لم يُجر مجلس الحرب الإسرائيلي نقاشًا يخصّ ملف الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة منذ 10 أيام، بحسب ما كشفه التلفزيون الإسرائيلي الرسمي “قناة كان”. يقول محللون إنّ سلوك بنيامين نتنياهو في هذا السياق يوحي بأنّه يوافق على شروط حماس التي رفضها سابقًا. ويرى آخرون أنّ هذا الملف تراجعت أهميّته مؤخرًا مقابل تسليط الضوء على الضربة الإيرانية التي استغلّها يحيى السنوار لـ “يعصر إسرائيل أكثر في المفاوضات”.
ورأى المحلل السياسي في القناة الإسرائيلية 12 يارون أبرهام، أنّ يحيى السنوار قائد حركة حماس في قطاع غزة، يُصرُّ على اتفاق الإطار الذي جرى التوصل إليه في العاصمة الفرنسية باريس، بوقف إطلاق نار يمتد على ثلاث مراحل، كل واحدة منها 42 يومًا. مضيفًا أنّ السنوار يقول فعليًا إنه دون ضمانات دولية في هذه المرحلة، وقبل التوصّل إلى الصفقة، وقبل المرحلة الثانية التي تنهي الحرب، فلن تكون هناك مرحلة أولى، بالتالي فإن المعضلة التي يواجهها مجلس الحرب هي واحدة ﻻ غير؛ إمّا التوصل إلى صفقة وإنهاء الحرب، أو عدم التوصل لصفقة.
ما لا نقبله اليوم سنقبله غدًا!
وحاول غيل تماري، محلل الشؤون السياسية في القناة 13 تفسير سلوك بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بملف المفاوضات حول الأسرى، قائلًا إن سلوكه يعطي انطباعًا بأنه يوافق اليوم على شروط حماس التي كان يرفضها قبل ذلك. وأضاف: ما الذي سيحدث مستقبلًا؟ الصفقة التي يقال اليوم إنه ﻻ يمكن القبول بها، سنقبل بها، ولكن حينها لن تكون ذات صلة، والأسرى الإسرائيليين ستصبح أهمية قضيتهم أقل، وهذه هي المشكلة.
يائير لابيد: حكومتنا لا تقوم بوظيفتها
وهاجم يائير لبيد زعيم المعارضة الإسرائيلية في لقاء مع القناة 12 الإسرائيلية الأداء التفاوضي لإسرائيل في ملف الأسرى قائلًا: “لماذا عندما طرح علينا في باريس مقترح استعادة المخطوفين لم تتلقفه إسرائيل بكلتا يديها؟ لماذا لم يعد الموضوع على الطاولة؟ لماذا لم يعودوا إلى بيوتهم حتى الآن؟ ببساطة ليس لدينا حكومة تقوم بوظيفتها في إدارة الدولة”.
تراجعنا ثلاث خطوات
واعتبر أمير بار- شلوم مراسل الشؤون العسكرية في إذاعة الجيش، أن الجهود الإسرائيلية في قضية المخطوفين تراجعت للوراء ثلاث خطوات. ليس هناك الكثير للحديث عنه في هذه المرحلة، ويبدو أنّ الضربة الإيرانية لإسرائيل شجّعت يحيى السنوار، وجعلته يتصلب في مواقفه، وفي إسرائيل تراجعوا للوراء، عبر إتاحة المجال للوسطاء لإنزال حماس عن الشجرة”.
يحيى السنوار يعصرنا كليمونة!
