وصف محللون اقتصاديون إسرائيليون اليوم، الأربعاء، صفقة بيع السيطرة على شركة التأمين الإسرائيلية العملاقة “هفينيكس” لصندوق الاستثمارات ADQ التابع لحكومة أبو ظبي، والتي تم الإعلان عنها أمس، بأنها صفقة “خطيرة وغير مسبوقة”.
ووقعت ADQ، أمس، على مذكرة تفاهمات مع صناديق الاستثمارات الخاصة الأميركية، سنتربريدج وغلاتون بوينت، تقضي بشراء ADQ 25% من الأسهم والسيطرة على “هفينيكس” مقابل 2.5 مليار شيكل، بعد مفاوضات بين أطراف الصفقة في الفترة الأخيرة.
واعتبر محللون اقتصاديون إسرائيليون أن دوافع هذه الصفقة سياسية وليست اقتصادية، بسبب أنه يرأس ADQ “أحد أقوى الأشخاص في العالم التجاري والسياسي في أبو ظبي، وهو (مستشار الأمن الوطني الإماراتي) طحنون بن زايد، شقيق حاكم الإمارات (محمد بن زايد). أي أن الاستثمارات تُدار بتنسيق وتشاور مع قيادة الدولة. ولذلك فإن لهذه الصفقة أهمية كبيرة لكونها ربما بداية لاستثمارات أخرى واهتمام متزايد من جانب الإمارات للاستثمار في شركات إسرائيلية”، بحسب المحلل داني زاكين في صحيفة “غلوبس”.
وكتب المحلل الاقتصادي ورئيس تحرير صحيفة “ذي ماركر”، غاي رولنيك، أن “هذه صفقة خطيرة وغير مسبوقة، وينبغي فعل أي شيء من أجل وقفها، لأن الحافز من ورائها سياسي. وهذه طريقة حكومة أبو ظبي، نظام الملكية المطلقة الذي يسيطر على الصندوق، لزيادة التأثير السياسي في العالم كله”.
وأشار رولنيك، الذي يعتبر المحلل الاقتصادي الأكثر تأثيرا في إسرائيل، إلى أن ADQ تحولت في السنة الأخيرة إلى أحد أكثر صناديق الاستثمار في الشرق الأوسط، ونفذت أكثر من 25 استثمارا بمبلغ 6.6 مليار دولار. “والهدف الأساسي من حملة الشراء هذه في الشرق الأوسط – في تركيا ومصر وإسرائيل – هو زيادة قوة وتأثير أبو ظبي في المنطقة”.
وأضاف أنه “بعد توقيع إسرائيل على اتفاقيات التطبيع مع الإمارات، تبدو استثمارات شركات خاصة وهيئات حكومية إماراتية في إسرائيل كأنها أمر طبيعي. لكن هذا ليس في حالة هفينيكس، وهي واحدة من أكبر المؤسسات المالية في إسرائيل”.
وتابع رولنيك أنه “إذا صادقت سلطة سوق المال الإسرائيلية على شراء صندوق الاستثمارات من أبو ظبي لهفينيكس، فإنها ستنقل إلى الصندوق الذي يسيطر عليه نظام ملكي مطلق السيطرة على حسابات التقاعد والودائع لمئات آلاف الإسرائيليين، وبمبلغ 370 مليار شيكل تقريبا. وهذا مبلغ هائل، ويشكل أكثر من 10% من مجمل ودائع الجمهور الإسرائيلي”.
واعتبر رولنيك أنه “يوجد فرق كبير بين صندوق استثمار من أبو ظبي وبين صندوق استثمارات أوروبي أو غربي. فصندوق الاستثمارات من أبو ظبي يسيطر عليه نظام ملكي، توجد صعوبة هائلة في إخضاعه والإشراف عليه”.
ولفت في هذا السياق إلى “محاولة مشابهة لصندوق استثمارات صيني من أجل شراء هفينيكس قبل خمس سنوات وفشلت، لأن سلطة سوق المال الإسرائيلية أدركت الخطر الكبير في نقل السيطرة على مؤسسة مالية إسرائيلية إلى شركة صينية. وسلطة صندوق المال لم تعارض رسميا أبدا سيطرة صينية، لكنها تراجعت عن المصادقة لفترة طويلة كي يدرك الصينيون أنه غير مرغوب بهم”.
وتابع رولنيك أن “اعتبارات دبلوماسية وعلاقات معقدة مع دولة استبدادية تحكمها عائلات ثرية، ستصطدم مرة تلو الأخرى بمصالح المودعين في الجهاز المالي الإسرائيلي. وصناديق استثمارات أميركية أو أوروبية تعمل في إطار القانون. وفي نظام ملكي مطلق، السيطرة هي القانون”.
واستقال رئيس سلطة سوق المال الإسرائيلية من منصبه قبل ستة أشهر. وأشار رولنيك إلى أنه يتعين على محافظ بنك إسرائيل التدخل، وعقد مداولات في لجنة الاستقرار المالي، التي يرأسها، “ومطالبتها بالبحث في في هذه الصفقة والإعلان عن أن المستقبل التقاعدي لمواطني إسرائيل ليس للبيع”.
ودعا إلى عقد اللجنة الاستشارية لفحص “بُعد الأمن القومي في الاستثمارات الأجنبية. فدول كثيرة في العالم شكلت وعززت في السنوات الأخيرة أنظمة الدولة لفحص وتصفية الاستثمارات الأجنبية. وفي إسرائيل أيضا، قررت اللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي، قبل ثلاث سنوات، تشكيل نظام لفحص جوانب الأمن القومي في الاستثمارات الأجنبية في البلاد. وشراء سيطرة في مؤسسة مالية كبيرة لهذه الدرجة يتطلب تعاملا من جانب هذه اللجنة”.