتنياهو، منذ بداية ولاية الحكومة الجديدة، هو العلاقات مع الولايات المتحدة. وأشار رافيد إلى أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، ومستشاريه، “وجميعهم عملوا في إدارة باراك أوباما، يذكرون جيدا العلاقات المتوترة مع نتنياهو وتدخله في السياسة الأميركية. ولم يبذلوا في البيت الأبيض جهدا من أجل إخفاء رضاهم من مغادرة نتنياهو لمنصبه واستعدادهم لمساعدة خلفه الشاب. فقد مرّت ساعتان فقط منذ تنصيب بينيت رئيسا للحكومة حتى تلقى اتصالا مبارِكا من بايدن. وللمقارنة فقط، نتنياهو انتظر شهرا بعد تنصيب بايدن كي يتصل به الرئيس الجديد”.
ويشدد بينيت ولبيد منذ تشكل الحكومة على أنهما سيديران الخلافات مع الولايات المتحدة بصورة سرية، ولن يدخلا في معارك ضد إدارة بايدن، سعيا إلى تحسين العلاقات مع الحزب الديمقراطي وأن في مقدمة أولوياتهما العودة إلى دعم الحزبين الأميركيين لإسرائيل، بعد 12 عاما رسخ خلالها نتنياهو التوتر مع الديمقراطيين.
ولفت رافيد إلى تحسين حكومة بينيت – لبيد العلاقات مع الأردن، التي تتالت الأزمات فيها خلال ولاية نتنياهو. والتقى بينيت مع الملك عبد الله الثاني في عمان، والتقى لبيد مع نظيره الأردني في جسر اللنبي.
واعتبر رافيد أن “بينيت أجرى تغييرا سياسيا ملموسا تجاه السلطة الفلسطينية في المئة يوم الأولى من ولايته. فقد صرح نتنياهو طوال سنين بأنه يؤيد دولة فلسطينية ومعني بمفاوضات مع الرئيس الفلسطيني أبو مازن، لكن فعليا لم يفعل شيئا من أجل دفع الموضوع قدما وحتى أنه سعى إلى إضعاف السلطة الفلسطينية”.
وأضاف أن “بينيت هو رئيس الحكومة الأول الذي يشدد أنه ليس معنيا بمفاوضات سياسية مع الفلسطينيين، لكن في المقابل صرح بأنه سينفذ خطوات من أجل تقليص الصراع (مصطلح يعني عدم حل الصراع) وتحسين الوضع الميداني. وكان لقاء وزير الأمن، بيني غانتس، مع رئيس السلطة والذي صادق عليه بينيت، الخطوة الأبرز، ومنح 15 ألف تصريح عمل آخر في إسرائيل لعمال فلسطينيين والتصريح بدمج السلطة في أي خطوة لإعادة إعمار غزة”.
وأشار رافيد إلى أن “بينيت لم يغير السياسة تجاه قطاع غزة بشكل ملموس. ونقل المسؤولية عن العناية بهذا الموضوع إلى غانتس، الذي يحاول التوصل إلى تهدئة، دون نجاح ملموس حتى الآن. ويستمر ضخ المال القطري بغالبيته إلى غزة. وطرح لبيد خطة أولية جدا بشأن إعادة الإعمار، لكن في المئة يوم الأولى تُحمد الحكومة حرائق في غزة وتحاول منع استئناف التصعيد. والبحث في إستراتيجية لقضية غزة واتخاذ قرارات أكثر أهمية ستنتظر إلى وقت لاحق، إذا كان سيتم ذلك اصلا”.
ويتوقع أن يتحدث بينيت خلال خطاب يلقيه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع المقبل، عن إيران، سياسته تجاه الشرق الأوسط، تعامل مؤسسات الأمم المتحدة مع إسرائيل. وحسب رافيد، فإنه “خلافا لنتنياهو، يعتزم بينيت طرح الأمور بشكل مختلف. وبدلا من أوصاف خلاصية وروح قاتمة، يريد بينيت أن يبث في خطابه توجها متفائلا يوضح أنه طرأ تغيرا في إسرائيل”.
ووفقا لرافيد، فإنه خلال ولايته في الـ12 عاما الأخيرة، كان نتنياهو يطالب أجهزة الأمن، قبل توجهه للخطاب السنوي في الأمم المتحدة، بتزويده بمعطيات حول البرنامج النووي الإيراني وصور أقمار اصطناعية حول مصانع صواريخ حزب الله. وفي الأيام الأخيرة، رفض بينيت توجهات أجهزة الأمن حول ما إذا كان يريد معلومات كهذه حول إيران وحزب الله.
وأضاف رافيد أن “بينيت أجرى تغييرا سياسيا في الأسلوب تجاه الموضوع الإيراني. وقرر ألا يخوض حملة علنية ضد عودة أميركية إلى الاتفاق النووي وعدم الدخول في مواجهة مع بايدن في هذا الموضوع. ويريد بينيت النظر إلى ما سيفعلون في اليوم التالي لعودة أميركية للاتفاق، أو إلى اليوم الذي يلي توصل الأميركيين إلى استنتاج بعدم العودة إلى الاتفاق. واستعرض خلال زيارته إلى واشنطن افكارا أولية فقط، وكي تتبلور إلى سياسة فإنها تحتاج إلى عمل كثير”.
وأشار رافيد إلى تعيين بينيت لمستشار الأمن القومي، أيال حولتا، والمستشارة السياسية، شيمريت مئير، والسفير في واشنطن، مايك هرتسوغ، وأن هؤلاء الثلاثة “جميعهم مهنيون وليس بالضرورة أن تكون مواقفهم السياسية مطابقة له”.
وخلص رافيد إلى أنه “ما زال من الصعب الحكم بشكل عميق على أداء حكومة بينيت – لبيد في المجال السياسي. وأيام ولايتها المئة هي بمثابة انطباع أولي وحسب. فبينيت ولبيد لم يواجها بعد أزمة سياسية أو أمنية كبيرة ولا يزالان يستفيدان من أن دولا كثيرة في العالم تريد الحفاظ على الحكومة الجديدة من أجل منع عودة نتنياهو إلى الحلبة. ولن يستمر شهر العسل هذا فترة طويلة. وبعد المصادقة على الميزانية في تشرين الثاني/نوفمبر، سيريدون في العالم أن يروا أفعالا وليس كلاما فقط”.