ورأى إيلان سيغف وهو ضابط سابق في جهاز الشاباك، أن يحيى السنوار يواصل تحقيق نجاحات في دفع إسرائيل للتراجع في سياق المفاوضات الرامية للتوصل لصفقة تبادل، وفي كل جولة “السنوار يعصر إسرائيل كالليمونة”، وذلك بخفض عدد الأسرى الإسرائيليين المُفرج عنهم في كل جولة؛ إنه يقرأ الخريطة العسكرية والسياسية واﻻعتبارات الحزبية في “إسرائيل” بشكل أفضل من قراءة كثير من السياسيين والعسكريين لدينا، إنّه يدرك أن لديه فرصة للضغط، وسيواصل الضغط وإذا انتظرنا أسبوعا آخر، فسيخفض العدد إلى عشرة مخطوفين.
الأمور محبطة
واعتبرت دانا فايس محللة الشؤون السياسية في القناة 12 أن تركيز وسائل الإعلام وأيضًا المستوى السياسي على ملف الأسرى الإسرائيليين شهد تراجعًا “لنفحص أين تحدّثنا عن المخطوفين في الأيام الأخيرة، لقد تراجعت قضيتهم إلى أسفل سلم الأولويات، لأنه من طبيعة الأمور أن يتصدّر الهجوم الإيراني والرد عليه العناوين الرئيسة، لذلك فإن كل انتباه وسائل الإعلام يذهب إلى هناك، وتنسى قضية المخطوفين لأنها ليست في دائرة الاهتمام، هذا أولًا. وثانيًا، نحن لا نركّز على قضية رفح حاليًا، ولا على قضية اليوم التالي في غزة، وتحدث لنا مسؤول كبير ضالع في المفاوضات عن أمور محبطة جدًا من وجهة نظري”.
بدأنا نتوه في الأنفاق
وادّعى محلل الشؤون العسكرية في القناة 13 ألون بن دافيد أن الجيش الإسرائيلي لا يمارس ضغطًا عسكريًا يجبر حماس على الخضوع للمقترح الأمريكي لصفقة التبادل. مضيفًا: “لقد ضللنا الطريق في هذه الحرب، فبعد أول شهرين من النجاح، لم نعد نرى الهدف، وبدأنا نتوه في اﻷنفاق، خاصة أنفاق خان يونس”.
وشرح الضابط السابق في جهاز الشاباك إيلان لوتن، للقناة 13 الخيارات المتاحة أمام “إسرائيل” في ملف الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، قائلًا: “لدينا خياران؛ إمّا أن تقول إسرائيل إن الحرب انتهت، وتنسحب من غزة، وتستعيد أسراها، بالتالي هناك من سيقول انتصرنا، وهناك من سيقول لقد هزمنا. والخيار الثاني، أن نبادر إلى الدخول إلى رفح لتفكيك ما تبقى من تشكيلات عسكرية لحماس، وفي هذه الحالة ليس من المضمون استعادة المخطوفين أحياء”.
“الجيش عجز عن حماية والدي”
وعقّبت شاي بنيامين التي يحتجز والدها في غزة على أقوال ضابط الشاباك السابق لوتن، قائلة: “مؤخرًا لا نرى إلّا التوابيت والمخطوفين الذين لقوا مصرعهم في الأسر، وهذه ليست صورة الانتصار، هذه لن تكون أبدًا صورة الانتصار، وإن لم يعد والدي وغيره من المختطفين، لن أبقى للعيش في البلاد، ولن أنجب أطفالًا ليكونوا جنودًا في الجيش الذي عجز عن حماية والدي”.
واختار أور هيلر، مراسل الشؤون العسكرية في القناة 13 الحديث عن عامل تأثير الأزمة مع إيران، وعامل الوقت على ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، بالإشارة إلى أنه “كلما مضى الوقت دون التوصّل لصفقة، ونحن نتطلع لتجاوز الوضع مع إيران، فإن العملية في رفح ستبقى مرهونة بأسابيع طويلة من عملية إخلاء مليون من أهالي غزة إلى الشمال. وربما بعد عيد الفصح اليهودي نهاية نيسان/ أبريل يبدأ الإخلاء الذي يمهّد للعملية في رفح، لكن أيضا هناك الكثير من الاعتبارات السياسية والاستراتيجية”.